الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إسرائيل: اليمين واليسار "إيد واحدة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قرر بنيامين نتنياهو الذهاب إلى الانتخابات المبكرة وحل الكنيست وإجراء هذه الانتخابات في مارس عام 2015، ولا شك أن سياسة فض الائتلاف الحكومي وتشكيل ائتلاف آخر، تكاد تكون لعبة يجيدها القادة والساسة الإسرائيليون، بهدف كسب الوقت وفرض الأمر الواقع على الأرض وإغلاق الباب أمام استئناف عملية السلام بدعوى أن الحكومة الحالية لا تستطيع الوفاء بمستحقات هذه العملية والانتظار حتى تشكيل حكومة جديدة.
والواقع أن عملية السلام تتوقف وتصل إلى طريق مسدود ليس بسبب ضعف الحكومة أو قصورها عن تحمل تبعة استحقاقات السلام بل هناك أسباب أقوى وأشد وعابرة للحكومات بمختلف تشكيلاتها، حيث لم تتوفر بعد إرادة إسرائيلية جامعة حول السلام وتحول مبدأ الأرض مقابل السلام الذي على أساسه تقوم هذه العملية إلى مبدأ السلام مقابل السلام، وكذلك بسبب رغبة إسرائيل في تقاسم الضفة الغربية مع الشعب الفلسطيني، وذلك فضلاً عن تجذر التحول صوب اليمين القومي واليمين المتطرف لدى الرأى العام الإسرائيلي وانتشار أيديولوجية هذا اليمين التي تتمركز حول أفضلية الوضع القائم لإسرائيل وقدرتها على التعامل مع معطياته وملامحه وتداعياته وأن هذا الوضع غير مكلف ومضمون وأفضل كثيرا من الذهاب في عملية السلام التي تتميز بالغموض وفقدان اليقين.
لعب نتنياهو وحزبه وحكومته أو الحكومات التي شكلها في هذه الحقبة دورا كبيرا ومهما في تخريب مسار أوسلو واشتمل خطابه على تغذية مستمرة لمخاوف الإسرائيليين من الدولة الفلسطينية وفقدان الأمن، كما لعب هذا الخطاب دورا لا يقل أهمية في "شيطنة الفلسطينيين" والقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يتمسك بالمفاوضات كطريق للحصول على الحقوق الفلسطينية المشروعة ويتجه صوب المنظمات والمحافل الدولية المعتمدة لمساندته فى معركته ضد التصلب والتعنت الذي ميز مسلك نتنياهو وإسرائيل، يبحث نتنياهو في أحلامه عن قيادة فلسطينية تتجاوب مع مشروعه للسلام الذي يمنح الاقتصاد أولوية لتحسين حياة الفلسطينيين وتجاهل حقوقهم في الأرض والكرامة والدولة، ومن المؤكد أنه لن يجد هذه القيادة في الواقع الفلسطيني الذي عين الحدود الدنيا للتفاوض مع إسرائيل حول حقوق الشعب الفلسطيني.
ليس من المتوقع أن تجيء انتخابات الكنيست القادمة بحكومة قادرة على تجاوز هذا السقف الذي فرضه وصاغ معالمه اليمين القومي والمتطرف أو قادرة على إحداث اختراق من أي نوع في حائط الرفض الإسرائيلي لعملية السلام في الحدود التي قبلها الفلسطينيون والعرب والمجتمع الدولي أو تجاوز الاتجاه إلى فرض يهودية الدولية وشن القوانين العنصرية التي تعصف بحقوق فلسطيني 1948.
والأسباب التي تقف وراء هذا الاستنتاج تتلخص في ضعف حركة السلام الإسرائيلية وتفاقم أزمة اليسار الإسرائيلي العمالي وغير العمالي وتحوله إلى مجرد رديف لليمين الإسرائيلي تتلخص وظيفته في إضفاء مسحة جمالية على السياسات والاختيارات اليمينية وإعادة إنتاجها فى قالب محسن يقلل من فجاجتها وعنصريتها، يضاف إلى ذلك ضعف استجابة إسرائيل للمجتمع الدولي، فالمجتمع الإسرائيلي كلما ازدادت عزلته كلما ازداد تمحورا حول مخاوفه من المحيط وأحس أن ثمة مؤامرة على الشعب اليهودي وإسرائيل، من ناحية أخرى فالخيارات الفلسطينية حتى الآن لا تشكل تهديداً للاحتلال أو رفعاً لتكلفته عبر استراتيجيات مختلفة، فهذه الاختيارات مرهونة حتى الآن بطبيعة السلطة وتمويلها وتوجهها نحو الدولة وليس كحركة تحرر وطني، فالسلطة تتعرف كدولة وتتحمل تبعات الدولة من التزام بالسلمية والتفاوض والقانون الدولي ومحاربة العنف ولكنها في الوقت ذاته ليست دولة ولا تمتلك السيادة على أراضيها وتؤدى دورًا وظيفيا في جزء من الأراضي وليس كل الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية.
اليمين واليسار في إسرائيل حاليا وبعد الانتخابات المبكرة ربما يمثلون "إيد واحدة" فى مواجهة المطالب المشروعة للفلسطينيين.