الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سبق وأن أجابوا عن الأسئلة نفسها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، مصاب بحالة عارمة من الغضب هو وبقية أعضاء الدعوة وحزبها "حزب النور" الذراع السياسية للدعوة، الغضب العارم سببه ما أسموه بتعسف وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ضدهم.
القضية كلها في حرمانهم من المجال الحيوي الذي استولوا عليه بمباركة سلطتي السادات ومبارك، ألا وهو منابر المساجد، تركها لهم النظامان يبخون فيها ويبثون ما شاء لهم من سموم فكرية في عقول البسطاء، والآن وبعد ثورة 25 يناير وخروجهم لفضاء الميادين أصبح المجال أرحب بالنسبة لهم، وتصوروا أنهم قادرون على قيادة الشعب إلى غياهب التاريخ وكهوف الماضي.
ولولا ثورة الشعب على حكم الإخوان لكان للدعوة السلفية موقع آخر غير الذي تتمرس فيه الآن، ولن ينطلي على أحد تلونهم في إعلان قياداتهم للانحياز لثورة 30 يونيو بينما قواعدهم كانت في رابعة العدوية.
الدعوة السلفية وخاصة كبيرها ياسر برهامي، يتحرقون شوقًا للوقوف على المنابر فهي أداتهم الأساسية في استلاب العقول وتدميرها، لذا كان موقفهم الغاضب من اختبارات وزارة الأوقاف لإجازة الدعاة والخطباء، وبالمناسبة "سقط" عبد المنعم الشحات في اختبار الإجازة ورفض ياسر برهامي خوض الاختبار.
وبينما ما زالت الأسئلة نفسها مطروحة عليهم وهم يستعدون لخوض الانتخابات البرلمانية، وإذا كانوا لم يجيبوا عن أسئلة امتحان وزارة الأوقاف، فعلى كل الناخبين أن يطالبوهم بالإجابة عن الأسئلة ذاتها وعينها، ولا بد أن يحاصروا بها وهم يتجولون في الدوائر الانتخابية.
ومن بين الأسئلة التي طرحتها وزارة الأوقاف على المتقدمين للاختبارات:
ما حكم العمل بشركات التأمين، ما حكم الوقوف للسلام الجمهوري، وبناء ما هدم من دور العبادة لغير المسلمين، وتولي المرأة للقضاء، ومفهوم الموت الإكلينيكي وحكمه، وهل يجوز تولي القضاء في بلد يحكم بقوانين وضعية، وحكم إقامة المتاحف للآثار الفرعونية والمصرية القديمة، ومفهوم الخلافة الإسلامية ومدى قابليته للتطبيق، ورأي الشرع في أنظمة الحكم الملكية والديمقراطية؟.
هذه الأسئلة أو القضايا أجاب عنها "نجوم" الدعوة السلفية منذ خروجهم للعلن في الميادين بعد 2011 وحتى بدايات التعبئة للثورة المصرية على حكم الإخوان، أجابوا عنها في تصريحاتهم ومواقفهم، فهل ننسى أنهم يعتبرون أن ضحايا العمليات الإرهابية من المسيحيين ليسوا شهداء، وأنهم رفضوا الوقوف حدادًا على أرواح الشهداء، وللسلام الوطني أيام كانوا أعضاء في برلمان الإخوان، ثم إننا لن ننسى مقولة عبد المنعم الشحات وهو أحد نجوم الدعوة السلفية في وصفه للحضارة الفرعونية بالحضارة العفنة، ولن نتحدث كثيرًا في موقفهم من تولي المرأة للقضاء، بل سنواجههم بموقفهم من المرأة التي قال أحد نجومهم "إن وجهها كفرجها"، أما عن الديمقراطية والدستور والقوانين الوضعية فهي أمور الحياة الدنيا التي حسموا القول فيها حتى وإن تلونوا لبعض الوقت، فهم لا يؤمنون لا بالعلم ولا بالحضارة ولا بالمساواة ولا بالقوانين ولا بالدستور.
وفي هذه المرحلة لا يكفي فقط أن تتصدى لهم وزارة الأوقاف؛ بل على أجهزة الدولة الثقافية والتعليمية أن تضع الخطط لمواجهتهم فكريًا، والدولة تمتلك من المنابر الثقافية والمعرفية الكثير الذي تستطيع من خلاله المواجهة.
فالبناء الفكري للدعوة السلفية يمثل خطورة كبرى على العقول، لا بد من مواجهته على ألا تظل المواجهة وكأنها معركة ثنائية بين ياسر برهامي والدكتور محمد مختار جمعة، فهي معركة بين الماضي المظلم والمستقبل الذي نحلم به.