البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

باتريك وايت.. المُشرح

البوابة نيوز

أحد أعظم أدباء استراليا في القرن العشرين، واحد من أولئك الذين اهتموا بإبراز الجوانب الإنسانية في أعماله القليلة، وهو الاسترالي الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل في الآداب عام 1973، رغم رفضه عدة جوائز أدبية أشهرها البوكر، التي مُنحت له بعد وفاته، فكانت قيمة الإنسان لديه أعلى من المظاهر أو التكريم، إنه الأديب الأسترالي الكبير باتريك وايت.
ولد باتريك وايت في 28 مايو عام 1912 في العاصمة الإنجليزية لندن لأبوين أستراليين لم تدم إقامتهما بانجلترا، وعادا سريعًا لأستراليا مرة أخرى، لتستقر الأسرة بالعاصمة سيدني، ولكن لمشاكل قائمة بين أعمام الأب ومشاكل زوجاتهم مع أمه عادت الأسرة مرة أخرى إلى انجلترا، حيث مزرعة الجد القابعة بنيو ساوث ويلز.
وعلى الرغم من معاناته من اعتلال صحته في الطفولة، ولكن عند بلوغ باتريك سن الشباب عمل مزارعًا مع أبيه، وفي الفترة نفسها بدأ يقترب من الفن بعد زيارته لإحدى المسرحيات بلندن، فقرر دراسة اللغات الحديثة بجامعة كمبريدج، وبدأ يدخل الأدب من خلال الشعر.
وفي عام 1929 أصدر أول ديوان شعري له "ثلاث عشرة قصيدة"، والذي تمت طباعته بسيدني، وفي عام 1935 أصدر ديوانه الثاني "المزارع"، الذي كان يُعبر عن بيئته، ولكنه رغم هذا لم يجد طموحه الأدبي في الشعر.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 التحق وايت بسلاح الجو الملكي، لتبعية أستراليا للتاج البريطاني، لتُسهم الحرب في إثراء موهبته الأدبية، فأصدر روايته "الوادي السعيد"، وأعقبها عام 1941 برواية "حي وميت" التي كانت تعبر عن رموز الحرب العالمية الثانية.
وبانتهاء الحرب عاد لاستراليا ليستقر بها، واستمر إبداعه على نهج الأدب اللاتيني بإضفاء جو من الغموض والواقعية الساحرة وإبراز عظمة وروعة لقارته الأسترالية، فانطلقت أعماله "قصة العمة، شجرة الإنسان، فوس، راكبو العربة، دائرة الكون، المُشرح، عين العاصفة، حافة ورق الشجر، قضية توايبورن، وذكريات واحدة"؛ كما كتب للمسرح الذي كان نافذته لعالم الأدب، فأصدر"أربع مسرحيات، ليلة على الجبل الأقرع، ألعاب كبيرة، نيزروود، إشارة السائق، ومسرحيات مجمعة".
رفض وايت العديد من الجوائز، فرفض من قبل جائزة البوكر التي منحت لروايته "المُشرح"، وتم ترشيحه لنفس الجائزة بعد وفاته لأنه لم يعد يستطيع رفضها، وعند فوزه بجائزة نوبل عام 1973 خشيت اللجنة من رفضه الجائزة، فأبلغت صديقته الرسامة سيدني نولان لتبلغه بالجائزة ليقبلها على شرط أن تذهب صديقته لاستلامها، ولم يُقدم محاضرة كما هو المعتاد بالأكاديمية السويدية، وألقت سيدني خطبة قصيرة كتبها وايت، مُبديًا فيها سعادته بالجائزة التي ذكرته بزيارته القصيرة لمدينتي إستكهولم ومالمو السويديتين، وهو في السادسة عشرة من عمره. وذكر أن السويد هي التي عرفته بأول كأس من النبيذ ليعيش عيشة الشباب الباحث عن متعة الحياة وصخبها، والآن يعود لها عبر هذا الخطاب حيث التكريم الذي ناله من تلك المدينة الساحرة.
توفيَّ وايت في الثلاثين من سبتمبر عام 1990 عن عمر ثمانية وثمانين عامًا، تاركًا رصيدًا كافيا من أعماله لايزال محبوه يتداولونها حتى الآن.