الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اتصل بالست ريهام!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لإخراج وحرق أعتى الجان اتصل بالست ريهام"... "تنبيه هام".. بادر الآن.. الأماكن محدودة جدًا.. رجاءً إذا وجدت الرقم مشغولا أعد المحاولة.. لدينا تشكيلة رائعة من الجان.. تخفيضات هائلة بمناسبة أعياد رأس السنة.لا أستبعد أننا في القريب العاجل بل والعاجل جدا يمكن أن نقرأ مثل هذا الإعلان... بالطبع لا أسعى من وراء كلامي هذا للإساءة إلى أحد.. لكنني في الوقت نفسه– وهذا حقي- لست مقتنعا بالفيلم الهندي الذي ملأ الدنيا ضجيجا، وما زال عن فتيات المس الشيطاني بالغربية.. يا سادة لقد شاهدت الحلقتين من البداية للنهاية.. شغفا.. تطفلا.. قل ما شئت.. لكنني للحظة واحدة لم أقتنع بما أرى.. كان الأمر برمته مبالغ فيه ومستفز ومهين لعقولنا.. كان حديث الست ريهام الهامس وانحيازها الكامل– دون مبرر- لتعرض الفتيات للمس مثيرًا للدهشة.
فقد انبرت للدفاع والإشادة بكلام الطبيب النفسي الكبير لمجرد أن رأيه وافق هواها.. مع أن الرجل كان مهنيا وواضحا كالشمس فيما قاله.. وفي الوقت نفسه هاجمت الطبيبة الأخرى لمجرد أن شقيق البنات لم يعجبه طريقتها في العلاج بعيادتها، وكأن هذا الشقيق فقيه في الطب النفسي.
وزعمت إن هذه الطبيبة خدعتها حين وعدتها بأنها ستحقن الطفلة الصغيرة- أصل المشكلة- ببنج موضوعي لكنها أعتطها محلول ملح!.
وكانت النتيجة هي افتعال مشكلة لمنع الطبيبة من مجرد استكمال فكرتها أو خطة علاجها، وهكذا تم إظهارها في ثوب غير الفاهم أمام مرضاها، والرأي العام بأسره، وكأن ما درسته طوال عمرها كان هباء منثورا، طالما لم يوافق هوى الست ريهام التي كانت طوال الوقت تدفع بالأحداث لأقصي نقطة من التشويق قبل أن تتنهد بهدوء وترمق سقف الاستوديو بعيون زائغة تملؤها الحيرة وتلقي بقنبلة حل اللغز في وجه الجميع ممثلة في المعالج القرآني البرلماني اللوذعي.. ثم تعلو وجهها ابتسامة الثقة.. وهي تعلن بكل فخر انتصار الجهل على العلم والخرافة على ثوابت الدين.
إن الأمر جد خطير فبرنامج الست ريهام لم يكن سوى حلقة لا تنتهي في سلسلة تغييب العقل المصري والدفع به إلى أتون حرب غير مقدسة تدمر النفس وتزيدنا بعدا عن الدين واليقين.. وليس مبالغة أن نزعم أن هذه الحلقة المزعومة كانت أكبر مكافأة للدجالين وتجار الوهم، فمنذ يومين أو يزيد ومواقع التواصل الاجتماعي تشهد حراكا غير مسبوق من الدجالين، حيث انتشرت أرقام تليفون ودعاية فجة لأناس يزعمون إفكا أنهم يفعلون المعجزات.. بداية من ضرب الودع وفتح الفنجال وحرق الجان.. وجلب الحبيب ورد المطلقة.. وقريبا إدخال الجنة بلا حساب.. كما بدأت العديد من القنوات الفضائية تطرح لنا قيحا وتبث سمومها عبر أفواه قرود يزعمون بكل تبجح قدرتهم على العلاج الروحاني، ويحذرون من التعامل مع غيرهم، فهم وحدهم أصحاب الشهادات الدولية، ويشهد لهم الأنس والجان بالقدرة والتميز.
يا سادة لقد بتنا في حاجة ماسة إلى يقين إلى التصدي لهذا السيل العارم من الدجل والشعوذة.. ولعله من حقي وحقك أن نسأل.. لماذا هذا الصمت الذي يصل إلى حد التواطؤ من المؤسسات الدينية؟ وأين دور الأزهر الشريف من هذا العبث؟ وهذه الترهات التي تملأ حياتنا وتنسف ثوابتنا؟ ولماذا نندهش حين نسمع عن تزايد عدد الملحدين والفساد بشكل عام في مصر ما دامت صحفنا وقنواتنا الفضائية وبيوتنا تؤمن بالدجل والشعوذة والخرافات.. فما من قرية في ريف أو صعيد مصر إلا وبها حكاية أو قصة من نوع قصص الست ريهام.. ولو تركنا الباب على مصراعيه فلن يغلق إلي يوم القيامة.. وستحرق ناره الجميع دون استثناء.. لا فرق بين جاهل ومتعلم.. فقد سمعت بأذنيي مثقفين يدافعون بقوة عن حلقة الست ريهام ويؤمنون بكل ما جاء فيها- وهم أحرار بالطبع- لكن المشكلة أن الأمر امتد إلى الأطفال وهنا مكمن الخطورة، رأيت ابنتيّ مذعورتين بعد مشاهدة الحلقة المزعومة.. لأول مرة منذ سنوات تنامان معا، وتتركان باب الحجرة مفتوحا، كان حديثهما مع الصديقات ينصب على الحلقة وحين رأيت الأمر يستفحل تدخلت بقوة ووأدت الفتنة.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.