البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

المركز القومي للسينما في قبضة على أبو شادي

الدكتور جابر عصفور،
الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة

لا يزال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، يواجه أزمة حقيقية في القضاء على بؤر الفساد في مؤسسات الوزارة، بعد أن أصبحت الوزارة نموذجا فريدا من نوعه في عالم الفساد، وكثيرا ما أدلى بتصريحاته في هذا الإطار، وتتمثل المشكلة الحقيقية في إصرار العديد من أنصار لوبي الفساد القديم الذي أصابت سياساته الوزارة بالتكلس وتصلب الشرايين الثقافي، على استكمال دورهم في تحقيق مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة، بغض النظر عن الثمن الذي ستدفعه هذه المؤسسات والأجيال خلال الأعوام الماضية، في محاولة إصلاح الأوضاع، وإعادة الأمور إلى نصابها.
وسوف نتناول خلال السطور المقبلة نموذجا من هيئات الوزارة، التي ترزح تحت وطأة احتلال ما يشبه «مافيا» تحقيق المصالح الشخصية، وهو المركز القومى للسينما، بعد اتخاذ خطوات عديدة في الفترة الماضية تصب كلها في اتجاه إعادة الحرس القديم، وتمكينه من مجريات الأمور، وذلك عبر مسلسل جهنمى يشرف عليه الناقد السينمائى الشهير على أبو شادى، رئيس المركز القومى للسينما الأسبق، بدأت أولى حلقاته باعتراضه الشديد على تحويل المركز القومى للسينما إلى قطاع يضم تحت لوائه كل ما يخص السينما في مصر، مثل الأرشيف، والسينما تك، ومسابقة أفلام الدعم، وتصاريح تصوير الأفلام الأجنبية، وكعكة المهرجانات السينمائية بدلا من أن يتم توزيعها على الكثير من الجهات المختلفة، ظنا منه أن ذلك سوف يحول بينه وبين مصالحه في المركز القومى الذي يعتبره جزءا منه شخصيا، ولذا يخوض مثل هذه المعارك في الوزارة بشراسة، باعتبارها «حياة أو موت» بالنسبة له، والمفارقة أن تفريغ المركز من هذه الاختصاصات كان برضاه، حيث أصبح مسيطرا عليها بصندوق التنمية الثقافية وغيرها، بعد خروجه على المعاش.
وعندما قرر الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، الانحياز إلى صف تحويل المركز إلى قطاع، وهو قرار يحسب له استجابة منه للعديد من الجهات السينمائية، مثل لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، ونقابة السينمائيين، وقام بمخاطبة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، خلال اجتماع اللجنة الوزارية العليا التي تضم ٦ وزراء بذلك، واستجاب رئيس الوزراء، إذا بـ«أبـو شادى» المعروف بنفوذه الكبيرة في الوزارة يلجأ إلى خطته البديلة بتمكين أنصاره في المركز، حتى إذا تحول إلى قطاع فإن ما يريده في القطاع سينفذه دون الحاجة إلى أحد، وقد بدأت أولى الخطوات بتعيين الدكتور وليد سيف رئيسا للمركز، مع العلم بأن سيف يعد أحد أهم نقاد السينما في مصر، ومشهود له بالنزاهة والكفاءة، إلا أنه وقع في بعض الأخطاء المالية والإدارية منذ توليه رئاسة المركز، تصب مجملها في الهدف الأكبر، وهو تمكين الحرس القديم من إدارة مقدرات المركز.
على رأس تلك القرارات، تعيين جيهان إبراهيم بكالوريوس تجارة، وهى معروفة بأنها الذراع اليمن» لـ«أبو شادى»، كمديرة إنتاج للعديد من الأفلام بالمركز، وصلت في بعض الروايات إلى عشرة أفلام دفعة واحدة، لتحصل على تصريح عمل من نقابة السينمائيين، يمهد لها العمل كمديرة إنتاج رسميا في المركز، لتسيطر على هذه الإدارة الأهم في المركز، بدلا من عملها في إدارة التسويق، علما بأن مجدي أحمد على أطاح بها بعد توليه رئاسة المركز فإذا بسيف يعيدها فور تعينيه.
وكذلك الإطاحة بسعيد عرابى، المحاسب والمراجع الأول في الشئون المالية والإدارية، وهو أحد المشهود لهم بالكفاءة، وقد جاءت الإطاحة به مخالفة لعدة قوانين، منها المادة ٤٨ من قانون ٣٥ لسنة ٧٦ بشأن النقابات العمالية، وكذلك مادة ٣٤ من المذكرة الإيضاحية للقانون ٢٧ لسنة ٨١ بشأن المحاسبة الحكومية، حيث إن القرار لا ينص في ديباجته على عرض الأمر على مدير عام الحسابات المسئول فنيا وإداريا عن العاملين بالوحدة الحسابية حتى غير العاملين غير التابعين للمالية.
ومن اللافت إلى أن مجلس الإدارة الذي شكله الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، وهو مجلس قوى جدا يتشكل من مسعد فودة نقيب السينمائيين، والفنانة ليلى علوى، والمخرج داوود عبد السيد، والمخرج سعد هنداوى، ومحمد العدل، وغادة جبارة عميدة المعهد العالى للسينما، والمخرج عمر عبد العزيز، وغيرهم، لم يجتمع مرة واحدة منذ تشكيله، رغم أن هناك العديد من الأمور الماسة التي تدعو إلى الاجتماع، مثل إضافة ٣ أعضاء للجنة قراءة أفلام الدعم واستقالة اثنين من أعضائها، وهما سعد هنداوى وشريف مندور، حيث قبل سيف استقالتهما وقام باستبدالهما بسناء الشيخ والمخرج محمود عبد السميع رئيس جمعية الفيلم، والذي استعان بـ«أبو شادى» رئيسا للجنة تحكيم مهرجان جمعية الفيلم بالدورة الماضية التي انتهت فعالياتها منذ أيام، ويستعين به أبو شادى كعضو لجنة تحكيم في العديد من أنشطة صندوق التنمية الثقافية الذي يعمل فيه الأخير عضو مجلس إدارة، وما زال هذا القرار في انتظار اعتماده من وزير الثقافة.
يأتى هذا في الوقت الذي يستعين فيه المركز القومى للسينما بمديري إنتاج خرجا على المعاش، وهما محمد غانم وجلال عيد، وهما من عملا بفيلم "المسافر" ورغم الشبهات التي ثارت حول الفيلم يتقاضيان مكافآت من الخارج، وكأن معهد السينما قد أغلق ولا يتخرج منه أي طلبة جدد في حاجة إلى عمل، أو على الأقل التشجيع في وزارة تدعى أنها ترعى الشباب، في الوقت الذي عاد فيه أيضا مراد مصيلحى مديرا للمكتب الفنى، وقد تقاضى فور وصوله راتب شهر ونصف الشهر مكافأة، ما أثار العديد من علامات الاستفهام. على جانب آخر، أثار قيام الدكتور وليد سيف، رئيس المركز، بعد حصوله على سلطات الوزير في الشئون المالية والإدارية وشئون العاملين، بتاريخ ٢٠ يناير الماضى، بصرف مكافأتين لنفسه حفيظة بعض العاملين، باعتبار أن هذه المكافآت تتم بناء على موافقة الجهة الأعلى منه، كل تلك الكواليس وغيرها قد لا يكون وزير الثقافة على علم بها، وهو غير مسئول عنها بطبيعة الحال، إلا أن نموذج المركز القومى للسينما يتكرر حرفيا في كل هيئات الوزارة تقريبا، من خلال سيطرة عدد من الأفراد عليه في المجالات المختلفة، وطالما استمرت نفوذهم ستستمر نفس الممارسات، ولن يتحقق حلم التغيير الذي يحلم به الشباب.
من النسخة الورقية