الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عادل الضوي.. تكريم يليق بأهله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صعب جدًا أن يعترف أبناء الجيل الواحد بأستاذية واحد منهم، هذه طبيعة بشرية معقدة، الوحيد الذي استطاع الإفلات من تلك الطبيعة هو عادل الضوي المثقف والباحث الصحفي والمناضل، الملتزم بمبادئه المتمرد على الواقع، وقبل هذا كله الإنسان الراقي صاحب الخلق الرفيع، لم يدخل أبدًا في مقارنة مع أحد أو منافسة مع زميل لأنه ببساطة هو القائد الذي أثر بوجوده في كل من التقى بهم في محيط ميداني الثقافة والسياسة، فكان أستاذا لأبناء جيله ومن تلاهم.
أكتب هذا بمناسبة تكريم نقابة الصحفيين له الأسبوع الماضي وحصوله على درع التفوق الصحفي، هذا الخبر أسعد جيلا كاملا من زملاء ورفاق درب عادل الضوي، فأخيرا التكريم يصل إلى أهله، الضوي الذي لم يبحث عن أضواء منذ فجر شبابه وتألقه بمحافظة المنيا تجاوز الآن الخمسين من عمره، عقود طوال قدمها للوطن وللناس دفاعا عن معتقده كاشتراكي يحلم بالعدالة الاجتماعية، وكفنان يحلم بتماثيل رخام ع الترعة وأوبرا، وكمثقف رفيع المستوى يحلم بحق التعليم كما قال بلدياته طه حسين كالماء والهواء للناس أجمعين.
في المنيا قبل ثلاثين عاما يقف عادل الضوي مع نفر قليل من اليسار المصري وفي مقدمتهم الباحث والمناضل عبدالرحيم علي رفيق درب الضوي يواجهون التأسلم السياسي في عقر داره، كم من تهديدات بالقتل تلقوها، وكم من عذابات التضييق الأمني، وكم من الفرص التي أهدروها وهم سعداء دون ندم، فعلى سبيل المثال كان مستقبل عادل الضوي محددا بالحصول على الماجستير والدكتوراه ليلتحق مدرسا بالجامعة، وهو الباحث الفذ وصاحب الذهن المرتب والمنهج العلمي، لكن هذا الطريق سوف يبتعد بالضوي عن دائرة اللهب التي اختارها بإرادته وهي العمل بين الناس ومد اليد كطوق نجاة لهم فيصلون إلى بر السلامة ويصل معهم الوطن المرتبك.
يبتعد الضوي عن ذاك الطريق ويقود اتحاد الشباب التقدمي بحزب التجمع ثم تخطفه جريدة الأهالي محررا بها، لا يكتفي بذلك، يخوض الانتخابات الحزبية الداخلية فائزا في كل معاركة بفضل ثقة كل زملائه في إمكانياته أمينا للإعلام المركزي لدورتين، بعدها أمينا للشئون البرلمانية، يناضل الضوي ولا يبتعد عن موهبته الأصلية في البحوث والدراسات، والآن يرأس تحرير بوابة الحركات الإسلامية، يحاول أن يقدم للناس الضوء والأمل، أن يقدم للناس الحقيقة، وأن يعود إلى بيته وبناته الجميلات بضمير مرتاح، بعيدا عن صراعات مقتسمي التورتة.
كنت سعيد الحظ عندما ألقت بي المصادفة في طريق عادل الضوي وهو يقود معسكر اتحاد الشباب التقدمي الذي انعقد بالإسماعيلية نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وما أصعب من ضبط جموح الشباب المشاركين وقد زاد عددهم عن مائة وخمسين شابا جاءوا من محافظات مصر المختلفة يوزعون التمرد بيمناهم والثورة بيسراهم، وبين تلك الأمواج الصعبة يستطيع القائد عادل الضوي ورفيقه الكاتب الصحفي البورسعيدي حمدي جمعة تجاوز كل الصعاب والوصول بالمعسكر الذي استمر سبعة أيام إلى بر الأمان، ليأتي لهم الزعيم خالد محيي الدين في حفل الختام ليعمدهم في نهر النضال ويباركهم بالأمل الجميل.
وعندما قفزت السنوات أمامنا وعادل الضوي مع زملائه يحرثون الأرض، ويرمون البذور من أجل التغيير الشامل بمصر، صارت الوقفات الاحتجاجية ثم المسيرات ثم التظاهر، عشرات تناسخوا لمئات ثم آلاف حتى جاءت الأيام الموعودة، وبرز الطوفان البشري المصري بالملايين، هنا لا بد أن أتوقف باهتمام وتركيز عند عادل الضوي صاحب الصوت الخفيض المهذب، وهو ما يتناقض مع هتاف الصاخبين في المظاهرة، ولكنه يبحث لنفسه عن رسالة ما يؤديها في تلك البروفات التي تمهد للثورة فكانت حراسة اللافتات ورفعها بالمطالب، وكانت البيانات التي هي من صياغته، وكانت محبته التي يوزعها على المشاركين فيزداد صمودهم.
فإذا كانت نقابة الصحفيين قد احتفلت بعادل الضوي وكرمته، فنحن نحتفل أيضا بوجوده بيننا، لنرد له بعضا من كرم عطاياه، انتصرت الثورة يا عادل كما حلمت بها، وغدا سيكون الغلابة في أول الصفوف كما تريد، فما نراه اليوم من تغيير هو حصاد سنواتكم الطوال أنت وأبناء جيلك، عندما وهبتم أنفسكم لخدمة بذور الثورة وريها بالدموع والعمر الذي يمضي مسرعًا.