الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

المفهوم الحقيقي للخطاب الديني (12) تعارض دعاوى الفتنة مع القرآن والسنة " دعوة لإعمال العقل "

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يأمر المولي عز وجل كل إنسان بإعمال عقله ويبين مسئوليته فى التفكير والتدبر لكل ما يسمع أو يبصر وذلك فى قوله تعالى (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئولاً)36الإسراء ..

ويمثل الامتثال لهذا الأمر بإعمال العقل ضرورة لحماية الشباب المسلم فى مواجهة الأفكار المتطرفة للجماعات الإرهابية والمتطرفة ومنع المزيد منهم السقوط فيها .. إذ أن القليل من التدبر والتعقل يكشف فى يسر ووضوح بطلان دعاوى هذه الجماعات وشعاراتها وأفكارها وتعارضها الكامل مع القرآن والسنة وهو ما أوضحناه بالتفصيل فى سلسلة المقالات السابقة ..

ولقد حرص دعاة الفتنة دائماً على دعوة أتباعهم إلى التسليم الأعمى وإلغاء عقولهم ليسيروا وراءهم دون تدبر أو تفكير يقتلون ويدمرون ويخربون ويحرقون الأخضر واليابس دون أن يفكروا فى جدوى أفعالهم وفى مخالفتها الكاملة للشرع .. ولقد حارب دعاة الفتنة من أتباع ابن تيمية كل دعوة تدعو إلى إعمال العقل وتظهر أهميته ودوره .. وحاولوا الطعن فى الأحاديث الصحيحة التى تأمر المسلم بإعمال عقله والتى تتفق مع آيات القرآن حتى أن الألبانى قد جعل على رأس اهتماماته الترويج لدعوة ابن تيمية لإلغاء العقل وجعل الموضوع الأول فى الجزء الأول من كتابه (سلسلة الأحاديث الضعيفة) هو الطعن فى أحاديث العقل كلها وقال فيه ما نصه ( كل ما ورد فى فضل العقل من الأحاديث لا يصح منها شئ وهى تدور بين الضعف والوضع) .. وقال إنه يستند فى ذلك إلى رأى ابن القيم تلميذ ابن تيمية فى كتابه (المنار المنيف فى الصحيح والضعيف) !! .. وعندما نتدبر تاريخ الفتن والخوارج عبر القرون نجد أن دعاوى الإرهاب والتطرف لا يمكن أن تنفصل عن الدعوة إلى إلغاء العقول حتى يتمكن دعاة الفتنة من السيطرة على عقول الشباب المتحمس لدينه ودفعهم إلى قتل المسلمين وتخريب بلادهم دون تفكير أو تعقل .. 


ارتباط العقل بتكليف الإنسان بالعبودية لله :

لقد كرم الله الإنسان وميزه عن سائر المخلوقات الأخرى بالعقل وحده .. وجعل الله العقل هو مناط التكليف فى الإنسان .. وبالعقل وحده يدرك الإنسان الحكمة من خلقه فى هذا الوجود وهو عبادة الله تعالى كما يقول عز وجل (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) .. ومن ثم فإن إعمال العقل هو فريضة فرضها الله على كل مسلم حتى يستقيم معتقده وعبادته .

ولقد أمر المولى عز وجل بإعمال العقل فى الكثير من آيات القرآن .. مثل قوله تعالى (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)3الزخرف .. وقوله عز وجل (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)29ص .. وبينت الكثير من آيات القرآن أن العقل السليم المجرد من الهوى هو السبيل إلى البصيرة والمعرفة التى يدرك بها المؤمن مراد المولى عز وجل فى آيات القرآن فيستقيم فهمه ويصح معتقده .. ومن بين هذه الآيات قوله تعالى (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) 28الروم وقوله تعالى (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)242 البقرة .. وقوله عز وجل (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)17الحديد ..

كما بين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أحاديثه الشريفة أن العقل هو أعظم نعمة ينعم الله بها على المؤمن .. فالعقل هو الذى يهدى صاحبه إلى طريق الهداية وهو الذى يحفظه من الضلال والهلاك كما يقول الحديث الشريف ( ما اكتسب المرء مثل عقل يهدى صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى ) ..

كما بين حضرته أهمية العقل السليم فى حديثه الشريف (ما اكتسب مكتسب مثل فضل علم يهدى صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى .. ولا استقام دينه حتى يستقيم عقله) .. فالحديث يوضح أن استقامة العقل والتفكير هى شرط لاستقامة الدين وذلك فى قول حضرته (ولا استقام دينه حتى يستقيم عقله) ..

ولقد وصف المولى عزوجل الإنسان الذى لا يعمل عقله ويتدبر ما يسمعه وما يراه بأنه يهوى بنفسه إلى مصاف الدواب .. كما يقول تعالى (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْى فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)171البقرة .. وكما يقول تعالى (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) 22الأنفال


التعقل ضرورة لكل مسلم للتمييز بين دعاة الحق ودعاة الباطل :

بينت آيات القرآن أن الأمة الإسلامية لا تخلو فى أى وقت من وجود دعاة الحق الذين يهدون بأمر الله ويدعون بدعوة الله ورسوله .. كما أنها لا تخلو أيضاً من وجود دعاة الباطل الذين وصفهم الله فى القرآن بقوله تعالى (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ)41القصص .. كما أشار إليهم الحديث الشريف (يكون دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها) .. ولقد حذرنا المولى عز وجل من دعاة الباطل الذين يكذبون على الله و يحرفون الكلم عن مواضعه وينسبون إلى كتاب الله ما ليس فيه.. كما يقول تعالى (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) 46 النساء .. وكما يقول عز وجل (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) 78آل عمران ..

وعندما يعمل المسلم عقله فى كل ما يسمعه فى أمور دينه فإنه يستطيع أن يميز بكل سهولة ويسر بين دعاة الحق ودعاة الباطل .. فدعاة الحق تتفق أقوالهم وأفعالهم مع القرآن والسنة الشريفة ويدعون إلى اجتماع الأمة على قلب رجل واحد .. ودعاة الباطل تتعارض أقوالهم وأفعالهم مع القرآن والسنة الشريفة ويدعون إلى إشعال نار الفتن والفرقة والصراعات والتشتت بين المؤمنين من أبناء الأمة الواحدة مخالفين أمر المولى عز وجل فى قوله تعالى (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)46 الأنفال ..ويكفى أن نشير إلى مثالين من الأقوال الموثقة لدعاة الباطل التى أوردناها فى مقالاتنا السابقة لنتبين أن أى مسلم يستطيع بقليل من التدبر أن يدرك تعارضها الكامل مع القرآن والسنة :

أ‌)       ادعاء حسن البنا بأن إقامة ما يسمى (بالحكومة الإسلامية) هو أحد أركان الإسلام !! .. وقوله بالحرف الواحد فى كتابه (رسائل حسن البنا ) فى صفحة 170 (إن الإسلام كما يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركناً من أركانه) !!.. فهذا الادعاء يتعارض تعارضاً كاملاً مع البديهيات التى يعرفها كل مسلم عن الأركان الخمسة للإسلام (وهى الشهادتان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا) والتى ليس بينها هذا الزعم الكاذب لحسن البنا عن إقامة الحكومة الإسلامية

ب‌)     ما أورده سيد قطب فى كتابه (معالم فى الطريق) من التطاول على الذات الإلهية وسوء الأدب والمعتقد وذلك لتبرير أطماع الإخوان المسلمين فى الاستيلاء على الحكم .. حيث زعم سيد قطب أن سلطان الله قد اغتصب وأن الإخوان المسلمين بوصولهم إلى الحكم سيقيمون ما يسميه بمملكة الله فى الأرض ويعيدون للخالق - وحاشى لله - السلطان المغتصب منه !! فيقول فى صفحة 67 (إن إعلان ربوبية الله وحده للعالمين معناه انتزاع سلطان الله المغتصب ورده إلى الله وطرد المغتصبين له .. إن معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله فى الأرض) .. ولا يخفى على أى مسلم يتدبر ويتعقل ما فى ادعاء سيد قطب من التطاول على الذات الإلهية حين يدعى أن الله يفتقر إلى جماعة من البشر – كالإخوان المسلمين أو غيرهم – ليعيدوا إليه سلطانه المغتصب فى الأرض !! .. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .. فهو عز وجل القادر كما يقول تعالى (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)82 يس .. وهو عز وجل القاهر كما يقول تعالى (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)18الأنعام .. 


نهى القرآن وتحذيره من عدم التدبر والتعقل :

حذرت آيات القرآن المسلمين أشد التحذير من إغلاق آذانهم عن سماع دعوة الحق وعدم إعمال عقولهم فيما يسمعون ويبصرون وذلك فى قوله تعالى (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) يونس 100 .. وبينت أن هذا السبيل ينتهى بأصحابه إلى الخسران وسوء المصير فى الدنيا والآخرة .. حيث يقول تعالى (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِى أَصْحَابِ السَّعِيرِ)10الملك .. وهذا السلوك التى تحذر منه هذه الآية هو نفس المسلك الذى يتصف به أعضاء الجماعات الإرهابية والمتطرفة من التسليم الأعمى لأوامر قادتهم وحفظ وترديد أقوال ابن تيمية وحسن البنا وسيد قطب وغيرهم من أئمة الباطل دون تعقل أو اكتراث بمخالفتها الكاملة للقرآن والسنة .. وهذه التربية القائمة على إغلاق العقل والتسليم الأعمى تظهر بوضوح كامل فى كتاب سيد قطب (معالم فى الطريق) الطبعة العاشرة لدار الشروق 1983.. فهو يدعو أتباعه من الإخوان المسلمين إلى المضى فى صراعهم الدموى الذى يسميه (بالطريق الدامى المفروش بالجماجم والأشلاء) دون تدبر أو تفكير ودون أن يحاولوا أن يسألوا أنفسهم عن النصر أو الغلبة ودون أن يفكروا أو يلتفتوا .. يقول سيد قطب بالحرف الواحد فى صفحة 200 : (هذه اللفتة جديرة بأن يتدبرها الدعاة إلى الله فهى كفيلة بأن تريهم معالم الطريق واضحة بلا غبش ثم يكون قدر الله بدعوته وبهم ما يكون .. فلا يلتفتون فى أثناء الطريق الدامى المفروش بالجماجم والأشلاء وبالعرق والدماء إلى نصر أو غلبة أو فيصل بين الحق والباطل) !! .. فهكذا يربى دعاة الفتنة أتباعهم على التسليم الأعمى وعلى إغلاق العقل وصم الآذان عن أى قول يخالف ما يلقن لهم من أئمة الضلال


التعارض الكامل لدعاوى التطرف مع القرآن والسنة :

إن أى مسلم يتدبر ما يردده دعاة الفتنة وقادة الجماعات الإرهابية والمتطرفة يدرك بوضوح أن كل أقوالهم ومزاعمهم وشعاراتهم تخالف مخالفة تامة كل ما أنزله الله تعالى فى القرآن وما ورد عن سيدنا رسول الله فى الأحاديث الصحيحة .. وسوف نلخص فى السطور القادمة أمثلة مما أوردناه فى مقالاتنا السابقة من هذا التعارض الواضح والكامل بين دعوة جماعات التطرف والإرهاب وبين آيات القرآن والأحاديث الصحيحة :

1)      محاربة الإخوان المسلمين للانتماء لمصر ومحاولتهم إضعافها وشغلها عن دورها فى حماية الإسلام ومقدساته :

من الحقائق التى لا تخفى على أى مسلم أن الله تعالى قد اختص مصر دون سائر بلاد الأرض بذكرها فى العديد من آيات القرآن الكريم .. كما اختصها الله تعالى بالفضل الإلهى والرزق والأمن والأمان والحفظ والحماية الإلهية .. وأوصى سيدنا رسول الله فى العديد من الأحاديث بمصر وأهلها خيراً .. ووصف أهل مصر بأنهم خير أجناد الأرض الذين يشرفون بالدفاع عن الإسلام وأرضه ومقدساته .. ووصف مصر بأنها (كنانة الله) أى جعبة سهام الحق التى تتصدى لأعداء الدين وتحمى الإسلام من مؤامرات أعدائه على الدوام والاستمرار .. يقول حضرته فى الحديث الشريف (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا من أهلها جنداً كثيفاً فإن فيها خير أجناد الأرض وإنهم لفى رباط إلى يوم القيامة) .. ويقول أيضاً (مصر كنانة الله فى أرضه من أرادها بسوء قصمه الله) .. ولقد أثبتت أحداث التاريخ قيام جند مصر بدورهم الذى شرفهم به سيدنا رسول الله.. فمصر هى التى تصدت لجيوش الصليبيين وهزمتهم فى حطين وحررت المسجد الأقصى من قبضتهم .. ومصر هى التى تصدت لجيوش التتار وحمت العالم الإسلامى كله من أخطارهم الجسيمة بعد أن تساقطت الدول الإسلامية واحدة تلو الأخرى فى أيديهم حتى أزاحت مصر هذا الخطر عن العالم الإسلامى إلى الأبد .. وكانت مصر ولم تزل هى التى تتصدى لليهود الذين يحتلون المسجد الأقصى وقد خاض جيش مصر ثلاثة حروب عام 1948 وعام 1956 وعام 1967 ثم ألحق الهزيمة التاريخية باليهود فى الحرب الرابعة فى أكتوبر 1973 رغم مساندة أقوى دول العالم لهم .

ومن هنا كان واجباً على كل مسلم فى مشارق الأرض ومغاربها أن يحرص على دعم مصر وجيشها ليقوم بدوره الذى قدره الله له فى الدفاع عن الإسلام وحمايته ..

2)      أعمال الإخوان فى نشر الفوضى فى مصر وإضعاف جيشها مخالفة كاملة للقرآن والسنة ومحاربة لله ورسوله :

فى ضوء الحقائق السابقة من القرآن والسنة يستطيع أى مسلم أن يدرك حقيقة الإخوان المسلمين وسبب دعوتهم لمحاربة الانتماء لمصر ومخططاتهم وأفعالهم منذ عام 1948 وحتى اليوم فى إحداث الفوضى وتهديد الأمن فى مصر .. فالإخوان المسلمون لم يتوقفوا منذ ظهورهم وحتى اليوم عن هذا المسلك الذى لا يخدم إلا أعداء الإسلام .. ففى عام 1948 وبينما كان الجيش المصرى مشغولاً فى حرب فلسطين للقيام بدوره المقدس فى تحرير القدس من الاحتلال اليهودى قام حسن البنا فى هذا الوقت الحرج باستخدام جماعته فى القيام بالأنشطة الإرهابية وتفجير العبوات الناسفة وتنفيذ أعمال القتل والإرهاب فى وسط القاهرة لإرباك الجيش وإلهائه عن الدور المقدس الذى يقوم به فى محاولة لإنقاذ القدس .. ولقد تكرر نفس الأمر بعد 25 يناير 2011 حيث حاول الإخوان المسلمون أن يسقطوا الجيش المصرى فى أتون الفوضى والاضطرابات والفتن الطائفية وأن يساعدوا على فصل أجزاء من مصر فى سيناء وحلايب و شلاتين وأن يدعموا الإرهابيين لفرض سيطرتهم الكاملة على المناطق التى يتجمعون فيها فى سيناء .. وعندما أسقط أهل مصر هذه المؤامرة فى 30 يونيو 2013 كشف الإخوان المسلمين عن حقدهم وكراهيتهم لمصر وأظهروا حقيقتهم الإرهابية البشعة فقاموا بالتصدى المباشر لقوات الجيش والشرطة وتفجير مديريات الأمن والمرافق العامة وتفجير القنابل والعبوات الناسفة فى وسائل المواصلات واستهداف قيادات وأفراد الجيش والشرطة..

وهنا نسأل : هل يخفى على أى عاقل أن كل هذه الأعمال لا تخدم إلا أعداء مصر وأعداء الإسلام ؟ .. وهل يخفى على مسلم أن هذه الأعمال تخالف مخالفة تامة لكل ما جاء فى القرآن والسنة عن مصر ودورها فى حماية الإسلام كما تخالف الوصية الواضحة من سيدنا رسول الله لكل المسلمين على الدوام والاستمرار بحماية مصر ودعمها ومساندة جندها للقيام بدورهم فى حماية الإسلام والمسلمين ؟


 

3)      تعارض المزاعم عن وجوب (إقامة الخلافة) مع القرآن والسنة:

تستهدف الجماعات الإرهابية الاستيلاء على الحكم والسلطة .. ولا تتورع فى سبيل تحقيق أطماعها عن رفع الشعارات الدينية الكاذبة عن (إقامة الخلافة المزعومة) لتبرير دعوتها للوصول إلى الحكم ..

وعندما نعود إلى القرآن والسنة الشريفة ندرك بطلان هذه المزاعم ومخالفتها الكاملة للقرآن والسنة .. إذ لم يشر القرآن من قريب أو من بعيد إلى وجوب إقامة هذه الخلافة .. ولم تتضمن قصص الرسل دعوة أى رسول لقومه إلى السيطرة على الحكم أو الاستيلاء على السلطة .. كما تتعارض هذه المزاعم مع الحكم الشرعى الذى ورد فى السنة الشريفة والذى يحدد مدة الخلافة بعد انتقال سيدنا رسول الله بثلاثين سنة فقط .. وقد ورد هذا الحكم الشرعى فى العديد من الأحاديث الصحيحة التى وردت فى العديد من الكتب ومن بينها الروايات التى أوردها الترمذى وابن حنبل مثل الحديث (الخلافة بعدى ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك).. وكذلك الحديث (الخلافة بعدى ثلاثون سنة ثم يكون ملكاً عضوضاً ) .. ويبين هذا الحديث بوضوح أن الخلافة بعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ستمتد إلى ثلاثين سنة فقط – وهى التى بدأت بعد انتقال الرسول عام 10 هجرية وانتهت بانتقال سيدنا على بن أبى طالب عام 40 هجرية - .. وكما بين الحكم الشرعى الوارد فى هذا الحديث فقد انتهت الخلافة بانتقال سيدنا على بن أبى طالب وأصبح الأمر بعد ذلك ملكاً عضوضاً يتصارع عليه المتصارعون ويعضون عليه بالنواجز .. وقد أورد الترمذى وأبو داود شرحاً للحديث عن سيدنا سفينة مولى سيدنا رسول الله أكد فيه أن الملك العضوض قد بدأ بقيام الدولة الأموية بعد انتقال سيدنا على عام 40 هـ .

ولعل هذه الحقائق تبين بكل وضوح لأى مسلم يتعقل ويتدبر بطلان المزاعم التى يتاجر بها دعاة الإرهاب والتطرف لإقامة (الخلافة الإسلامية) .. وأن شعار (الخلافة) لا يعدو أن يكون ستاراً تبرر به هذه الجماعات أطماعها ومآربها فى السلطة .. وهى فى سبيل ذلك لا تتورع عن التقاتل فيما بينها وتكفير بعضها البعض والتصارع حول هذه (الخلافة) المزعومة !! .

 


4) تعارض الإخوان المسلمين لمحاربة الوطنية والانتماء للأرض مع السنة والسيرة الشريفة :

من بين الأكاذيب التى يروج لها الإخوان المسلمون واتباعهم من الإرهابيين والمتطرفين ذلك الزعم بأن الانتماء يكون للدين فقط وأن الانتماء إلى الوطن يتعارض مع انتماء المسلم لدينه .. ولعل القليل من التدبر فى السنة الشريفة يكفى لإسقاط هذه الأكذوبة وإظهار بطلانها .. ويكفى أن نتوقف أمام قول سيدنا رسول الله عن مكة عندما اضطر إلى الهجرة منها إلى المدينة المنورة : (والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت) فهذا الحديث يؤكد حب حضرته لمكة التى عاش فيها وتعلق بها .. كما يكفى أيضاً أن نتذكر الحديث الشريف الذى لا يجيز فقط الانتماء إلى الوطن وإنما يدعو المسلم إلى الدفاع حتى الشهادة عن كل ما يمتلك فى هذا الوطن من مال وأهل ونفس ..حيث يقول الحديث الشريف : (من مات دون ماله فهو شهيد ومن مات دون أهله فهو شهيد ومن مات دون نفسه فهو شهيد) ..


5) دعوة ابن تيمية (لاستحلال أنفس وأموال وأعراض) المسلمين المخالفين له:

قد لا يتصور أحد أن ترتدى الدعوة إلى القرصنة والنهب والسلب والاعتداء على الأعراض ثوب الدين وتتستر بأحكام شرعية مزعومة .. ولكن هذا هو واقع ما يدعو إليه ابن تيمية واتباعه !! .. ففى كتابه (السياسة الشرعية فى إصلاح الراعى والرعية) يزعم ابن تيمية أن المسلمين الذين يحكم عليهم بالكفر لمخالفتهم لدعوته تسقط عنهم حرمة الأنفس والأموال بدعوى أن الكافر لا حرمة لنفسه ولا لماله !! .. وقد قال ابن تيمية فى صفحة 39 ما نصه (إن الأصل فى الخلق هو عبادة الله تعالى فمن حكم بكفره لم يعد هناك حرمه لنفسه أو لماله) !! .. وقد راح بعض أتباع ابن تيمية يروجون لهذه الأحكام الشرعية المزعومة ويدعون صراحة إلى القرصنة والسطو المسلح وأخذ السبايا من النساء والأطفال من المسلمين المخالفين لهم بدعوى (الجهاد) !! باسم الدين .. ويكفى أن نتوقف أمام كتاب (الحكم الجديرة بالإذاعة) تقديم نصر الدين الألبانى وهو أحد مراجع الجماعات الإرهابية .. والذى يقول بالحرف الواحد فى صفحة 35 (إن رزق المؤمنين لا يتحقق بالسعى فى طلب الدنيا والاجتهاد فى أسبابها .. وإنما جعل الله رزقهم يتحقق بقتل أعدائهم الممتنعين عن قبول دعوة التوحيد واستباحة أموالهم وسبى نسائهم وذراريهم) .. ويزعم الكتاب أن المجاهدين يجب أن لا ينشغلوا بالزراعة كالناس فيقول فى صفحة 39 (إن الله جعل أرزاق المجاهدين فى أسنة رماحهم فإذا زرعوا كانوا كالناس) .. ويزعم أن المجاهدين الأوائل كانوا يقولون ( والله ما جئنا زراعين ولكن جئنا لنقتل أهل الزرع ونأكل زرعهم) !! ..

ولعل القليل من التدبر والتعقل يكفى لكشف بطلان هذه المزاعم لابن تيمية عن استحلال دماء وحرمات وأموال الكافرين وتعارضها الكامل مع القرآن والسنة .. فلقد قام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم برد كافة الأمانات إلى أصحابها من الكافرين من أهل مكة التى كانوا يحتفظون بها عند حضرته عندما هاجر من مكة إلى المدينة .. وقد ترك حضرته سيدنا على بن أبى طالب فى مكة حتى يتم إعادة هذه الأمانات إلى أصحابها رغم كفرهم ومحاربتهم للدعوة .. وكذلك فإن سيدنا رسول الله عندما أتم فتح مكة لم يستحل دماء الكافرين ولم يأمر بقتلهم لمجرد كفرهم وإنما قال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ..

ولعل أقل قدر من التدبر فيما أوردناه من حقائق لا تخفى على أى مسلم يكشف حقيقة دعوى ابن تيمية واتباعه من الإرهابيين والمتطرفين .. فهم يقومون بتكفير المسلمين ثم يبيحون لأنفسهم استحلال دمائهم وأموالهم وحرماتهم .. بل ولا يتورعون عن القتل العشوائى لكل من لا ينتمى إليهم من الأبرياء .. فيضعون القنابل والعبوات الناسفة فى الطرق ووسائل المواصلات والسيارات المفخخة لتقتل وتمزق كل من يصادفها بشكل عشوائى .. فأين دعوة حضرات الرسل إلى الهداية وإصلاح النفوس من دعوى ابن تيمية وأتباعه من الإخوان المسلمين وغيرهم ؟؟ وأين مكارم الأخلاق فى كل أقوالهم وأفعالهم ؟؟ !!


6) الدعوة لقتل المسلمين وتخريب بلادهم تحت شعار (الجهاد):

فرض الله على كل مسلم أن يجاهد نفسه طوال حياته للالتزام بطاعة الله والابتعاد عن المعاصى والمخالفات والاهواء .. كما فرض الله على كل قادر فى الأمة الإسلامية القتال ضد أعدائها إذا ما بدر من جانبهم أى بادرة للاعتداء على أرض المسلمين ومقدساتهم وحرماتهم .. ولقد بين الله تعالى أن جهاد النفس هو السبيل إلى فلاح المؤمنين فى دينهم ودنياهم .. وبين أن انتصار المؤمنين على أعدائهم مشروط بانتصارهم على أنفسهم كما جاء فى قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)7محمد .. فقوله تعالى (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ) معناه (إن تنصروا الله على أنفسكم) .. فالمؤمنون ينتصرون على أعدائهم بطاعتهم لله ومعصية أعدائهم له كما جاء فى قول سيدنا عمر بن الخطاب للمؤمنين الذين خرجوا لقتال أعدائهم (إنما ننتصر عليهم بطاعتنا لله ومعصيتهم له) .

ورغم أن هذا المعنى للجهاد لا يخفى على أى مسلم إلا أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة قد حرفت معنى الجهاد وتحولت به إلى فتنة التقاتل بين المسلمين بعضهم البعض وتدمير وتخريب المجتمعات الإسلامية على النحو الذى نراه اليوم فى العديد من الدول الإسلامية .. ولعله لا يخفى على أى مسلم أن الجماعات الإرهابية بما تتسبب فيه من إضعاف لجيوش المسلمين وتفتيت للبلاد والمجتمعات الإسلامية إنما تقدم أشد العون لأعداء الإسلام للاستمرار فى احتلالهم لأقدس مقدسات المسلمين فى القدس ونهب ثروات البلاد الإسلامية والتحكم فى مقاليدها وفى حاضرها ومستقبلها .. كما يدرك أى مسلم بقليل من التدبر أن أتباع ابن تيمية من الإخوان المسلمين وغيرهم لا يلقون بالاً ولا يهتمون مطلقاً من قريب أو من بعيد بجهاد النفس وصلاح المعتقد وهداية النفس الإنسانية لأن كل اهتمامهم وأهدافهم تنصب فى الوصول إلى الحكم والسلطة حتى ولو كان الثمن هو سفك الدماء وخراب الديار والمجتمعات الإسلامية


7)المتاجرة بشعارات (إقامة الحدود والحكم بما أنزل الله وتطبيق الشريعة) :

أوردنا فى سلسلة المقالات السابقة حقيقة معنى (الحكم بما أنزل الله) وتطبيق الشريعة الإسلامية .. وأوضحنا أننا عندما نتدبر مزاعم وشعارات الجماعات الإرهابية والمتطرفة نجد أنها تزج بتلك الشعارات للمتاجرة فى صراعها على الحكم والسلطة .. وتخفى الحقيقة الواضحة التى أوردناها وهى أن الآيات التى تأمر بالحكم بما أنزل الله لا تخاطب الحاكم وحده فقط .. وإنما تخاطب كل مسلم وتأمره بأن يحكم فى كل أمور دينه ودنياه بما أنزله الله فى القرآن وبينه سيدنا رسول الله فى السنة الشريفة .. والحاكم أيضاً – كغيره من المسلمين – مخاطب بهذا الخطاب .. وهو مسئول عن الحكم بما أنزل الله فى كل أمور دينه ودنياه كما أوردنا بالتفصيل فى مقالنا فى هذا الموضع ..

وكذلك فإننا عندما نتدبر فى معنى (حدود الله) فى آيات القرآن يتبين لنا فى وضوح أن معنى الحدود لا يقتصر فقط على بعض العقوبات كحد السرقة وحد الزنى وغيرها وإنما تشير الحدود إلى الفرائض التى فرضها الله تعالى فى العبادات والمعاملات.. ويكفى لإدراك هذه الحقيقة الواضحة أن نتوقف أمام الآيات التى ورد فيها قوله تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ) فى سورة البقرة وسورة النساء وغيرها لندرك أن الحدود التى تشير إليها هذه الآيات هى فرائض فرضها الله عز وجل فى أحكام الصيام والزواج والطلاق والمواريث والمعاملات المالية والمحافظة على الحقوق بين المسلمين وكذلك أحكام الصيام وغيره من العبادات.. وتحذر الآيات كل مسلم من الاعتداء على حرمات الله فى ما يأمر به الله فى كتابه وعلى لسان رسوله..

ومن الحقائق الفقهية المعروفة التى يخفيها دعاة الفتنة فى هذا الصدد أيضاً أن التعازير (وهى القوانين التى يسنها الحاكم لردع المجرمين وتحقيق الأمن وحماية الحقوق والحرمات) هى عقوبات شرعية .. كما يخفون كذلك أن إقامة الحدود – كحد السرقة وحد الزنى - تستلزم توافر العديد من الشروط الفقهية التى تجعل تطبيقها محدوداً للغاية.. ويتعمد دعاة الفتنة إخفاء هذه الحقائق من أجل المتاجرة بما يسمونه بإقامة الحدود وإثارة المسلمين غير المدركين لهذه الحقائق الفقهية فى صراعهم من أجل الحكم والسلطة ..

.........

وفى نهاية مقالنا فإننا نورد قوله تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)24محمد .. والذى يدعو فيه المولى عز وجل كل مسلم إلى تدبر القرآن وأن لا يغلق أذنيه عن الاستماع وعقله عن التدبر حتى تتحقق له النجاة ولا يسقط ضحية لدعاة الباطل بسبب إغلاق عقله .. فلقد وصف سيدنا رسول الله هؤلاء الدعاة بقوله فى الحديث الشريف (يكون دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها).