السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

في المسألة الليبية: ساركوزي والأمير وثالثهما الشيطان (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اعتدنا أن نسمع نصف الحقائق، فضلا عن الأباطيل، فالحقيقة الكاملة هي صدمة كاملة، وأصبحنا من كثرة الأكاذيب التي يتم ترويجها نرفض الحقائق، ومهما كانت مرارة الحقيقة تظل هي الحقيقة، تقول الحقائق التي لا يرتقي إليها الشك في المسألة الليبية إن رئيس الوزراء الإيطالي سيلڤيو برلسكوني "إن الرئيس الفرنسي ساركوزي دخل ليبيا بإيعاز من قطر.. فما حدث لم يكن ثورة ولم يكن ربيعًا" هذه التصريحات تم إذاعتها على الهواء مباشرة، وحسب تعبير "كانال بلس" القناة الفرنسية: فأمير قطر كان كريمًا جدًا مع صديقه ساركوزي!
وإليكم مزيدًا من الحقائق الغائبة – الصادمة.. ظهر في باريس شخص يدعى "نوري مسماري" "سنحتاج أن نتحدث عنه بالتفصيل فيما بعد، وكان مسئول البروتوكول والذراع اليمنى للقذافي، وكانت هذه الزيارة المفاجئة في أكتوبر 2010 تحت دعاوى تلقى العلاج ولكن السلطات الليبية أصدرت ضده مذكرة توقيف وملاحقة قانونية لضبطه وإحضاره، ورغم العلاقات التي كانت وطيدة بين العقيد وساركوزي لم تأت الاستجابة الفرنسية، بل منحته باريس الحصانة والحماية، ويعترف رئيس المخابرات الفرنسية "حصلنا على معلومات قيمة من رجل العقيد المقرب.. أين يذهب القذافي؟ وأين يبيت؟ وكيف يعمل ويتنقل؟ وكل هذه المعلومات كانت مفيدة لأي عمليات يتقرر تنفيذها في المستقبل".
الحقيقة المرة الثانية في إسقاط ليبيا واغتيال القذافي إعلان القوات الجوية الفرنسية على موقعها الإلكتروني الرسمي إطلاق عملية عسكرية مشتركة مع القوات البريطانية تحت اسم "رياح الجنوب 2011" وذلك في شهر نوفمبر، وعرف الموقع الفرنسي الرسمي العملية بأنها "تدريب على قصف بلد خيالي يحكمه ديكتاتور ويريد توريث ابنه السلطة ويهدد مصالح فرنسا" أما تاريخ تنفيذ عملية "رياح الجنوب" فهو بين 21 و 25 مارس 2011، وهي الفترة التي تم فيها قصف ليبيا فعليا فيما بعد.
قصف ليبيا جويا لم يكن إذن قرارا مفاجئا فهذا النوع من القرارات يحتاج إعدادًا جيدًا وتخطيطًا وتنسيقًا بين الدول التي ستشارك في التنفيذ.. ولكن كيف تم التحضير للتدخل العسكري قبل الحصول على قرار مجلس الأمن؟
تحركت مجموعة من عملاء الاستخبارات الفرنسية والقطرية إلى ليبيا لمساعدة "الثوار" منذ اليوم الأول حيث قامت هذه المجموعة بتفجير آليات عسكرية، ويعترف أحد العناصر الاستخباراتية الفرنسية أمام القناة الفرنسية "يخفي وجهه": كنا نعلم أن أحدًا لن يحاسبنا رغم أنها أعمال غير قانونية، فكل المسئولين الكبار يعلمون ما نقوم به".
هكذا تم تحضير الأرض، وأخيرًا جاءت مرحلة "التهويل" واستخدام ذريعة حقوق الإنسان، وهنا استعان ساركوزي بالكاتب الفرنسي "برنار هنري ليفي" الذي نقل إلى الإعلام العالمي أجواء بنغازي المرعبة، حيث السكان مهددون بأن يقصفوا بالأسلحة الكيماوية، وكانت هذه العبارة مجرد أسطورة استخدمت كشرارة لإطلاق العمليات العسكرية، وبعد اعتراف فرنسا بالمجلس الانتقالي الليبي خرج ساركوزي ليعلن للعالم بدء العملية العسكرية ضد ليبيا "باسم حقوق الإنسان وحق الشعب الليبي في تقرير مصيره"، وكانت الصدمة الكبرى في توزيع الغنائم مبكرًا، حيث حصلت فرنسا بعد 15 يومًا فقط من إعلان الحرب على 35% من إنتاج النفط الليبي باتفاق سري وقعه المجلس الانتقالي الليبي، هذه الصفقة التي تجعل من فرنسا المنتج الأوروبي الأول للنفط، بينما حصل القطريون على حصة أسهم في شركة "توتال" للتنقيب عن البترول بلغت 3%.
هذا ما جرى على الأرض إلى أن وصلت ليبيا الآن إلى المحطة الأخيرة من احتراب أهلي، وميليشيات تتصارع في حوزتها 50 ألف قطعة سلاح، ودولة كانت مرشحة للتقسيم إلى ثلاث دول، ممثل الناتو "فرنسا" وتابعتها بريطانيا قاما بمهمة "اغتيال القذافي" وإشاعة الفوضى، وتركا ليبيا تتنازعها أطماع "قبائلية وإخوانية وسلفية جهادية قادمة من الخارج" ليتجمع هذا الخليط كله فيما عرف بالمجلس الانتقالي بقيادة عبد الجليل مصطفى..
وللحديث بقية.