البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

إيران "تقرع" طبول الحرب


يتوقع أن تشهد المنطقة خلال الأيام المقبلة مزيدا من حالة عدم الاستقرار والتأزم، عندما يبدأ سريان تطبيق اتفاق ٥+١ الذي من شأنه رفع الحظر والقيود الاقتصادية والتجارية المفروضة على إيران التي بدأت في قرع طبول الفوضى وإشعال حرب الطائفية بالوكالة. 
وسيقوى من هذا الجموح الإيرانى ما أتاحه الاتفاق النووى لطهران ببيع إنتاجها من اليورانيوم ومنتجات معمل «آراك» التي تعمل بالماء الثقيل، وهو ما يجعلها عضوا في نادي الدول التي تتاجر في المنتجات النووية لأغراض سلمية، علاوة على الإفراج عن مليارات الدولارات من أرصدتها المجمدة، بخلاف رفع الحظر المفروض على الطيران الإيرانى منذ ثلاثة عقود، والحظر المفروض على البنك المركزي، وشركة النفط الوطنية. 
ولعل تصريحات المرشد الأعلى، آية الله على خامنئى، التي أكد فيها أن إيران ستبقى في حالة حرب مع أمريكا، وأنها ستساعد شعوب اليمن والبحرين وفلسطين المظلومة بقدر استطاعتها، ثم قوله إن «أمن الخليج من مصلحة الجميع».. أبلغ دليل على ما تنتويه الدولة الصفوية لتنفيذ حلمها بـ«الخليج الفارسى»!! 
ومن قبلها تصريحات القائد العام للحرس الثورى الإيرانى، الجنرال محمد جعفرى، بإن «بلاده بلغت قوة فريدة، لا تريد أن تدخلها، حيز التجربة العملية»، مهددًا بسيطرة القوة البحرية الإيرانية على الخليج العربى ومضيق هرمز وبحر عمان، منهيًا تهديده قائلًا: «دون أدنى شك يمكنا السيطرة».
هذه التصريحات أزعجت وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، مهندس الاتفاق، ووصف تصريحات خامنئى بـ«المقلقة للغاية والمزعجة»، وأنها أحد أسباب لقائه المزمع مع القادة الخليجيين. 
وشدد كيرى على أن ما تملكه دول الخليج من ميزانية عسكرية يتجاوز بمرات ميزانية إيران، وانطلاقًا من هذه النقطة، فإنه بإمكان دول الخليج أن تدفع ضد أنشطة عملاء إيران بطريقة مؤثرة جدًا».
«سكوت مودال»، الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، كشف في تقرير قدمه إلى لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكى عن أجندة إيران في المنطقة التي تقوم على تكوين قوة من مليون مقاتل عبر المنطقة بأسرها، والبدء بنشر قوة من ٢٠٠ ألف مقاتل على طول الطريق من إيران إلى لبنان، وإقامة قواعد يمكن أن تنطلق منها عملياتها بالمنطقة في دول مثل السودان وإثيوبيا!!
وتابع: «تعتمد إيران في محاولتها لبسط نفوذها خارج حدودها، على شبكة من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، يمكن أن يطلق عليها اسم «شبكة التحرك الإيرانية»، أعضاء هذه الشبكة يتولون مهمة التخطيط لزرع عناصر تنفيذ أجندة السياسة الخارجية الإيرانية بشكل خفى غير معلن، مستندين في ذلك إلى الإرهاب، ومحاولات السيطرة والتحكم عبر الاقتصاد، وعمليات تهريب السلاح غير المشروعة، إضافة إلى التلاعب بالمخاوف والطموحات النووية، وتعتمد إيران أساسًا على ثلاث منظمات لتنفيذ توسعاتها وسياساتها الخارجية.
الأولى هي «فيلق القدس»، الذي يعد ضمن قوات النخبة في الحرس الثورى الإيرانى، والمسئول عن التخطيط لحروب العصابات والتحركات العسكرية غير التقليدية التي تخدم الأهداف الإيرانية في المنطقة، بما فيها استخدام واجهات ثقافية واقتصادية ومدنية لتغطية أنشطته في الدول الأخرى، واستخدامها في توجيه التمويل والدعم للجماعات المسلحة والحركات المعارضة الموالية لإيران وأجندتها على امتداد الشرق الأوسط.
وستلجأ إيران إلى محاولة إيجاد نوع آخر من التوازن في القوى الإقليمية، عبر الاعتماد على شبكات الإرهاب وغيرها، كنوع من ضرب الاستقرار والأساس الذي تقوم عليه هذه الدول من حولها.
وعلى الرغم من وجود عوائق كثيرة يمكن أن تقف في وجه هذا الطموح، إلا أن ذلك الهدف يظل حقيقيًا قائمًا بالنسبة لهم، وبشكل يجعلهم يتحركون نحوه باستمرار، وأن برنامجها النووى هو مجرد «رأس حربة» يغطى طموحاتها. 
كما أن تأرجح علاقات بعض بلدان الخليج مع الدولة الإيرانية يثير المزيد من الشكوك حول الطموح الفارسى الذي يسير بنفس خطى وسياسة إسرائيل الصهيونية بالمنطقة، ويمكن إرجاع جانب من ذلك التأرجح لخوف الأسر الحاكمة في الدول الخليجية من مد فكرة الخروج على الحاكم، الذي تدعمه إيران، حيث كان سببا في اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية.
وربما هذا ما دفع خامنئى للقول «إن إيران ستساعد شعوب اليمن والبحرين وفلسطين المظلومة بقدر استطاعتها»!!
ولكنه لم يقترب من المجازر التي يرتكبها حليفها «العلوى الجزار» بشار الأسد، لأنها تدعمها سواء على مستوى الطاولات الرسمية أو أرض المعركة عبر إمداده بالأسلحة، ولا مجال لردها عن استمرار الدعم كونها تدرك أن تخليها عن النظام السورى القائم يعنى أن حزب الله في لبنان سيبقى جبهتها الوحيدة في المنطقة العربية لمواجهة طموحها في إثارة الفوضى!!
وهذا التوجه يظهر الفجوة القائمة بين ما تدعيه طهران بسعيها لعودة العلاقات مع الدول العربية وبين استمرارها في دعم إراقة دم شعب عربى شقيق. 
وبالنسبة لمصر، فلا إنكار بخصوص حرص طهران على عودة العلاقات التي انقطعت بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩، واستقبال القاهرة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات للحاكم المخلوع محمد رضا بهلوى، وهو ما اعتبرته السلطة الجديدة في بلاد فارس تحديا لها، ليزداد الأمر تعقيدا بعد مقتل السادات وإطلاق اسم قاتله على أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة الإيرانية، باعتباره بطلًا تحدى الفرعون.
وبعيدًا عن مسار العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية التي تأرجحت بين ود زائد بزواج شاه إيران بشقيقة الملك فاروق حاكم مصر في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى إلى تطور وصل لحد قطع المجال الجوى بين طهران والقاهرة، سنركز على مكتسبات وخسائر مصر من عودة العلاقات، خاصة بعد الزيارة الشهيرة للرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسي لطهران لتسليم رئاسة قمة عدم الانحياز إلى الرئيس الإيرانى آنذاك «أحمدى نجاد»، والذي رد الزيارة والتقى بعدد كبير من المسئولين بالقاهرة!!