الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

طائرة فوق الأقصى.. خرافة يهودية تنذر بقرب نزول المخلص المنتظر.. الحسيني: وسيلة جديدة لتهويد القدس

الأقصى
الأقصى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن إطلاق مستوطنين يهود لطائرة صغيرة للتحليق فوق الأقصى بالقرب من باب الرحمة، أو كما يسمونه "الباب الذهبي" المغلق عند الجدار الشرقي للمسجد عملاً إجراميًا عابرًا من قبيل الصدفة، ولكنه يأتي من منطلق خرافة يهودية قديمة وهى أن النبي المخلص المنتظر الذي يأتي في آخر الزمان لكي يدمر كل أعداء اليهود ويحكم العالم ويقيم مملكة اليهود في فلسطين سيدخل من هذا الباب.
ويعتبر المستوطنون اليهود أن إطلاق الطائرة أمس بالقرب من باب "الرحمة" يعد رسالة قوية إلى يهود العالم أجمع بأن ظهور المخلص المنتظر قد اقترب وأنه سيتم فتح الباب قريبا لدخول هذا النبي الذي يؤيده الله بالقوة الروحية والمادية فكما أنه نبي فإنه سيكون أيضا رجل حروب يقاتل الأعداء وينتصر عليهم، وذلك حسب معتقداتهم.
ويرى خالد الحسيني، نائب رئيس هيئة مرابطي القدس، خلال حديثه مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط برام الله، أن ممارسات المستوطنين اليهود بالمسجد الأقصى وبخاصة إطلاق الطائرات فوق المسجد بالقرب من باب الرحمة تأتي من منطلق اعتقادهم بأن النبي المخلص سيدخل من هذا الباب وأن هذه اللحظة قد اقتربت، مشيرا إلى أنهم يبتكرون كل يوم وسيلة جديدة لتهويد الأقصى والمدينة بأكملها.
ومن جانبه، أكد محمد الصادق، مدير مركز إعلام القدس، أن أي شخص غير المستوطنين يتواجد في منطقة باب الرحمة يتم اعتقاله فورًا، فهى عند اليهود منطقة مقدسة، مشيرًا إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق طائرة فوق المسجد الأقصى ولكنها المرة الرابعة، وهذا التصرف يحمل في طياته خرافة يهودية باقتراب دخول النبي المخلص من هذا الباب، حيث تم قبل ذلك إطلاق طائرات صغيرة وكان أولها من منطقة باب الرحمة أيضًا، الثانية من منطقة حائط البراق والثالثة من منطقة القصور الأموية.
ومخلص اليهود المنتظر- كما يعتقدون- هو ملك من نسل داوود سيأتي ليعدل مسار التاريخ اليهودي والبشري، فينهي عذاب اليهود ويأتيهم بالخلاص ويجمع شتات المنفيين ويعود بهم إلى صهيون ويحطم أعداء إسرائيل، ويتخذ أورشليم (القدس) عاصمة له، ويعيد بناء الهيكل، ويحكم بالشريعتين المكتوبة والشفوية اليهودية (التوراة والتلمود)، ويعيد كل مؤسسات اليهود القديمة.
ويستمد اليهود ذلك الإيمان من بعض النصوص الموجودة في التوراة وتتحدث عن قدوم ذلك المخلص الذي سيأتي في آخر الزمان وتتحدث تلك النصوص عن صفته وعن الأرض التي سيخرج منها وعن وصف قومه وأمته وخصائص دعوته
أما باب الرحمة، فهو باب عظيم مغلق في الجدار الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، ويمثل جزءًا من السور الشرقي للبلدة القديمة، يبلغ ارتفاعه 5ر11 متر، وهو مكون من بوابتين "الرحمة" جنوبًا و"التوبة" شمالاً، ويقع إلى الشرق من الباب خارج السور مقبرة "باب الرحمة" التي تضم قبري الصحابيين شداد بن اوس وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما، وبها قبور شهداء مجزرة الأقصى وفي الغالب أنه تم إغلاق الباب على يد السلطان صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير القدس بهدف حماية المدينة والمسجد من أي غزو محتمل.
وكانت أولى الاعتداءات على باب الرحمة عام 1869 حيث قام المستكشف وارين بحفر نفق رأسي خارج الباب الذهبي في مقبرة الرحمة، كان عمق الحفر ثمانية أمتار فوجد تربة طينية ثم تربة صخرية واخترق أحد القبور الصخرية أيضاً.
وفي حرب 1967، حاول موشـيه ديان فتح الباب إلا أنه فشل، فقامت دائرة الأوقاف ولجنة إعمار الأقصى فـي السبعينيات بترميمه ومـد الكهربـاء له، وقد أعمرت الباب والقاعة لجنة التراث الإسلامي واتخذتها مقرا لأنشطتها الدعوية داخل الأقصى منذ عام 1992، حتى جرت محاولة اقتحام له تم إحباطها في عام 2002، عندما حاول صهيوني فتح قبر المولوية الملاصق للباب من الخارج، وحفر نفق تحته ينفذ إلى داخل المسجد الأقصى المبارك، وقامت سلطات الاحتلال الصهيوني بحل اللجنة عام 2003.
واستكمالاً لفرض الطابع اليهودي على الباب والمقبرة، قامت قوات الاحتلال في عام 2005 بإعلان المنطقة متنزه عام وصادرت في منتصف عام 2008 أكثر من 800 متر مربع من أراضي مقبرة باب الرحمة، وفي 29 مايو 2007 أصدر آفي ديختر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي قرارا بمنع المقدسيين من دفن موتاهم في جزء من مقبرة باب الرحمة بزعم أن المسلمين قد استولوا على هذا الجزء، وأقاموا عليه مقبرة بينما هو في الأصل حديقة قومية.
وفي 16 يوليو 2008، أدخلت إسرائيل عددا من الجرافات إلى المقبرة ودمرت عددا من القبور، وغطت معظم المكان بالرمل الأحمر، وكانت هى خطوة أولى في مشروعٍ يهدف لتحويل المقبرة إلى حديقة عامة، وإقامة تلفريك يربط بينها وبين جبل الزيتون، لتكون بوابة للقادمين من التجمعات الاستيطانية الهائلة شرق المدينة في مستوطنة "معاليه أدوميم" ومحيطها.
هذا هو باب الرحمة يخضع اليوم إلى أكبر حملة تدميرية تهويدية شرسة تنهش حجارته وتنهش مقبرته كي تحوله إلى باب يدخل منه النبي المخلص وتحقق به عقائد وأهداف صهيونية مخترعة، وهو ما يدل على أن الاحتلال يقوم كل يوم باختراع أساليب جديدة ومبتكرة يهدف من وراءها تهويد معالم القدس.