البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

إنجازات الإخوان انحصرت في التخريب!


خطا الإخوان وحفائهم الذي لا يُغتفَر، مع قرب الذكرى الرابعة لثورة يناير، كان في توعدهم بأعمال تخريبية في هذا اليوم، ولم ينتبهوا إلى المفارقة في أنهم يوجهون تهديدهم إلى شعب يتطلع إلى البناء بعد أن عانى من طول هدم، وأن أغلبيته الساحقة من الفلاحين والصنايعية الذين يبنون كل يوم! وكانت المفاجأة المُفجِعة أنهم أثبتوا جديتهم فيما هددوا به، ونجحوا، برغم كل الاستنفار الأمني، في زرع بعض القنابل هنا وهناك، ومع تمكن أجهزة الأمن من كشف بعضها وتفكيكه، إلا أنهم تمكنوا من تفجير بعضها، وتدمير عدد من أبراج الكهرباء وخطوط أنابيب الغاز، ونفذوا هجوما بالسلاح ضد بعض نقاط الشرطة، ورفعوا السلاح في بعض المسيرات، وأطلقوا الرصاص ضد رجال الأمن..إلخ، وحتى آخر نهار يوم ذكرى الثورة أسفرت الأحداث عن 20 قتيلاً و40 جريحاً!
المؤكد أن عملياتهم صارت في أغلبها محدودة وبدائية، وبدا للكثيرين أنها تعبير عن يأس بأكثر من كونها استعراضا للقوة! وهذا يدعو إلى المزيد من الحذر لأن اليائس يلجأ لاستخدام أقصى قوة تقع تحت يده، وهذا يجعل الخطرَ قائما ما دام أن هناك عناصر خارجية لا تداري عداءها لاختيارات الشعب المصري في 30 يونيو، بل وتعلن تأييدها لكل هؤلاء المخرِّبين، وقد أثبتت التجربة أنها لن تتردد إذا أتيحت لها فرصة مدّ يد العون!
انظر فقط إلى جرائمهم في سيناء التي يتحللون فيها من أبسط نوازع الإنسانية عندما تُتاح لهم فرصة افتراس بعض الجنود الأبرياء فينقضون عليهم بلا رحمة!
وكأن جماعة الإخوان وحلفائها يتعمدون أن يوفِّروا أقوى الحجج التي يمكن أن يستخدمها أعداؤهم ضدهم، ليسهُل إقناع الرأي العام بخطرهم الداهم، وفى كل الأحوال بفضح أفكارهم وسياستهم!
هم الآن فى تيه لا أول له من آخر، بما يؤكّد الكثيرَ من الأمور المهمة، التى منها أنهم لم يدركوا حتى الآن مدى كارثية مأساتهم التي يعيشونها على أشخاصهم وعلى حاضر تنظيماتهم ومستقبلها، ولم يفقهوا معنى أن يُصرّ الشعب على الإطاحة بحكمهم، وأن ينجح في ذلك بعد أن استجار بالقوات المسلحة التي أجارته، وفاتهم أن يتوقفوا بجدية أمام هذا الحدث الجلل غير المسبوق في تاريخ البلاد ليفهموه وليستوعبوا مضامينه الهائلة، بل إنهم حتى لم يفهموا أسباب خسارتهم التاريخية لثقة الشعب التي انقلبت إلى كراهية، ولا يبدو أنهم حاولوا إدراك معنى أن يرفض رفضا مطلقا الاتجاهُ القوىُ الغالبُ في الرأي العام فكرةَ التصالح معهم، بل وأن يصرّ على عزلهم تماما وعدم إتاحة الفرصة لهم للعودة إلى العمل العام، بل إن من يطلب لهم هذا الحق يتعرض لنقد مرير، ولم يلتفتوا إلى الحقيقة الساطعة أنهم قيد المحاكمة عن جرائم مادية، وأن هناك أدلة وشهودا، وأنه يُتوقَع أحكامٌ تلقي بعدد من قياداتهم وكوادرهم وراء القضبان لزمن قد يطول تجري فيه مياه كثيرة تحت الجسور مما يجعل من شبه المستحيل أن يكون لهم عودة في المدى المنظور والمستقبل المحسوب، كما أن الأولويات اختلطت عليهم وزاغ بصرهم عما هوعاجل ولا يجوز تأجيله، وبددوا طاقتهم فيما لا طائل منه في أزمتهم الراهنة.
ولعل أخطر ما تورطوا فيه، وأدى إلى فضح صورتهم الحقيقية التى كانوا يحرصون على عدم الإفصاح عنها ، هو كشف نزوعهم الأصيل للعنف واستسهالهم لرفع السلاح ضد أجهزة الدولة، وضد خصومهم في الفكر والسياسة، وعدم اكتراثهم أن يسقط أبرياء من عابري السبيل الذين يوقع بهم حظهم العاثر في مجال التراشق، مما جعل الرأي العام يتبصر حقيقتهم، خاصة الذين كانوا يُصدِّقون دعايتهم ويتعاطفون معهم ويعتبرونهم من المظلومين، فضاعت كل مجهوداتهم التاريخية في الكذب المنظم الذي دأبوا فيه عبر عقود على إنكار تبنيهم لأي عنف، وسعيهم لتبرئة أنفسهم من كل جرائم الاغتيال التي خططوا لها وقام بها نشطاؤهم، بل وادعاء أن ما لُصِق بهم هو نتيجة للافتراءات والتلفقيات التي قام بها أعداؤهم في حرب تشويههم واتهامهم بأنهم من ممارسي العنف والإرهاب، وكانوا يزعمون أنهم براء من كل هذا!
كما تبدت أسوأ عقائدهم للرأي العام فيما يخصّ انتمائهم المريب لتنظيم دولي يستنكر فكرة الوطن والتراب المقدس، وتساهُل هذه العقيدة في التفريط في الأرض مقابل نجاح تنظيمهم المشبوه في خططه الغامضة! وكانت هذه بالذات وبالاً عليهم في أقدم بلد في العالم دافع أبناؤه عن أرضه عبر آلاف السنين، وصارت أجيال بعد أجيال تتباهى في صفحات التاريخ أنهم قدموا شهداء أكثر من غيرهم دفاعا عن هذه الأرض أو استردادا لجزءٍ غالٍ وقع في يد الأعداء لبرهة من الزمن!
وأما ما يثبت أنه لم يعد لديهم أدنى فرصة للعودة ما قاله بعض قياداتهم: إنهم قاموا بمراجعات دقيقة لكل يوم في العام الكئيب الذي حكموا فيه ولكل قرار اتخذوه، وتبين لهم أنهم لم يقترفوا خطأ واحدا! وقالوا: إن كل من يردد غير هذا هو من الدولة العميقة ومن الثورة المضادة ومن أعداء الإسلام، وضد تطبيق شرع الله، وعميل لأجهزة الأمن الداخلية والخارجية، وفي قلبه مرض!
وأما الجديد الذي ظهر منذ أشهر وتجلَّى مجددا في 25 يناير هذا العام، فهو إيجابية بعض المواطنين العزل في التصدي لبعض الإرهابيين المدججين بالسلاح، والقبض عليهم، ومعهم أسلحتهم وذخيرتهم، وتسليمهم للأجهزة الرسمية لتتولى أمرهم بشكل قانوني!
ما هو هدف الإخوان وحلفائهم من كل هذا؟ هل يتوهمون أنه يمكن لهذه "الإنجازات" أن تعيد لهم أى شيء مما استهانوا به وهو في أيديهم؟ ألا يدركون أنها تُقصِيهم أكثر فأكثر عن أي أمل في أن يكون لهم في المستقبل مجرد التواجد الطبيعي مثل غيرهم من القوى والتيارات والأحزاب الأخرى؟
أعداء الإخوان سعداء بكل هذا، خاصة وقد بدت بوادرُ تفسخ للجماعة في محاولات بعضهم النجاة بأنفسهم، بالتنصل من المسئولية عن فشل تجربة حكمهم، وإنكار مشاركتهم في الحكم! وها هى تسريبات يجري تداولها هذه الأيام عن بعض القيادات يقذفون مرسي بالفشل والوقوع في أخطاء جسيمة، وأنه سبب انفضاض الجماهير عنهم، وأنه كان ضعيفا عاجزا عن حسم أمره، كما أنه لم يستطع أن يقنع أحدا بالأفكار العبقرية للجماعة!