الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إستراتيجيات وبس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد أن أصبحنا بلد الإستراتيجيات وبس، وأصبح كل وزير جديد يأتى يتحدث عن إستراتيجية جديدة فى وزارته مع أن هناك من سبقه من الوزراء العديدين قد تحدثوا أيضا عن إستراتيجيات خاصة بهم ولم يسعفهم الوقت بتنفيذها، وإذا بدأ بعضهم تنفيذ إستراتيجيته يخرج من الوزارة، ويأتى الوزير الذى بعده ليوقف كل شيء فى هذه الإستراتيجية ويبدأ فى الحديث عن إستراتيجية جديدة، ويشكل لجانا جديدة لوضعها، ثم يبدأ فى الحديث عنها لشهور طويلة ثم يخرج من الوزارة قبل تنفيذها.. وهكذا.
أقول هذا بمناسبة سيل الإستراتجيات التى يتحدث عنها الوزراء الثلاثة، التعليم العالى والتربية والتعليم، والبحث العلمى، ومع أن كل منهم مرتبط عمله بالوزارة الأخرى لكن لا يوجد أى تنسيق بينهم على الإطلاق، فلا يوجد تنسيق بين وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالى، مع أن الأول هو الذى يمد الثانى بمخرجات مراحل التعليم العام والفنى، ويجب على وزير التعليم العالى أن ينسق معه فى الإسترايتجية التى يضعها وزير التعليم العالى والتى ملأ أسماعنا بالحديث عنها حتى يكون هناك تكامل بين الإثنين، لكن لم يحدث هذا حتى الآن، ولا يوجد تنسيق أيضا بين وزير التعليم العالى ووزير البحث العلمى مع أن كلا الوزيرين يجب أن يكونا متعاونين فى كل شيء خاصة البحث العلمى خاصة أن هاتين الوزارتين بالتحديد كان يتم دمجهما أكثر من مرة مع بعضهما فى وزارة واحدة، وأيضا تم دمج وزارة التعليم العالى مع التربية والتعليم لتكون وزارة تعليم واحده كما حدث أكثر من مرة ، لكن لاتنسيق بين هذا أو ذاك ، بل إن وزير التعليم العالى طلب عدم دعوة وزيرى البحث العلمى والتربية والتعليم لحضور إجتماعات المجلس الأعلى للجامعات بإعتبارهما عضوين أساسيين فيه بحكم القانون إلا إذا دعت الضرورة ذلك من وجهة نظر وزير التعليم العالى ـ بالذمة ده كلام.
وكما قال لى د. حمد خيرى وكيل أول وزارة التعليم العالى الأسبق لشئون العلاقات الثقافية، إن الإستراتيجيات ﻻ تطرح لمجرد اعتلاء أشخاص بذواتهم لمنصات الوظائف، ولكن تطرح الإستراتيجيات وما تتضمنه من منهجيات وسياسات ولوائح تنفيذية مدعومة بمبادرات مجتمعية ومؤسسية بناء على تقدير حازم جازم بأن أمة أو شعبا يتطلع إلى إحداث تغيير جذرى فى أحد القطاعات المهمة فى حياته، ومصر التى تعيش مخاضا هائلا الآن وتحديات غير مسبوقة تتطلع إلى من يشد أزرها ويدعم صفها ويقيم عثرتها. وﻻ يجادل عاقل فى أن التعليم بكل مستوياته وتخصصاته هو القاطرة اﻷولى والمقطوع بفاعليتها وجدواها فى أحداث التغيير المنشود فى أم الدنيا مصر.
ويضيف د. خيرى فى حديثه معى: لقد عملت لسنوات عديدة فى وزارة التعليم العالى وأعلم أن آليات التفاعل والتغيير داخل الوزارة محدودة وضئيلة بل ومناوئة، وإذا ارتكز اﻷمل فى إحداث التغيير المنشود وطرح الإستراتيجيات والسياسات المطلوبة على هذا الحيز فلا أمل! لابد من المسارعة بالاستفادة من تجارب دول عديدة فى تطوير إدارة التعليم كمطلب أساسى لتطوير التعليم ذاته وذلك بإدماج وزاراته معا وتطوير حوكمة العمل واﻷداء والتقويم فيه، أو اﻷفضل أن ينشأ مجلس مشترك مختص بكل شئون التعليم: عام وخاص وفنى ومهنى وتعاونى وتدريبى كما قامت بذلك دول كبرى كأمريكا وروسيا والهند وبريطاتيا، وتكون أولى مهامه طرح إستراتيجية متكاملة وتفاعلية لتطوير كل صغيرة وكبيرة فى شئون التعليم ووضع سياسات تنفيذها وطرق تقويمها وتطويرها وتحسينها وأهم ما سيحققه ذلك هو التوازن فى أتخاذ القرارات والتتسيق يشأن اﻷولويات.
إن مصر فى عهدها الجديد أحوج ما تكون إلى البصيرة قبل البصر وإلى حكمة التقدير قبل حماس اﻷداء وإلى الاقتصاد فى الجهد الضائع قبل اإغداق على اﻵمال الموهومة.