الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

روسيا تتجه لتسوية سياسية للصراع السوري.. تحركات لعقد مؤتمر "موسكو 1" بين النظام والمعارضة.. قواعد جديدة تقتضي اشتراك التنظيمات المسلحة في التسوية وسط توقعات باستفادة كبرى لـ"دمشق"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصدرت وحدة العلاقات السياسية الإقليمية، بالمركز الإقليمي للدراسات تقريرًا حول احتمالات نجاح روسيا الاتحادية في طرح تسوية سياسية للصراع الجاري في سوريا، وذلك في ضوء التحركات الأخيرة التي ترعاها موسكو تقوم على خلق توافق بين نظام الرئيس بشار الأسد، والمعارضة التي بدأت في التواصل مع الكرملين.
يقول التقرير: إن هذه التحركات تسير على نحو قد يمهد الطریق لتحقیق إنجاز دبلوماسي تحت اسم "موسكو-۱"، یضاف إلى نجاحها السابق في فصل قضة الأسلحة الكیماویة التي يمتلكها النظام السوري عن قضیة التغییر السیاسي في البلاد.
ويشير التقرير إلى أنه يمكن الاستدلال على هذا التوجه الروسي عبر تطورین رئیسین؛ أولهما يتمثل في زیارة نائب وزیر الخارجیة الروسي میخائیل بوجدانوف إلى سوریا وإعلانه استعداد بلاده لاستضافة حوار أمریكي- سوري في حال تقدمت الحكومة السوریة بطلب من ھذا النوع.
ويرى التقرير أن هذا الموقف الروسي يمثل- وفقًا لاتجاهات عديدة- محاولة للبناء على التقارب غير المباشر بين واشنطن ودمشق، والذي يشير إليه إعلان الرئيس السوري بشار الأسد استعداده؛ لأن یكون "شریكا" في الحرب ضد تنظیم "داعش"، لافتا إلى أن ھذا الموقف الروسي، جاء، طبقا لتقديرات محددة، بعد الحصول على ضوء أخضر من إدارة الرئیس الأمریكي باراك أوباما.
أما التطور الثاني- وفقا للتقرير- فيتعلق باللقاءات المستمرة التي تجمع مسئولین روس مع بعض ممثلي قوى المعارضة السوریة، والتي كان آخرھا زیارة وفد المعارضة السوریة إلى روسیا، ثم لقاء بوجدانوف مع بعض مسئولي المعارضة في اسطنبول.


ولفت التقرير إلى أن ھذا التطور هو تعبير عن حدوث تحول مهم في المواقف الروسية من الصراع في سوریا منذ مارس ۲۰۱۱، فرغم استمرارها في تقدیم الدعم العسكري واللوجیستي والسیاسي لنظام الأسد، إلا أنها بدأت في تأسیس علاقات وشبكات مصالح مع المعارضة، ربما استعدادا لمرحلة ما بعد تسویة الأزمة في سوریا.
وحول أسباب توجه موسكو نحو تحریك الحل السیاسي في الأزمة التي وصلت إلى طریق مسدود مع اقتراب عامها الرابع على الانتهاء، يذهب التقرير إلى أنه يمكن تفسيره في ضوء اعتبارین: الأول ينصرف إلى محاولات روسیا الخروج من عزلتها الدولیة التي فرضت علیها بسبب تدخلها في أوكرانیا، حیث بدأت تتجه نحو توسیع شبكة تحالفاتها، وھو ما یبدو واضحا في سعیها لتنشیط العلاقات مع تركیا، فرغم التباین الواضح في سیاسات موسكو وأنقرة تجاه تطورات الصراع في سوریا، إلا أن ذلك لا ینفي أن ثمة حرصًا من جانب الطرفین على تقلیص حدة التداعیات المحتملة التي یمكن أن يفرضها هذا التباین على مصالحھما الاقتصادیة، بشكل ربما یؤدي في النھایة إلى تحقیق نوع من التقارب بین تلك السیاسات.
أما الاعتبار الثاني فيرتبط بسعي روسیا إلى إعادة تفعیل دورها البارز في الصراع السوري، خاصة بعد قیام الولایات المتحدة بتشكیل التحالف الدولي ضد تنظیم "داعش"، والذي لم تشارك فيه موسكو، وكان "سیرجي لافروف" وزیر الخارجیة الروسي، قد أكد على أن بلاده تعمل في اتجاه عقد مؤتمر دولي في موسكو، في ضوء اتصالاتها الیومیة مع الحكومة السوریة، والذي تسعى في الوقت نفسه إلى إقناع مجموعات المعارضة السوریة بضرورة العمل المشترك لصالح بلادها وشعبها.


ويشير التقرير إلى أنه رغم عدم مشاركة روسیا في التحالف الدولي ضد "داعش"، إلا أن هذا لا یعني أنه لا یمثل خطرًا على روسیا، خاصة في ضوء نجاحه في استقطاب مقاتلین من مناطق قریبة من حدود الأخیرة مثل آسیا الوسطى، بشكل یعزز من احتمالات عودتهم مرة أخرى إلى بلادهم، وھو ما یفرض تهدیدات عدیدة لأمن ومصالح روسیا.
وفيما يتعلق بالعقبات التي قد تقف في طريق التحركات الروسية وإمكانية عقد "موسكو1" يلفت التقرير إلى أمرين، يتمثل أولهما في مشكلة التمثیل السیاسي للمعارضة، حیث تتباین مواقف الأطراف المعنیة بالأزمة حول توصیف قوى المعارضة السوریة التي تنتمي لتیارات مختلفة، بينما يرتبط الثاني باستمرار سیطرة النظام على مساحات واسعة من الأراضي السوریة، ونجاحه في الحفاظ على رصید شعبي لا یمكن تجاهله، وهو ما یعني أنه لن یقبل بأیة تسویة سیاسیة لا تجعله المستفید الأكبر منها، خاصة أن قوى المعارضة التي توصف بـ"المعتدلة" لم تعد، طبقًا لاتجاهات عدیدة، الرقم الأهم في الصراع مع النظام، بعد أن أصبح "داعش" وفصائل مثل "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" هي الأكثر تأثیرًا في المعادلة العسكریة، وهذا إلى جانب أن قوى المعارضة تبدو منقسمة حول أي تحرك روسي للوصول إلى تسویة.
ويخلص التقرير إلى أن التحركات الروسیة الجدیدة تشیر إلى إدراك موسكو أن هناك قواعد لعبة جدیدة تتشكل، خاصة بتحول التنظیمات المسلحة في سوریا إلى طرف أساسي في أیة تسویة محتملة، ومن هنا ترتبط فرص نجاح تلك التحركات بدرجة توافق المعارضة والنظام على قبولها، وبمدى تحقیقها مطالب الحد الأدنى لكل منهما، فضلًا عن تأیید واشنطن لها، والذي یتأثر بدوره بتطورات الصراع في سوریا.