البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الكاتب اليمني علي المقري: نظام "صالح" قمعي.. والحوثيون لا يعرفون التعددية السياسية

الكاتب اليمني على
الكاتب اليمني على المقري في حواه مع "البوابة نيوز"

الحوثيون لا يفكرون في التعدد السياسي.. والأحزاب لا تتعلم من أخطاء الماضي

كل سلطة سياسية ترى نفسها صاحبة الحق.. وانتهى إلى الأبد التعدد الاجتماعي

افتقدنا في مدارسنا ممارسة الاطلاع.. وأكتب كأني طفل صغير

رواية "بخور عدني" تكشف التحولات في التاريخ اليمني

لا أدري لماذا غابت نوبل عن العرب.. والبوكر أسهمت في الحراك الثقافي

مؤتمر الرواية أعاد مصر إلى الواجهة العربية من جديد

 

بدأ كتابة الأدب وهو صاحب ثماني عشر سنة، وعمل محرّرًا ثقافيًا لمنشورات عدّة وقد ترجمت رواياته إلى الإيطالية والفرنسية والإنجليزية والكردية.

تعرض لأزمة في اليمن ونادت الجوامع والمساجد مطالبة بتكفيره عام 2007 عقب نشره لكتاب النبيذ في الإسلام، جاء إلى ملتقى الرواية العربية في دورته السادسة دورة فتحي غانم، محملًا بهموم اليمن، والتي أصبحت تمثل له أزمة حياتية حقيقية، كتب عنها رائعتان هما اليهودي الحالي وبخور عدني، وهو صاحب مكانة رفيعة في الأدب اليمني والعربي بشكل عام، يتميز بابتسامته، وجسده النحيل، أنه الكاتب الكبير على المُقري، حيث التقت معه "البوابة نيوز" على هامش الملتقى.. وكان هذا نص الحوار:

 

 -كيف ترى الأزمة اليمنية الآن؟

اليمن تمر بمرحلة صعبة، لا تختلف كثيرًا عن البلدان التي مرت بما يسمى الربيع العربي، وذلك بسبب ممارسات النظام السابق القمعية ضد الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية المختلفة، التي تحاول أن تعبر عن الهوية، فتشابكت ودخلت في صراعات أدت إلى ما نحن عليه الآن.

- لماذا دخلت كل هذه التكتلات في صراعات بعد سقوط نظام على عبدالله صالح؟

بعضها يرى أن بإمكانها أن تتعايش مع باقي طبقات المجتمع، والبعض الآخر يرى أن من حقها هي أن تسود وحدها، وهنا تقع الأزمة، وأظن أنها نتاج النظام على عبد الله صالح القديم القمعي الاستبدادي الذي استحوذ على الثروات الوطنية فوق الأرض وتحت الأرض، يتحكم في حرية الرأي والتعبير وفي الوقت نفسه ينفرد بالسلطة، ويورثها لأبنائه، ولهذا الآن نمر في شبه مرحلة انتقالية عنيفة، ومضطربة، لأن كل الجميع كأنهم خرجوا جميعًا من السجن، وكل واحد منهم يريد أن يسود ويسيطر، ونضيف على ذلك أن بقايا النظام القديم يحاول أن يعيد نفسه بتشكل جديد، مما تسبب في اشتعال الأزمة أكثر، وهذا أعتقد موجود في كثير من الدول التي مرت بالربيع العربي، ومنها اليمن.

-        بعض المثقفين يرون أن فكرة المستبد العادل هي الخلاص ما رأيك؟

للأسف المجتمعات العربية تعيش مراحل من الاستبداد غير موصوفة في الآليات الثقافية والفكرية العالمية، يتداخل فيها الجانب الديني والجهوي "شمال- جنوب - شرق – غرب" مع الاتكاء الديني على المذهب السياسي، والعكس، إضافة إلى العوامل الاقتصادية.

وللأسف هذا الاستبداد الذي يخلط بين كل الأنواع لا يشبه حتى ما يطرح في أوربا في القرن الثامن عشر قبل الثورة الفرنسية بمفهوم المستبد العادل، لأن المستبد العادل بمقولات فولتير وبممارسة الملك هنري الخامس عشر كان مقيد بالبرلمان وبقوانين، ولا يملك الاستبداد المطلق، وللأسف في مجتمعاتنا لم نصل حتى لهذا المستوى، لا يوجد مستبد عادل مستنير، لأن المستبد في أوطاننا العربية متخلف قمعي ديكتاتور متسلط فردي، وانا استغرب المثقفين الذين ينادون بفكرة المستبد العادل، ولا يوجد في أي دولة عربية مستبد عادل، وما زلنا متخلفين.

        وفي رأيك لماذا استطاع الحوثيون السيطرة على زمام الأمور في اليمن، وهل هذا يشبه ما تمر به سوريا من سيطرة داعش وليبيا، وكذلك مصر في فترة الإخوان؟

عدم التربية الديموقراطية من قبل الأنظمة السابقة التي كانت تقمع الجميع هي السبب في هذه الورطة، وأثر هذا القمع أدى إلى أن الجماعات الإسلامية لن تفكر إلا في السيطرة على النظام، ولن تفكر في التعدد السياسي.

اليمن الآن تمر بفكرة الثورات الانقلابية، التي سادت في خمسينات وستينات القرن الماضي، لأن كل حزب يرى أن له الحق في السلطة السياسية وفي المال وفي احتكار الرأي، للأسف لم يتعلموا من الأنظمة السابقة التي همشتهم وهمشت الآخرين، وهي مرحلة انتقالية سيتقاتل فيه الجميع بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي الأخير سيصلون إلى الإقرار بحق الآخر وحق التعايش لأنه لا مجال إلا إقرار هذا الطريق.

-        بدأت في مجال العمل الصحفي، وكتبت 10 كتب ما بين أدب طفل وقصص قصيرة وشعر ورواية، كيف نجحت في هذا التوازن بين الصحافة والأدب؟

كنت أعمل بالصحافة الثقافية بشكل أساسي في مجلة التحرير الثقافي، وأكتب في مجلة التحرير الثقافي بشكل يومي، فارتبطت بالكتاب ومعارض الفن التشكيلي، والسينما والمسرح، والحياة الثقافية بشكل عام، ثم تفرغت للكتابة الأدبية، ولم أعد أمارس العمل الصحفي كما كنت في السابق.

في اليمن للأسف افتقدنا في مدارسنا التربوية والتعليمية ممارسة الاطلاع أو الرسم أو كتابة القصة أو الشعر، ومارست هوايتي متأخرًا، التي كان من المفترض ممارستها ونحن أطفال، والآن كلما مارست الكتابة أمارسها بشغف كبير كأني طفل صغير.

-        كتبت رواية "بخور عدني" عن اليمن من الأربعينيات حتى سبعينيات القرن الماضي، لماذا بدأت من الأربعينيات؟

في أربعينات القرن الماضي وبالذات في عدن كان هناك تعدد سياسي وثقافي واجتماعي، وهذا التعدد تمثل في وجود عددٍ من اتباع الأديان المختلفة، والأصول العرقية المختلفة، وهذه المرحلة كانت تمثل مرحلة تعايش على كل المستويات بما في ذلك الجماعات التي كانت تنادي بالوطنية، وتحديد الهوية، وكانت مفتوحة للجميع في مناخ تعدد ثقافي عام، ولكن في مع بداية الستينات ساد الجانب الذي يرى أن له الحق في الاستحواذ على السلطة مستغلًا المد الثوري والشعارات القومية، وأدي هذا إلى خروج كل التعدد الثقافي والاجتماعي من عدن، وصار هناك سلطة أحادية قومية وطنية ترى نفسها هي التي ستمتلك الحق في تحديد المعاني العامة لمفهوم الهوية الوطنية، حتى تغيرت مفاهيم التاريخ ومفاهيم الأرض وحدودها ولهذا تحولت عدن في قبضة السلطة السياسية وبدأت من هذه المرحلة إعلاء الصوت الأحادي الوحيد، ومن بعدها لم تمر سنة إلا وصاحبها انقلابات في شمال اليمن وجنوبها، لأن كل سلطة سياسية ترى نفسها صاحبة الحق في الوطن وانتهى إلى الأبد التعدد الاجتماعي في اليمن.

-        عامل الزمن كان موجود وواضح في روايتي اليهودي الحالي وبخور عدني، كيف تتناول الزمن في أعمالك؟

انا أعود للتاريخ من خلال إشارات قليلة، فأنا لا أنقل التاريخ، ولكن الجأ إلى التاريخ لأختبر اشكاليات الوطن، وامتحن العلاقات الإنسانية، واستغل الزمن في السؤال لماذا يتحول الوطن إلى محنة إنسانية قاسية في بعض جوانبه؟، عودتي للزمن لإلقاء الضوء عن الجوانب الإنسانية.

-        ترجمت أعمالك إلى الإنجليزية والفرنسية والكردية والإيطالية، ما أهمية الترجمة بالنسبة إلى الكاتب الكبير على المقري؟

من خلال تجربتي مع المترجمين ودور النشر، تمثل الترجمة في بعض جوانبها التقدير للكاتب لأنها اختبار حقيقي للغة، واختبارًا النص، واستطيع القول أن الناشرين لا يقدمون على ترجمة بعض الأعمال الأدبية، إلا إذا استحق النص أن ينقل إلى لغات مختلفة، والترجمات في حد ذاتها تمثل اختبار للتبادل الثقافي، وتساعد على معرفة تجارب سردية متميزة من مجتمعات مختلفة.

-        كيف تتحقق من جودة الترجمة؟

استطيع أن اؤكد لك أن ترجمة أعمالي تمت بمهنية عالية، فالذي ترجمني إلى الفرنسية خالد عثمان وهو روائي متميز، وقام بترجمة نجيب محفوظ وجمال الغيطاني، وهو فرنسي من أصول مصرية، وعرفت مستوى ترجمته من خلال أصداء الصحافة الفرنسية عن رواياتي، وكذلك في إيطاليا كانت الترجمة بإشراف الدكتور إزابيلا كأمرا وهي تمثل عميدة الأدب العربي في إيطاليا، ومن ثم فأنا متأكد أن من قام بترجمة أعمالي متميزين.

-        في رأيك لماذا غابت نوبل عن الأدب العربي بعد نجيب محفوظ؟

في الحقيقة لا أدري، فأنا لا أعرف معايير جائزة نوبل، ولكن هناك الكثير من الكتاب العرب يستحقون الجائزة، ولو حاولت ذكر الأسماء بالقطع سوف أنسى بعضهم، هناك تجارب جديدة في الشكل الروائي والمواضيع، إضافة إلى تنوع الخبرات الأدبية، وسيأتي يوم وسيكرم الأدب العربي لأنه يستحق.

-        ولكن هناك رأي أن غياب نوبل بسبب انشغال وزارات الثقافة بالأمور الداخلية على حساب التواصل الخارجي؟

أظن أن وزارات الثقافة العربية ليس لها علاقة بالإبداع، وبالتأكيد أي عمل متميز يقوم به الكاتب يمثل تجربته الذاتية، ليس له علاقة بأي مؤسسة رسمية من أي جانب.

-        ما رأيك في جائزة البوكر وإلى أي مدى ساهمت في الحراك ثقافي؟

جائزة البوكر العربية اسهمت كثيرا في إيجاد حراك ثقافي حقيقي، وأصبحت محل نقاش وجدل ونقد بما في ذلك اخطاء الجائزة، وهذا يحسب للجائزة، لأن هناك جوائز عربية مغلقة تمنح بشروطها لمن تراه مناسبًا سواء كانت أهلية أو حكومية في كثير من البلدان العربي، ولكن لا يسمع عنها أحد، ولا أحد ينتبه لها، وما تقوم به جائزة البوكر هو شكل صحي.

-        كتبت الشعر ثم انتقلت للرواية هل تفكر في كتابة الشعر مرة أخرى؟

ربما أعود إلى الشعر مرة أخرى، ولكن الرواية تأخذ كل الوقت، فأنا أكتب الرواية لأنها تعبر عن هواجسي الذاتية التي لا استطيع طرحها في الشعر مثل الاسئلة القلقة، الباحثة عن تفاصيل الحياة.

-        هل فعل الكتابة هو طوعي أم تنتظر الوحي؟

انا لا اؤمن بوجود الوحي، والكتابة مهنة حرفية، يلزمها شغف خاص، وكثير من الجهد والمثابرة والبحث عن اساليب جديدة واتقانها.

-        ماذا يمثل ملتقى الرواية للكاتب على المقري؟

مؤتمر الرواية يعيد مصر إلى الواجهة العربية من جديد بعد فترة توقف وغياب وهذا هو مكانتها الطبيعية، وهو في حقيقية الأمر دعم معنوي للأدباء والمثقفين العرب.