الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ننشر التوصيات النهائية للمؤتمر السنوي الرابع حول المخاطر العالمية على المنطقة العربية: تحذير من انهيار معايير النظام البيئي والفساد والفقر المائي والتصحر والتفريط في البيئة النظيفة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

انتهت اليوم الخميس، أعمال المؤتمر السنوي الرابع عشر، للتعاون على بناء المرونة تجاه المخاطر العالمية في المنطقة العربية، الذي عقدته المنظمة العربية للتنمية الإدارية، المنبثقة من جامعة الدول العربية، تحت رعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي.

تضمّن البيان الختامي عددًا من التوصيات حول مخاطر النظام الاقتصادي، حيث يتضح أن هناك تراجعًا حادًا في الاستثمارات، وبالتالي النمو الاقتصادي في معظم الدول العربية، خاصة الدول التي واجهت مشكلات سياسية وتغييرات هيكلية في منظومات الدولة وخياراتها.

كما يتفهم المؤتمر أن الضغوط التضخمية في العديد من الدول العربية قادت إلى تفاوت واضح في دخول المواطنين ومستواهم الاقتصادي ودرجة جودة حصولهم على مستلزمات الحياة.

لاحظ المؤتمر تأثر الدول العربية بالأزمات المالية العالمية المتتابعة وما قادت إليه من ضعف الطلب وارتفاع في أسعار المواد الأولية والمنتجات التي تنتجها، وهناك اختلالات هيكلية في السياسات الاقتصادية والمالية، وضعف في القدرات التنافسية وتفاقم معدلات البطالة وارتفاع فاتورة الغذاء والطاقة وتزايد أعباء الديون وتحديدًا على الدول العربية غير النفطية، وتزايد العجز المالي والتجاري في الموازنات الحكومية.

أظهرت الأزمات باختلاف أسبابها أن فرص التعاون بين الدول العربية في التعامل مع المخاطر الاقتصادية وتفادي تأثيراتها السلبية يتطلب إظهار أقصى درجة من المرونة في الرؤية والخيارات.

يؤكد المؤتمر على أن هناك حاجة قوية لإنضاج تصور شفاف وبلورة رؤية واقعية ومرنة لآليات التعاون الاقتصادي ومساراتها بين الدول العربية، يتقدم ذلك منطقة التجارة الحرة العربية واتفاقيات تسيير التجارة البينية والاتحاد الجمركي العربي وصولًا للسوق العربية المشتركة.

يدعو المؤتمر الاستشاريين المعتمدين لمراكز القرارات في الدول العربية إلى تشخيص المخاطر المرافقة للظواهر الاقتصادية الخارجية والداخلية وقياس تأثيراتها الجيوسياسية على المستوى الوطني والإقليمي.

يعترف المؤتمر ويقر بأن الدول العربية عمومًا تواجه مخاطر بيئية مختلفة، تشترك أو ينفرد بعضها بتلك المخاطر ومنها: مشكلات الفقر المائي واقتسام المياه مع الدول الواقعة على مجاري الأنهار ومنابعها، ومشكلات التصحر واستنزاف المياه الجوفية، زيادة معدلات التلوث البيئي، اقتران التفريط في البيئة النظيفة بظهور الأمراض ومخاطر العيش الآمن.


لاحظ المؤتمر وجود مؤشرات واضحة على انهيار حقيقي في معايير النظام البيئي الصالح للحياة، في بعض الدول العربية التي تأثرت مناطقها بالعمليات العسكرية ومسارات العنف والصراعات خلال العقدين الأخيرين.

يدعو المؤتمر الحكومات العربية إلى توظيف قدراتها البشرية والمالية والاستعانة بالمنظمات الدولية المتخصصة، لوضع حلول جذرية لمعالجة آثار التلوث البيئي المفرط ورسم خططها وتوفير متطلبات إقامة وضع بيئي يحافظ على حياة البشر والنبات والحيوان.

يدرك المؤتمر أن مواجهة أسباب التلوث تتقدم جهود الإنفاق على معالجة نتائجه، لذا لا بد من التعاون القوى بين دول المنطقة العربية والإقليم في معالجة أسباب التلوث وتداعياتها.

لاحظ المؤتمر أن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي واجهتها المنطقة العربية ولازالت تواجهها، أظهرت نقاط ضعف واضحة لتطبيقات الحوكمة، ونظم الإدارة العامة فضلًا عن هشاشة النظم المكونة لكيانات الدولة وتدني سماتها المؤسسية.

يرى المؤتمر أن ضعف قواعد الرقابة وسوء تطبيق التشريعات والقوانين وتدني مستوى المهارات قاد إلى تشوه الهياكل التنظيمية للوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية، وانهيار كثير من أنظمة الخدمات وشيوع ممارسات الفساد المالي والإداري.

يؤكد المؤتمر على أن هناك حاجة واضحة للحوكمة الجديدة وتحديث جذري في نظم الإدارة العامة بما يمكنها من الاستجابة لتداعيات التغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويحد من مخاطر الانهيار المؤسسي، مع الأخذ في الاعتبار أهداف التنمية المستدامة المطروحة حاليًا على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.

يجزم المؤتمر بأن ترسيخ آليات وممارسات تطبيق الشفافية والمساءلة والمشاركة والتقييم الذاتي للإجراءات التنظيمية للمشاركة في صناعة القرار والمساواة والمسئولية الإدارية والجدارة وأخلاقيات إدارة الخدمات العامة تعد من الشروط الحاكمة لمواجهة مخاطر استحقاقات ضعف الدولة وسلطاتها.

يقر المؤتمر بوجود تحديات ومخاطر حقيقية تواجه الدول العربية يتقدمها الحفاظ على سيادة القانون وانفاذه ومواجهة الجريمة المنظمة فضلًا عن الممارسات التي تهدد السلم الاجتماعي والعيش الآمن والكريم، ويرى المؤتمر ضرورة مواجهة أفكار وممارسات الإقصاء والتهميش والتمييز بشفافية وحزم واعتبارها من دواعي خلخلة الكيانات المجتمعية وإحباطها، وتدني المواطنة فضلًا عن تقاطعها مع العدالة الاجتماعية وتوفيرها بيئات حاضنة للتطرف ونشوء الصراعات وفشل مجهودات التنمية.

يعترف المؤتمر بأن القدرة على اكتشاف مخاطر سوء نظام الإدارة العامة وتشخيص مشكلات تطبيقات الحوكمة الجديدة تعد الخطوة الأساسية لوضع خارطة طريق فعالة، للتعامل مع تلك المخاطر وبشروط عالية المرونة.

يقر المؤتمر بأن تغول أي من السلطات على الأخرى وبما يمس استقلاليتها يقود إلى مواجهة مخاطر حقيقية وباستحقاقات قاسية على أداء الإدارة العامة واستقرار المجتمع، ويسهل محاولات الافلات من العقاب.


يؤكد المؤتمر على أهمية تكوين ثقافة المساءلة المحلية لتحقيق التوازن بين السلطة المحلية والمركزية، بما يسهم في التنمية المحلية وعلى وجه التحديد تحسين الخدمات، كما لاحظ المؤتمر أن الأزمات المتلاحقة على المستوى الدولي والإقليمي والوطني أظهرت هشاشة النظم المكونة لمؤسسات الدولة وتدني سماتها المؤسسية، خاصة في الدول التي واجهت سلطاتها استحقاقات الانهيار المؤسسي والدستوري.

يرى المؤتمر أن ضمان استدامة نظام الإدارة العامة الفعالة والجديدة يتطلب تنمية قدرات أصحاب المصالح الانتخابية، ويتقدم ذلك تنمية قدرات الشباب القيادية.

وجد المؤتمر أن هناك اتفاقًا جامعًا على أن البنى التحتية في غالبية الدول العربية، وعلى وجه التحديد غير النفطية، تعاني من العديد من المشكلات والمخاطر، وهي ضعيفة وغير مكتملة في مقوماتها خاصة منظومات الطرق والجسور وموارد المياه والصرف الصحي والشبكات الكهربائية والاتصالات والمدارس والجامعات والمستشفيات إضافة إلى ضعف امكانات مؤسسات البحث العلمي ومحدوديتها.

شخّص المؤتمر أن مخاطر ضعف البنية التحتية تعود إلى ضعف التمويل وسوء الصيانة ومشكلات الإدارة وفي مقدمتها ممارسات الفساد، الأمر الذي انعكس بوضوح في تدني معايير الجودة وضعف الأداء وانخفاض مستوى الكفاءة المؤسسية.

ويقر المؤتمر بأن مخاطر نظام البنية التحتية، تمثل النقطة الحرجة في استقرار النظام السياسي، حيث إن رضا المواطنين على مستوى جودة الخدمات المقدمة يساهم في الاستقرار أو يضعفه، كما يؤكد أن تطور منظومة البنية التحتية شرطًا مهمًا لتحسين معدلات التنمية والاستدامة التنموية.

ونقر بأن التراث الوطني والمحلي، وعلى وجه التحديد، المنظومة القيمية والتقاليد بدأ يفقد الكثير من قدراته في مواجهة التدفق العارم في المعارف والمعلومات المتحركة عبر النوافذ الاتصالاتية والفضاء الإلكتروني دون استئذان أو رقيب، حيث باتت الحدود الوطنية رخوة أمام هذا التدفق وما ترتب عليه من استحقاقات إحلال القيم الجديدة العابرة للحدود.

لاحظ المؤتمر أن مخاطر جديدة بدأت تتصدر المشهد الاجتماعي في الدول العربية، ومنها انتشار السلاح وسوء التعامل مع الشيخوخة وضعف الاهتمام بالطفولة، وكذلك تباين درجة الاعتراف الاجتماعي والقانوني بدور المرأة وحقوقها، إلى جانب عودة الممارسات القبلية والعشائرية والطائفية واقتحامها قواعد الإدارة الكفؤة للدولة وكياناتها.

يبدي المؤتمر قلقه من أخذ الوجاهة الاجتماعية في المجتمعات العربية مدى واسعًا في التأثير، بحيث باتت محركًا لأنماط السلوك المجتمعي الجمعي، والذي يظهر غياب وتهميش الكفاءات والقدرات العلمية والخبرات المعرفية.

يبدى المؤتمر قلقه لاتساع ظاهرة الهجرة والنزوح الخارجي والداخلي في عدد من دول المنطقة التي تشهد العديد من المخاطر المتعلقة بالشروط الدنيا للحياة، ويرى المؤتمر أن الاندفاع نحو أقصى درجات التعاون في بناء المرونة في دول المنطقة هو الحل الحاسم للحد من المخاطر المسببة للنزوح.

يؤكد المؤتمر قلقه من انعكاس التفاوت الحاد في الدخل بين أفراد المجتمع وشرائحه على بروز ظواهر بالغة الخطورة قادت إلى نشوء ممارسات التطرف والجريمة المنظمة بالتزامن مع تدني فرص الحصول على التعليم الجيد واقترانه بالفقر المادي وشيوع الجهل والبطالة.

لاحظ المؤتمر ظهور أنواع جديدة من المخاطر في بعض المجتمعات العربية، وخاصة في الدول النفطية ومنها ما يمس التجانس الاجتماعي والوحدة القيمية على أعتاب الاختلاط العشوائي، والذي بدأت ملامح تداعياته الاجتماعية والثقافية، بل والسياسية تدق أجراسها.

ولاحظ المؤتمر باهتمام التحريك المفرط للأحداث باستخدام قدرات إعلامية ضخمة عبر الفضاء الإلكتروني والتي أظهرت تأثيرًا قويًا في الحراك الاجتماعي والثقافي، انعكس بسرعة مذهلة في الحراك السياسي وتوجهاته.

ويرى المؤتمر أن فرص التعاون بين الدول العربية في مواجهة المخاطر الاجتماعية يمكن أن تكون مثمرة جدًا في ظل تكامل توافقي بين المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.