البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

عبد الرحيم علي يكتب: مؤامرة على السيسي.. «حلف الشيطان» لتفكيك الدولة المصرية.. يديرها إعلاميون وصحفيون وشباب في انتظار القفز على السلطة

الدكتور عبد الرحيم
الدكتور عبد الرحيم علي

لا يمكن لعاقل أن يتجاهل الحوادث الجسيمة التي تحدث في مصر كل يوم، لا يمكن أن يغمى عينيه، ويقول إن كل شىء على ما يُرام، فالواقع فعلا أننا أمام أزمات ضخمة، تضعنا جميعا أمام مسئوليتنا.
قال لى أحدهم: لماذا لا تهاجمون الحكومة وتتهمونها بالفشل، وتعلقون الجرس في رقبة الرئيس، بعد كل كارثة، كما كنتم تفعلون عندما كان محمد مرسي يحكم البلاد؟ ما الذي تغير؟ أم أن الإعلام لا يستطيع أن يتحدث الآن بحرية؟
قلت له المسألة بسيطة جدا، الآن كل من خرج في «30 يونيو» ليزيح حكم الإخوان، وكل من عمل لعزل محمد مرسي، وكل من طالب السيسى بأن يرشح نفسه للرئاسة، وكل من انتخبه وفوّضه قبلها لا ليواجه العنف والإرهاب فقط، بل ليباشر أمور الدولة المصرية، شركاء في تحمل المسئولية، إن هذا النظام بكل عيوبه ومميزاته وحسناته وسيئاته وإنجازاته وانكساراته هو اختيارنا، ولا بد أن ندعم اختيارنا، لأنه لو فشل فمعنى ذلك أننا جميعا فشلنا، وهو خيار ليس مطروحا، لأنه معناه نهاية الجميع.



عبد الرحيم على
لذلك تحديدا لا تحتاج منا الحكومة إلى الهجوم والحصار، بقدر ما تحتاج إلى المساعدة في البحث عن حلول للأزمات، وطرق للخروج من المشكلات المزمنة.. فما الذي سنستفيده من جَلد الحكومة؟ وما الذي يمكن أن يتغير إذا ما أطحنا بإبراهيم محلب وجئنا بآخر؟ هل ستُحل المشكلات بمجرد قرار، المشكلة ليست في الرجال -خصوصا أنهم يبذلون أقصى ما يستطيعون- لكن في الأزمات التي تحاصر هؤلاء الرجال.
قال لى: ولكن هناك من بين من دعّموا ونزلوا الميادين وهاجموا الإخوان مَن ينصبون سيركا للحكومة، يهاجمونها، ويصورون الأمر على أننا أمام كارثة محققة، إذا ما استمر النظام بطريقته وأدائه وفلسفة حكومته، وطريقة اختياره رجاله؟
قلت له: لا بد أن نعترف أن هناك قصورا واضحا في الأداء.. وهناك حالة ارتباك، لكن هل يتحدث هؤلاء من داخل الصف الوطنى أم أنهم اختاروا لأنفسهم صفا آخر ينطلقون منه ويحققون مصالح أصحابه؟
لم يجب محدثى.. فقررت أن أبحث معكم عن إجابة.


■ ■ ■
في كواليس الحياة السياسية المصرية الآن يمكن أن نرصد ما يشبه المؤامرة، ليس على الحكومة فقط، فلو كانت المؤامرة على الحكومة لهان الأمر، لكنها مؤامرة على النظام كله، مؤامرة تجعلنا نقول إن هناك مَن يخطط لتفكيك الدولة المصرية، لأنها بشكلها الحالى لا تحقق لهم مصالحهم، ولا تبقى عليهم متصدرين خشبة المسرح.
لقد كانت هناك رغبة لدى بعض رؤساء الأحزاب ورموز العمل السياسي في السيطرة على البرلمان، وهو ما يتيح لهم أن يكونوا شركاء فعليين في الحكم، وهى الشراكة التي كانت ستتيح لهم أن يحافظوا على مصالحهم، ويعززوا مكاسبهم، لدينا تسجيل صوتى لأحد رجال الأعمال وهو يقول لأعضاء حزبه الملاكى بأنه يريد نصف التورتة، في إشارة إلى مقاعد البرلمان.
هذا الرجل ليس وحده، وتشير المعلومات التي بين أيدينا إلى أن هناك ما يشبه الحلف الشيطانى -هذا أقل وصف يُوصف به- جمع بين صفوفه رجل أعمال يسيطر على السوق الإعلامية وأسس حزبًا بعد «٢٥ يناير»، ورجل أعمال آخر لديه استثمارات إعلامية وطبية، ويرأس أحد أكبر الأحزاب العريقة (بحكم التاريخ بالطبع) وتحاصره الأزمات، وسياسي بارز يرأس حزبًا تأسس بعد «٢٥ يناير»، أخرج من بين أعضائه رئيس أول حكومة في مصر بعد ثورة «٣٠ يونيو»، وآخر حقوقى شهير يشغل منصبًا رفيعًا في المجلس القومى لحقوق الإنسان، ويترأس حزبا يساريا أخرج من بين صفوفه شهيدة ذكرها الرئيس في أحد أحاديثه.
ما الذي يجمع الشامى بالمغربى، هناك الكثير الذي يجمعهم، فرجال الأعمال يجمعهم بيزنس إعلامي، تدخل أحدهما لينقذ الثانى بعقد إعلانات ضخم جدا، والسياسي الشهير دخل ضمن تحالف رجل الأعمال «الإعلامي- الطبى».


■ ■ ■
ما الذي يفعله هؤلاء تحديدا؟
إنهم في حالة من الارتباك الشديد، لا يعرفون لهم رأسا من قدم بعد تأجيل الانتخابات، للدرجة التي جعلت رجل الأعمال يكتب على حسابه الخاص بـ«تويتر» أنه سيتوقف عن الإنفاق والصرف، حتى يعرف موعدا للانتخابات، فقد دفع كثيرا حتى الآن، رغم أنه ينكر ذلك جملة وتفصيلا.
هؤلاء الأربعة جعلوا من رئيس الحكومة هدفا لهم، إذ يعتبرونه السبب الرئيسى في تأجيل الانتخابات، يتهمونه بأنه لا يريد برلمانا من الأساس، لأنه لا يريد من أحد أن يحاسبه على ما يفعله.
عجز أعضاء التحالف ومَن وراءهم في أن يلاعبوا الحكومة سياسيا، فقرروا أن يحاربوها بالإعلام والشارع، وليس لدىّ شك في أن رجل الأعمال الملياردير أعطى الإشارة الخضراء إلى صبيانه في قناته، ليفتحوا النار على الرئيس ورئيس وزرائه.
هناك حملات الآن أقل ما يُقال عنها إنها «ضرب تحت الحزام»، من خلال افتعال معارك لها وجاهتها، إذا ما تم تناولها بشكل مجرد، لكن عندما تتحول إلى حملات منظمة، نتحسس على الفور ملامح المؤامرة.
ما لا يعرفه هؤلاء أو أنهم يعرفونه ويتنكرون له أن السيسى من البداية قرر أن يخصص معظم مجهوده للخارج، حتى يرمم ما انكسر، هو نفسه قال للإعلاميين في وقت سابق إن الخارج عليه، والداخل عليهم، ويجب أن يساعدوه، لكن أحدا لم يلتفت إلى ما قاله، وهو ما جعله يعتمد على الحكومة اعتمادا كاملا في تنفيذ مشروعاته في الداخل.. وعليه فإن التعامل مع الحكومة بغشم من شأنه أن يربكها ويعطلها عن مواصلة عملها على المستوى السياسي والتنفيذى أيضا.
إنهم يتهمون محلب بأنه بلا رؤية سياسية، وكأنه يعمل في فراغ معزولا عن نظام كامل يعمل في ظل تحديات كثيرة، لكنهم يقصدون قصف رأسه، لإجبار النظام على تغييره، ولو نجحوا في ذلك، فالمعنى واضح جدا، وهو أنهم قادرون على أن يطيحوا برأس رئيس الحكومة في أي وقت، وعليه فسيعمل لهم رئيس الحكومة القادم -أيا كان اسمه- ألف حساب، بل من المنتظر كما يتوقعون أن يستجيب إلى كل ما يطلبون، وعليه يجربون في الانتخابات كما يشاءون، بل ويشكلون البرلمان على هواهم، وبالطريقة التي تحقق مصالحهم.


■ ■ ■
لم يتوقف هذا اللوبى عند هذا الحد، بل يفتعلون مشكلات الهدف من ورائها مريب.
إنهم يحركون قضية الشباب المحبوس على ذمة قضايا، وحصلوا بالفعل على أحكام قضائية، وهنا لا بد أن نشير إلى موقف الحكومة، فهى لا تريد أن تتدخل في أحكام القضاء، حتى لا يُقال إن القضاء مسيس، لأن كثيرا من الشباب حصل على أحكام قضائية، ولا تريد أن تبقى على الشباب في السجن، حتى لا يقال إن النظام يسجن الشباب، وهو وضع محير يبحثون له عن حل قانونى، لكن وفى أثناء البحث يشوشرون على الحكومة ويتهمونها بالتقصير.


■ ■ ■
لقد خرجت إلى النور منذ أيام حركة «بداية»، ولا أشك أن وراءها شبابا لديهم أفكار بريئة، فهم يطالبون بالإفراج عن سجناء الرأى، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتشغيل الشباب، وهيكلة وزارة الداخلية، وهى المطالب التي لا تزال مرفوعة منذ ٢٥ يناير، لكن «تحالف الشيطان» قرر أن يستغل هذه الحركة، وتوجيهها إلى الوجهة التي يريدها، فيجعل منها كرة لهب ضد نظام يرغب في أن تتعافى مصر بمشاركة الجميع، فهو لا يعمل بمفرده، ولن يستطيع أن ينجز أي عمل بمفرده.
المفاجأة أن هؤلاء لا يعملون بمفردهم، والغريب أنهم فرقاء مختلفون، فهم يجمعون معهم رجال نظام مبارك، الذين يرغبون في القفز على السفينة مرة أخرى ليتحكموا فيها، بل جلسوا أيضا مع قيادات السلفيين، واتفقوا معهم حتى يكون لهم نصيب في التركيبة القادمة.
وهنا يمكن أن نرصد مكونات التحالف الذي يعمل بطريقة سرية الآن، ليس لإزاحة الحكومة ولا لإفشال السيسى، لكن لتفكيك الدولة المصرية، وإعادة تركيبها بالطريقة التي يريدونها، وهى الطريقة التي تحقق لهم مصالحهم وحدهم، وليذهب الجميع بعدها إلى الجحيم.
أولا: في بداية الصورة يبدو عدد من رجال الأعمال الذين يختلط لديهم البيزنس بالسياسة، وهؤلاء أنفقوا كثيرا وعلى استعداد أن يدفعوا أكثر، من أجل السيطرة على البرلمان، لتكون لهم الكلمة العليا، فلا يستطيع أحد أن يغلبهم، وهؤلاء يمثلهم رجلا الأعمال.
ثانيا: في خلفية الصورة يبدو أيضا القيادى البازر بالحزب الوطنى الذي كان سببا رئيسيا في خروج الشعب في «٢٥ يناير»، الذي سيكون ضامنا للدفع برجال الحزب الوطنى، ليكونوا رجاله في البرلمان، بعد أن فقد أي وكل أمل في أن يكون عضوا بالبرلمان القادم، فلا يزال يعقد اجتماعات، ويوجه رفاقه القدامى، لتكون لهم الغلبة في الانتخابات، ولا يبخل على هؤلاء بأى أموال يطلبونها.
ثالثا: رجال أحزاب، يعتقدون أنهم يمتلكون رؤية سياسية أنضج مما لدى الحكومة، رغم أنهم فعليا فاشلون جدا في إدارة أحزابهم الصغيرة، ولا يستطيعون أن يديروا شقة صغيرة يعمل منها حزبهم، أصروا على أن تكون الانتخابات بالقوائم فقط، حتى يستطيعوا أن يحققوا أي نتيجة، ولما لم تستجب لهم الحكومة، شنوا عليها حربا طاغية، ومن بين هؤلاء يظهر السياسي البارز والحقوقى الشهير.
رابعا: يأتى إلى جوار هؤلاء رجال حزب النور، وليس خافيا على أحد أن عددا من قيادات السلفيين عقدوا اجتماعا مع مسئولين أمريكيين في القنصلية الأمريكية بالإسكندرية، ودار الحوار عن الاستعدادات للانتخابات البرلمانية، ولم يخلُ الحوار من إشارات واضحة جدا إلى دعم بلا حدود، حتى يتمكن السلفيون من أن يكونوا جزءا مهما ومؤثرا في المعادلة السياسية القادمة، وهؤلاء لا مانع لديهم رغم «ذقونهم» الطويلة من أن يمدوا أيديهم إلى الشيطان حتى يحققوا المكاسب السياسية التي يريدونها.
خامسا: على هامش هؤلاء تأتى مجموعة من المرتزقة، الذين ينفذون أجندة هذا التحالف إعلاميا، وهو من شأنه أن يثير حالة من الارتباك الشديدة، فالإعلام ونحن في القلب منه هو اليد الطولى التي تبطش، ويعلم مَن يحكمون أنه قادر على التأثير والتغيير، هذا قدره ولا يستطيع أن يغيره أحد.


■ ■ ■
بقى أن اعترف لكم أن لدينا الكثير الذي نقوله، لدينا معلومات تفصيلية عما جرى، وعن الجلسات التي عقدها هؤلاء من أجل زعزعة الاستقرار الذي نسعى له جميعا، وهى معلومات حتما ستظهر في وقتها.
لكن يظل هناك سؤال وهو: ما الذي ستفعله الحكومة في مواجهة هذا التحالف الذي لا يتآمر على رأسها فقط لكن يتآمر على النظام كله؟
سيقولون إنهم يعملون ويجتهدون وينتشرون في كل مواقع العمل، لكن هذا ليس كافيا على الإطلاق، فالحرب سياسية وإعلامية، ولا بد أن تنتبه الحكومة وتعمل على كشف هذا التحالف والتعامل معه بجدية، لا أدعو إلى القمع على الإطلاق، لكن على الأقل، تعى الحكومة ما تواجهه من مشكلات وأزمات وتسعى لحلها، حتى لا نجد أنفسنا جميعا متورطين فيما لا نحب ولا نرضى.
الحلف الشيطانى جمع بين صفوفه رجل أعمال يسيطر على السوق الإعلامية وأسس حزبًا بعد «25 يناير» ورجل أعمال آخر لديه استثمارات إعلامية وطبية