الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

في ذكرى عيد النصر.. "بورسعيد" صخرة تحطمت عليها أحلام الغرب الاستعمارية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"سنقاتل لآخر نقطة دم لن نُسلم أبدًا.. هنبني بلدنا هنبني تاريخنا هنبني مستقبلنا؛ النهاردة دا شعار كل مصري.. إذا كانت بريطانيا بتعتبر إنها دولة كبرى وفرنسا بتعتبر إنها دولة كبرى فإحنا شعب مؤمن هيكون شعارنا دائمًا الله أكبر.. الله يقوينا والله ينصرنا.. نعتمد على الله وعلى أنفسنا وسنجاهد ونكافح ونقاتل.. وسننتصر بإذن الله".
هكذا قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في خطابه الشهير الذي ألقاه من أعلى منبر الأزهر، أثناء العدوان الثلاثي على مصر، الذي استهدف كسر الإرادة المصرية، وردًا على قرار تأميم القناة.


 بورسعيد المدينة الباسلة
حينما أعلن عبد الناصر يوم 26 يوليو عن تأميم شركة قناة السويس في خطاب ألقاه بالإسكندرية تحركت ثلاث دول ردًا على قرار التأميم فيما عرف بالعدوان الثلاثي.
جه الغريب يدوسها***** الكل قام يصونها
بقت ارض البطولة*****والعزة والرجولة
أمانة عليك أمانة*****لتبسولي كل ايد حاربت في بور سعيد
بدأت المعركة بقصف الساحل البورسعيدي في يوم 6 نوفمبر 1956، وتمكنت القوات الفرنسية والبريطانية والإسرائيلية من انزال القوات المشتركة في بورسعيد.
وقامت القوات البريطانية والفرنسية بهجوم على بورسعيد فدكتها من البحر وقصفتها من الجو، وبدأت في عمليات الإسقاط المظلى لتتوهج أعمال المقاومة الشعبية، وتسطر دماء أبناء المدينة الباسلة أروع قصص المقاومة والفداء.
بين ليلة وضحاها تحولت بورسعيد لمدينة الجحيم ومقبرة الغزاة وقبلة للفدائيين والثوار فقد وقفت بورسعيد تدافع عن نفسها وعن مصر كلها أمام عدوان غاشم ببسالة وصمود لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث، فلقد كان الهدف هو الاستيلاء على بورسعيد بوابة القناة.



المقاومة الشعبية 
سلم على كل شارع*****دافع عنه شبابه
وهات لي وانت راجع*****شوية من ترابه
تراب ارض الجدود***** وفيه دم الشهيد
واستمرت المقاومة الشعبية لأبناء بورسعيد ضد القوات الغاشمة وشكلوا مجموعات فدائية للنيل من المستعمرين وتساقط الآلاف من أبناء المدينة شهداء وهم يتصدون لدبابات العدو والمدرعات العسكرية من القوات البريطانية والفرنسية.
وعلى مدى 48 يوما ضرب أبناء بورسعيد أروع امثلة النضال الوطني في الصمود والتحدي، حيث ظلت مجموعات المقاومة من رجال ونساء وشباب بورسعيد لم ترهبهم المدافع أو القنابل.


قصص بطولات 
أمانة عليك أمانة****** لتبوسلي كل ايد
حتلاقي الارض حرة ***** وان لاح فيها الغريب
حتبقى الارض جمرة ***** بالدم وباللهيب
بقت أرض البطولة ***** والعزة والرجولة

 “ 1”   مجموعة مورهاوس    
يوم 11 ديسمبر عام 1956 كان يوما مشهودا من أيام المقاومة الشعبية لرجال بورسعيد فقد تجاوز العدوان كل حدوده وهدم المنازل وقتل النساء والأطفال وحول بورسعيد إلى ثكنة عسكرية وقررت مجموعة من الفدائيين أبناء بورسعيد الرد على هذه الأفعال بعمل كبير يرد لهم اعتبارهم.
واجتمعت مجموعة الأبطال التي ضمت كلا من على زنجير وأحمد هلال ومحمد حمد الله وطاهر سعد وحسين عمان ومحمد سليمان واتفقوا على خطف الضابط الانجليزي مورهاوس ابن عمة ملكة بريطانيا ليردوا اعتبار المصريين ورصدت مجموعة الفدائيين تحركاته اليومية وانتظروه في شارع رمسيس داخل سيارة سوداء كان رقمها (57 قتال) وكلفوا أحد الأبطال باستدراج الضابط الانجليزي وكانت الساعة السابعة صباحا.
وعند تقاطع شارعي رمسيس مع صفية زغلول قابله الطفل وأخذ يسبه بعنف فقام الضابط بركوب سيارته الجيب وجري وراء الطفل محاولا الإمساك به ووصل الطفل إلى أسفل أحد المنازل في شارع جانبي ونزل الضابط محاولا الإمساك به وضربه وفي لحظة سريعة.
وحسب الخطة الموضوعة انقض عليه الفدائيون وأمسكوا به ووضعوه داخل السيارة السوداء التي كانت تتبعهم وقاموا بتكميمه وانطلقوا مسرعين إلى شارع النهضة ثم شارع عرابي وأثناء سيرهم قابلتهم دورية انجليزية فاضطروا إلى الدخول إلى بلوكات النظام من الباب الخلفي وأحضروا صندوقا حديديا ووضعوه بداخله حتى يتمكنوا من الهروب به دون أن يعترضهم أحد وتم وضعه مع بعض مهمات داخل سيارة شرطة على أنه مهمات واتجهوا به إلى منزل الدكتور أحمد هلال وهو منزل مواجه لأحد مراكز القيادة البريطانية وكان من المستبعد أن يفكر البريطانيون أن ضابطهم موجود داخل هذا المنزل وفرضت القوات البريطانية حصارا على المنطقة وقرروا حظر التجوال وعدم تحرك أي فرد في الشوارع ولم يتمكن الفدائيون من الوصول إلى صندوق ( مورهاوس ) الذي كان موجودا فيه وعندما وصلوا إليه وفتحوا الصندوق وجدوه ميتا.
لم يجدوا مفرا من أن يقرروا دفنه أسفل سلم المنزل وبعد مداولات كبيرة قررت مجموعة الفدائيين تسليم جثة ( مورهاوس ) بعد أن قررت القوات المعتدية وقف إطلاق النيران والانسحاب من بورسعيد بلا عودة وتم تسليم الجثة للقوات الدولية وللجنة التي شكلها مجلس الأمن وهكذا كان خطف ( مورهاوس) بواسطة مجموعة الفدائيين المصريين أحد أسباب الرضوخ لقرار الأمم المتحدة.


2. البطل محمد مهران

أحد أبطال معركة 1956 كان من ضمن قوات الحرس الوطني المكلفين بالدفاع عن منطقة مطار الجميل وانتشر مع زملائه في غرب المدينة يوم 5 نوفمبر 1956 للتصدي لعمليات إنزال رجال المظلات من الطائرات البريطانية وتمكن من إبادة المجموعة الأولى بالكامل وعند عملية الإنزال الثانية دارت معهم معارك قوية سقط فيها زملاؤه وألقى قنبلتين يدويتين واختبأ داخل حفرة ومعه الرشاش أطلق منه الرصاص على الأعداء حتى فوجئ بمجموعة من الجنود يحاصرونه وصوب الضابط الانجليزي مدفعه ناحيته فعاجله بوابل من الرصاص ووقتها أطلقوا الرصاص وأخرجوه من الحفرة والدماء تتساقط منه.
وتمكن “مهران” من التسلل إلى بورسعيد بعد أن تركوه ظنا منهم أنه فارق الحياة وألقوا القبض عليه بالقرب من المطار وجردوه من ملابسه للحصول على معلومات عن الفدائيين وعندما فشلوا عقدوا له محكمة عسكرية صورية أصدرت حكمها باقتلاع عينيه لإعطائها للضابط الذي أصابه في وجهه وتم نقله بطائرة إلى قبرص لإجراء العملية بأحد المستشفيات البريطانية هناك، وحاول الطبيب البريطاني مساومته للإدلاء بحديث إذاعي يعلن فيه فشل القيادة المصرية مقابل أن يتركوه ولكنه رفض فأخذوه لغرفة العمليات وأخذوا منه عينيه وبعد العملية أعادوه إلى بورسعيد ودخل مستشفى الدليفراند حتى تمكن الفدائيون من اختطافه بمساعدة ممرضة مصرية داخل المستشفي ونقلوه لمستشفي عسكري بالقاهرة لاستكمال العلاج.

3. السيد عسران
كان عمره مازال في السابعة عشرة ولكنه كان بطلا من أبطال بورسعيد السيد عسران أحد الفدائيين الذين قرروا مقاومة قوات الاحتلال والدفاع عن أرض بورسعيد وقرر عسران الانتقام من المعتدين على طريقته وقرر الانتقام من جون ويليامز ضابط المخابرات البريطاني أحد رموز الاحتلال بعدما استشهد شقيقه الأكبر بنيران أطلقتها احدي الدبابات البريطانية يوم 6 نوفمبر 1956 ومرت الأيام حتى جاء يوم 14 ديسمبر 1956 وقرر عسران الانتقام وحدد شخصيته وهو قتل ويليامز الذي اشتهر بسوء معاملة المصريين وتعقب الفدائيين ورجال المقاومة الشعبية وفي نفس مكان خطف مورهاوس الضابط الانجليزي وقف عسران في انتظار سيارة ويليامز.
ودقت الساعة التاسعة صباحا ودخلت السيارة شارع رمسيس وكان بها ويليامز ومعه الكولونيل » جرين« والسائق وتقدم عسران للضابط الانجليزي بورقة وكأنها شكوى في يده وفي يده الأخرى رغيف عيش قرر عسران وضع قنبلة يدوية بداخله وتظاهر وكأنه يأكل ونزع فتيل القنبلة ووقفت السيارة وفتح ويليامز الزجاج وألقي عسران بالقنبلة إلى داخل السيارة وانفجرت ولم يتمكن الضابط من الهرب وأطاحت بقدمه اليسري وقتلت الكولونيل جرين وأصيب السائق وسقطوا جميعا في دمائهم ونقلوا إلى المستشفي ومات ويليامز بعد ذلك.


4. أم على
سيدة من سيدات بورسعيد اللاتي كن يقفن مع الرجال في مقاومة السلطات المحتلة ولم تقل مواقف السيدات عن مواقف الرجال والشباب والأطفال فكلها ملاحم بطولة دفاعا عن بورسعيد "فتحية الأخرس" أو أم على كانت واحدة من بطلات بورسعيد وكانت تعمل ممرضة في عيادة الدكتور جلال الزرقاني وكانت هذه العيادة مأوي للفدائيين في النهار بعد الاتفاق مع الرائد مصطفى الصياد.
وأعدت من العيادة مأوي ومخزنا لأسلحة الفدائيين وكانت أم على تلبسهم ملابس المرضي البيضاء وتخفي الأسلحة أسفل الأسرة وكانت تسهر لخدمتهم دون كلل أو تعب وقررت أم على ألا يتوقف نشاطها ومشاركتها عند هذا الحد بل قامت بنقل الأسلحة للفدائيين من القابوطي والتي كانت تهرب عن طريق بحيرة المنزلة وتحضرها إليهم في العيادة وفي إحدي المرات كان الفدائيون يختبئون داخل العيادة وسمعت طرقا شديدا على الباب وكان بالخارج دورية بريطانية تريد التفتيش فطلبت من الفدائيين النوم على الأسرة.
وفتحت الباب لتجد الضابط الانجليزي في وجهها وأخذت في الصراخ والعويل وأوهمت الضابط أن أحد المرضي قد توفي وطلبت منه إحضار الإسعاف لنقله وإتمام عملية دفنه وشرب الضابط المقلب وقرر الانسحاب مع جنوده، وهكذا أحسنت أم على التصرف لتحمي الفدائيين من القبض عليهم وضربت مثالا شجاعا للمرأة البورسعيدية


5. محمد نصر شحبر
البطل محمد نصر الدين شحبر أحد الأبطال الذين رصدت قوات بريطانيا مكافأة قدرها 500 جنيه إسترلينى لمن يرشد عنه، ونشرت عنه جريدة نيوزكرونيكل الأمريكية بتاريخ 7 يناير عام 57 بأنه البطل الذي هز عرش بريطانيا، وهو ما زال على قيد الحياة يبلغ من العمر 77 عاما ومن أبناء الوفد المخلصين وقام عام 56 برئاسة الفرقة الإنتحارية في معركة حى العرب عند شارعى أبو الحسن وعبادى وقام بتسليم 816 قطعة سلاح بريطانى وفرنسى للواء منير الألفى مدير المباحث الجنائية في هذا الوقت و2 جهاز لاسلكى تم قنصهم من المعتدين وكان “شحبر” ضمن الفدائيين برفقة مصطفى شردى أثناء مقابلة الراحل جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر ويناشد من خلال “الوفد” قيادات المحافظة بتكريمه في حياته وإطلاق اسمه على أحد شوارع مدينته التي دافع عنها بروحة ودمه.
النصر 
استمرت المواجهات حتى أعلنت انجلترا وفرنسا - بعد ضغوط من موسكو وواشنطن - الانسحاب من منطقة القناة في 23 ديسمبر 1956 الذي اتخذته بورسعيد عيدًا قوميًا بعد دورها العظيم في المقاومة الشعبية، ليبقى هذا اليوم شاهدا على بطولات أبناء المدينة الباسلة، وشاهدا على قدرة المصريين فعل المستحيل.