الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تحذيرات من انفجار سكاني قريب.. مليون طفل كل 6 أشهر.. العشوائيات والقرى أكثر المناطق إنجابًا.. وغياب التعليم أبرز الأسباب.. واقتصاديون: الزيادة "كنز" في كل الدنيا إلا مصر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"أنت حر.. مالم تضر"، ثقافة تغيبت عن أذهان معظم المصريين، ممن أطلقوا العنان لفكرة الحرية في الإنجاب دون شروط أو حدود، حتى لو كانت نتيجتها مزيد من الفقر والتهميش، بل والموت أحيانًا، فمنذ عقود والزيادة السكانية هي الصداع المزمن الذي أرق ولا يزال كل حكومات مصر بلا استثناء، كداء ليس له دواء، وكأنه قنبلة "عشوائية" الصنع، ينفرد بتصنيعها الفئات المهمشة في المجتمع المصري.

وبحسب الاحصاءات الرسمية، ففي مصر 4 مواليد كل ثانية، ومليون طفل كل 6 أشهر، وتوقعات بزيادة سكانية في عام 2050 تصل نسبتها لـ70%، ما جعل البعض يتساءل عن أطروحات وحلول لهذه المشكلة السكانية، ورغم حملات التوعية وتحذيرات المسئولين، لا يزال المواطن المصري يفكر بنفس الطريقة.

"المناطق العشوائية"، صاحبة الكثافة الجنونية بين الأحياء والمناطق النائية بقرى الريف في الوجه البحري والصعيد، حيث تنتشر ثقافات مغلوطة ومعتقدات لا أساس لها من الصحة، مثل "يغلبك بالمال اغلبيه بالعيال" و"العزوة حلوة"، فضلًا عن التسارع على ولي العهد الذي سيحمل الراية المنكسة، في ظل انشغال الدولة عن تلك الرقع التي تعد بؤر بركانية، بما تحمله من كوارث فكرية وانغلاق على قضايا، ربما تكون "القشة التي تقصم ظهر البعير"، كان هذا ما قاله "أحمد محمود"، مهندس معماري، والذي اتفق مع زوجته على إنجاب طفلين فقط، لتوفير الحد الأدنى من الرعاية لهم.

"عبد الكريم"، حارس عقار في مدينة نصر، 34 عامًا، لديه 6 أطفال، قال إنه ينجب كل عام طفل، رغم أن الله أنعم عليه بالبنين والبنات، ولكنه يريد أن يبقي على اسم عائلته وأجداده، ويرى أن كثرة الأطفال امتداد للعائلة، ويعطي قوة للعائلة، مؤكدًا أن الصعيد لا يعترف بالعائلات صغيرة العدد.

أما "أم جلال" فتقول:"ظللت في حالة تهديد بالطلاق والزواج بأخرى لو لم أنجب 5 أطفال، رغم أن صحتي لم تساعدني ولكن قرار الزوج كان نهائيًا، فالنساء بعضهن مجبرات على الإنجاب المتكرر وبعضهن يفعلن ذلك رغما عنهم خوفًا على الزوج من الضياع والسقوط في شباك أخرى، أما الرزق وقلته فهي أمور بيد الرزاق ولا خشية منها".

ومن الفئات الدنيا إلى الفئات المتوسطة، الأمر لم يختلف كثيرًا، وكل له أسبابه، فمدام "س" سيدة لديها 4 بنات، وهي من عائلة ميسورة الحال، لذا فهي مضطرة للحمل للمرة الخامسة رغم كبر سنها وتعرضها للخطر، ولكن إنجاب طفل ذكر يحمي ميراث الأب من توزيعه على الأقارب.


أما "إبراهيم محمد"، مدرس لغة عربية، ولديه 4 أطفال فهو من فريق الرافضين لدعوة تحديد النسل التي يطالب بها الساسة دائمًا، وأنها توجه غربي صهيوني للقضاء على المسلمين، معتبرًا التحديد ذنب لا يستطيع الوقوع فيه، رغم كل الصعاب ورغم ضعف الحالة الاقتصادية، واستشهد بقول الرسول "تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة".

واستنكرت الدكتورة سامية الساعاتي، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، انتشار تلك الثقافة بين المواطنين، وأرجعتها إلى الجهل في الكثير من القرى والمحافظات، والإهمال في منظومة التعليم، وهو السبب الأساسي لتدني طرق التفكير، وانتهاج المواطنين لمثل هذا النهج، مؤكدة أنه لو كان هناك تعليم حقيقي وثقافة وتوعية، تؤهل الفرد لأن يكون إنسانا مطلوبًا ونافعًا لسوق العمل، ومنتجًا لا مستهلكًا طول الوقت، لما رأينا هذه الزيادة، داعية الحكومة للنظر في ملف التعليم الذي هو سبب 80 % من مشكلات مصر.

وجاء رأي الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح جودة، مختلف تمامًا، حيث اعتبر الزيادة السكانية "نعمة" وليست نقمة، ولكن العيب كل العيب في حكومات لا تستغل هذه الزيادة وتوظفها بشكل يعود بالنفع على الاقتصاد، حيث إن السكان هم المورد البشري الأهم في المنظومة الاقتصادية العالمية، والدليل على ذلك أن اليابان لا تملك الا المورد البشري، وهو السكان، والعراق تملك كل الموارد التي تؤهلها للصدارة، ورغم ذلك تجد اليابان في المقدمة والعراق كما نرى، أيضًا الصين التي يتوقع لها أن تصبح الأولى في العالم اقتصاديًا، وهي تملك 1، 4مليار نسمة، ولكن حكوماتها استثمرت الطاقة البشرية، بعكس الحكومات العربية التي تهدر تلك الطاقة.

وعن إمكانية سن قوانين وتشريعات ملزمة للحد من هذه الظاهرة، أكد بهاء أبو شقة، المستشار القانوني وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن القانون ليست من سلطته قمع الحريات الشخصية، وأن التوعية والتبصير الإعلامي هو الحل في التعامل مع هذه الأوساط الفكرية، مشيرًا إلى حجم الأضرار التي تلحق بالجميع من هذه الزيادة الجنونية، والتي أولها إصابة دخل الفرد في مقتل، فضلًا عن تفريخ أجيالا من أولاد الشوارع، الذين يشكلون خطرًا حقيقيًا على المجتمع.

واقترح أبو شقة أن تتولى الدولة عملية اسماها "غسيل للعقول" لتتغير المنظومة الفكرية الخاطئة، خاصة في المناطق العشوائية والقرى والنجوع، لأن الزيادة السكانية بالشكل المتوقع هذا سوف تلتهم أي خطوة تقوم بها الحكومة، وتعود بنا مرة أخرى إلى نقطة الصفر كلما حاولنا تجاوزها، مؤكدًا أن سيناء والوادي الجديد والعديد من المناطق الصحراوية تحتاج لكل هذه الطاقات، ولكن لا يتم الدفع أو تحفيزهم بشكل ينعكس تنمويًا على الاقتصاد فيما بعد.