الأربعاء 05 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تكفير داعش بين الأزهر الشريف و تجار الإعلام (1-2)!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الأمور المستقرة والثابتة علميًا وعمليًا عند المسلمين على مدى العصور منذ جاء الإسلام- وإلى يومنا هذا، وما عليه جمهور العلماء من السلف والخلف ومذهب أهل السنة- عدم تكفير الخوارج وإخراجهم من الملة، و إنما أجمعوا على التحذير منهم و التشنيع عليهم و بيان انحرافهم عن صحيح الدين أصولًا و فروعًا.
واستثنوا من ذلك بعض الفرق من الخوارج والذين جهروا بتغيير بعض معالم الملة أو أعلونا اعتقادا خلاف ما هو معلوم من الدين بالضرورة، كمن زعموا اقتصار الصلاة على ركعتين، ركعة في أول النهار وأخرى في آخره، وكمن زعموا أن سورة يوسف ليست من القرآن، لاشتمالها على قصص العشق و الحب – بزعمهم-  وهو ما يتنزه عنه القرآن!، وكمن أباحوا نكاح بعض المحارم ، وكمن زعموا أن الله سيبعث نبيًا من العجم ينسخ رسالة نبي العرب "محمد"، فهؤلاء وغيرهم ممن اجترأوا على الملة فغيروا معالمها وبدلوا ما هو معلوم من الدين بالضرورة علنًا، لم يتردد العلماء في تكفيرهم.
وأما عموم الخوارج على مدى التاريخ الإسلامي منذ زمن الصحابة الكرام، وإلى يوم الناس هذا، فلم يكفرهم العلماء، إذ التكفير أمرٌ جللٌ جدًا وعظيم إلى أبعد الحدود وهو حق الله، وحق رسوله، و ليس لأحد– مهما علت منزلته – أن يتجرأ عليه، ولئن يخطئ الإنسان، فلا يكفر ألفَ ألفِ كافرٍ أصلي في الحياة، فهو أهون بكثيرٍ جدًا عند الله، من أن يخطئ في تكفير مسلم واحد.
والخوارجُ وإن كانوا قد مرقوا من الدين مروق السهم من الرمية كما نص على ذلك النبي "محمد"، وإن كان العلماء قد سموهم لذلك بـــ "المارقة" و كذلك بـــ "البغاة" لبغيهم على المسلمين، إلا أن القول بتكفيرهم ، هكذا على الإطلاق غير صحيح لوجود موانع التكفير في حقهم كالجهل و التأول ، و لأن باب التكفير باب شر ينبغي ألا تدفعنا عواطفنا إلي فتحه ، لأنه حينها لن يغلق أبدًا ، كما أنَّ الأمورَ الشرعيةَ عامةً وأمرَ التكفيرِ منها خاصةً لا يمكنُ أن يتحكم فيها الهوى و العاطفة و المشاعر الجياشة ، وإنما يحكمها الشرع والعقل لا الحلم والهوى والطيش.
والأزهرُ الشريفُ بموقفه الأخير من عدم تكفيره لداعش الإرهابية ومن على شاكلتهم من فرق الخوارج ، مع التشنيع عليهم و استنكار أفعالهم و التحذير منهم و بيان بعدهم عن الدين وخروجهم عن أحكامه جملةً وتفصيلًا في الوقت ذاته ، قد وافق – و لله الحمد و المنة – الحقَ و الصوابَ و قولَ جماهيرِ علماءِ المسلمين من السلفِ والخلفِ، بل ووافق الصحابةَ الكرامَ، وعلى رأسهم "علي بن أبي طالب" في عدمِ تكفيرِ الخوارجِ ، بل ووافق النبي الأكرم نفسه و الذي لم يصرح بتكفير الخوارج عليهم من الله ما يستحقون.
وخوارج "علي بن أبي طالب"، والذين كفروا الصحابة الكرام أنفسهم بل وكفروا "عليًا" نفسه، و وصفوه بــ"أمير الكافرين"، و سفكوا دماء الصحابة، وقتلوا "عبد الله بن خباب بن الأرت، و هو ابن الصحابي الجليل "خباب بن الأرت"، و قتلوا زوجته وكانت حاملًا متمًا – أي في شهرها الأخير- وبقروا بطنها عن ولدٍ ذكرٍ، و ذبحوه، ومع كل هذه القسوة في البشاعة والبشاعة في القسوة، لم يسمح "عليٌ" لعواطفه أن تتغلب على عقله ولا على دينه، لكنه ذهب إليهم وطالبهم بأن يسلموه قاتلَ "خبابٍ" لكي يقتص منه، فقالوا : "كلنا قتلناه" وعند ذلك– وعند ذلك فقط- استحل "عليٌ" قتالهم، لكنه لم يستحل تكفيرهم، كما يريد المهووسون من الأزهر الشريف أن يخالف الحق والصواب لأجل عيونهم و شهواتهم وتجاراتهم بمشاعر البسطاء وتربحهم من هذه التجارة بالدين والوطن.
على ما سنبينه في المقال القادم إن شاء الله لنا ذلك.