البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

اللى فات ومات


حسب قوانين الجيش الإسرائيلى فى الكشف عن الوثائق بعد فترة محددة كشفوا أخيرا عن فضيحة لا فون التى دبرت لبعض التفجيرات فى سينما بالإسكندرية فى الخمسينيات.. ولا جديد فى الأمر.. فالمخابرات المصرية ضبطتها فى حينها.
أما عندنا فهناك بعض الجرائم التى وقعت بأيدى مصرية ولم نعرف حتى الآن كيف حدثت ومن كان المسئول عنها.. مثلا من الذى دبر حريق القاهرة فى يناير ١٩٥٢؟!
فى اليوم التالى وقبل مجيء الليل أصدر الملك فاروق قرارا بإقالة حكومة حزب الوفد وكأن حزبه هو الذى فعلها، وبالطبع لم تتمكن حكومة الوفد أن تبدأ التحقيق فيما حدث لكن من تولوا الحكم بعدها لم يتمكنوا أيضا من كشف الجناة.
ولما جاءت حكومة محمد نجيب وعبدالناصر فى يوليو من نفس العام فتح التحقيق مرة ثانية ولم يسفر عن أى شيء.. وقال بعضهم إن الجناة من اليهود لكن المشكلة أن ما حرق كان ضد المبانى والشركات اليهودية فقط.. ولم يحدث الحريق بفعل ديناميت أو قنابل يضعها البعض ويجرى كما يحدث الآن.. بل كانت مجموعة من الناس تتحرك معا فى وضح النهار ويلقون على هذه الأبنية كورا مشتعلة بالنار ويجرون لمبنى آخر بنفس الشارع.. بينما المارة يتفرجون ولا يتحرك أحد للتصدى لهم.. ولم تتدخل الشرطة لأن جنودها كانوا فى حالة إضراب منذ الصباح نفسه وانتهز البعض من المارين الفرصة ليستولى على أى شيء بقى من الحريق.. أما الذين ارتكبوه فلم يتعرف عليهم أى أحد فقد اختفوا تماما.
البعض اتهم الملك فاروق بلا أى دليل.. والبعض اتهم هذا الحزب أو ذاك وبالطبع اتهم البعض الإخوان المسلمين.. لأنهم كانوا قد اغتالوا من قبل القاضى الخازندار الذى حكم عليهم فى إحدى القضايا واغتيال رئيس الوزراء أحمد ماهر ثم رئيس الوزراء النقراشى.
ورغم ذلك أصدر عبدالناصر قرارا باختيار ثلاثة من جماعة الإخوان فى حكومته.. لكنهم كانوا يطلبون الأكثر من حليفهم.. فدبروا قتله فى المنشية ولكنهم فشلوا.
وبعد وفاة عبدالناصر صرحت أسرة الدكتور المفتى أنه كان قد كشف على ناصر وصارحه أنه مصاب بالسكر القرمزى والذى يعنى أن قراراته لن تكون صحيحة دائما.. ولما عاد الطبيب لمسكنه نظر إلى شكل عينيه فى المرآة وأدرك أن كوب البرتقال الذى شربه عنده كان مخلوطا بالسم فأبلغ أسرته فورا بأنه سيموت الليلة وهو ما حدث بالفعل.. لكن الأسرة لم تعلن هذا إلا بعد وفاة ناصر بفترة.
وبعد النكسة.. وقع النزاع مع عبدالحكيم عامر الذى أصر على العودة لمركزه مثل عبدالناصر فدعاه لمنزله ولما أدرك أن عبدالناصر لن يعيده حصل له هياج فأخذوه بالقوة ونقل لمكان آخر وتوفى فيه فى اليوم التالى..وأذيع أنه انتحر بنفس السم الذى سقاه للمفتى لكن أسرته من وقتها تحاول عبثا وحتى الآن أن تأخذ حكما بأنه مات مسموما.
لكن ناصر خضع بالفعل لأطباء الاتحاد السوفيتى وظل يعالج عندهم لمدة ونصحوه أن يعتزل الحكم لشهور فى مكان هادئ وعاد فالتزم نصيحتهم حتى وقعت أحداث معركة الأردن والفلسطينيين فعاد ليصالحهما ومات بعد ساعات.. والطريف أنه سرت شائعة بأنه مات مسموما بفعل أمريكا أو إسرائيل وما زال البعض يؤمن بذلك.
وظل الإخوان وأعوانهم يرتكبون جرائم القتل فى عهد السادات كما حدث مع الشيخ الذهبى وغيره.. ولكن عندما غضب السادات على الناصريين، صالحهم ليخلصوه من الناصريين وغاب عنه تاريخهم والذى عايشه بنفسه ولما اكتشف غدرهم به سارعوا باغتياله هو.. وقتلوا أعدادا كبيرة..
وفى عصر مبارك قيل إن سعاد حسنى انتحرت بإلقاء نفسها من طابق علوى فى لندن.. ولكن سرت شائعات عن أنها ألقيت عن عمد حتى لا تكتب سيرة حياتها مع المخابرات التى استخدمتها فى أعمالها قسرا.
وفكر مبارك أيضا أن يهادن الإخوان وخيل له أنه بذلك يلقى لهم بعض العظم ليهدد الشعب بهم.. الحوادث الغامضة كثيرة فى تاريخنا القريب..لكننا لا نعرف حتى الآن حقيقة ما حدث وقد انقضى على أغلب هذه الأحداث أكثر من نصف قرن.. فمتى نكتب تاريخنا الحقيقي؟ وكيف نتأكد منه؟
لكن وإحنا مالنا؟ مثلنا الشعبى يقول «اللى فات مات وإحنا ولاد النهار ده».