الثلاثاء 04 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الطريق إلى داعش يمر بــ "حزب النور" (1-2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يشك عارف بحزب النور وأصله الذي خرج منه وتفرع عنه وحاضنته الفكرية التي تحتضنه كما تحتضن الأم الولد وهي "الدعوة السلفية بالإسكندرية" ومنهاجهم وأحوالهم وعقائدهم في أنه لا فارق البتة بينهم وبين التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش الإرهابي وأخواته.
ولا يشك كذلك عارف بالتنظيمات المنتسبة للإسلام أو للسلف أو للجهاد – والإسلام والسلف والجهاد منهم براء – أو غير ذلك، في أن جميعهم منذ أولهم إلى آخرهم وأحدثهم، إنما خرجوا من رحم واحدة وحمأة منتنة وبركة آسنة واحدة، ألا وهي كتب وأفكار وما خلَّفَ الهالك "سيد قطب" –عامله الله بما يستحق- والذي من أفكاره وتضاعيف وثنايا كتبه خرجت كل التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم كله، وكانت كتبه وأفكاره وبالًا مستطيرًا ابتلي به المسلمون في العصر الحديث، كما كانت إحياءً لفكر الخوارج الأقدمين من موات، والذين حكموا على الدنيا كلها بالكفر في زمانهم، فكفروا العالم أجمع سواهم، بما فيهم وعلى رأسهم الصحابة الكرام –رضي الله عنهم- وعلى رأسهم أمير المؤمنين في زمانه وابن عم رسول الله – صلى الله عليه و سلم- على بن أبي طالب – رضي الله عنه- .
فجاء "سيد قطب" فأحيا هذا الفكر الخبيث من مواته وأخرجه للناس متماشيًا مع العصر، فكفر البشرية كلها، وكفر سكان الأرض جميعهم سواه وجماعته "الإخوان" ومن انتمى إليهم واعتقد عقيدتهم وانتسب لفكرهم، ووسم القرن العشرين بالجاهلية والكفر وأطلق مصطلحًا أسماه "جاهلية القرن العشرين" والذي اقتبسه أخوه الهالك أيضًا "محمد قطب" فألف كتابًا يحمل نفس العنوان "جاهلية القرن العشرين"!
وكان "سيد قطب" يرى أن جاهلية القرن العشرين أسوأ وأشد كفرًا من الجاهلية الأولى والتي كان عليها المشركون الأوائل قبل بعثة النبي الأكرم والرسول الأعظم – صلى الله عليه و سلم- وأن المسلمين المعاصرين أشد كفرًا وأعظم إثمًا وأشد حسابًا من المشركين الأوائل الذين كانوا في الجاهلية الأولى.
بل لقد وصل في تطرفه وغلوه إلى أن صرح بأن أشد الكافرين المعاصرين كفرًا هم المؤذنون والذي أخبر النبي الكريم –صلى الله عليه وسلم- بأنهم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة، ولكن "قطب"والذي هو قطب للفساد والضلال والإضلال و التكفير، وعلى خلاف النبي –صلى الله عليه و سلم- يرى أن المؤذنين أشد الناس عذابًا يوم القيامة، ألا شاه وجهه و وجه من تبعه إلى يوم القيامة.
من هذه الحمأة المنتنة القذرة والبركة الآسنة العفنة خرجت كل الجماعات الإرهابية الإجرامية، ومنها نبت الإرهاب في العالم كله، ابتداءً بتنظيم سنة 1965 م بقيادة "قطب" نفسه، ومرورًا بتنظيم الجهاد –زعموا- والجماعة الإسلامية –كذبوا- وكذلك جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية والتي نبت عنها ابنها الصغير "حزب النور" و انتهاءً بتنظيم القاعدة ، ثم داعش الإرهابي و أخواته .
وإذا كان "أيمن الظواهري" في حوار صحفي له مع "الشرق الأوسط" في عام 2010 م قد صرح بل لقد اعترف بأن كتاب "معالم في الطريق" للهالك "سيد قطب" كان الكتاب الديناميت! والذي تفجرت منه كل التنظيمات الإرهابية في العالم كله.
وكذلك اعترف "عبد الله عزام" – وهو شخص إخواني بالأساس وهو من تتلمذ وتخرج على يديه الرجل الفتنة "أسامة بن لادن" والذي كان سببًا من أسباب الفتن والمحن والبلاء الذي واجهه المسلمون والعرب في العصر الحديث، كما كان سببًا في تدمير الكثير من بلدانهم ودولهم عسكريًا وسياسيًا واجتماعيًا كالسودان والقرن الأفريقي والعراق وأفغانستان وسوريا وليبيا وغيرهم - في بعض ما كتب بنفس المعنى وأن لكتب "سيد قطب" أبلغ الأثر على أعضاء التنظيمات الإرهابية في أفغانستان، بل ويؤكد أن كل من يدخل أفغانستان لابد وأن يلمس تأثير ما كتبه "سيد قطب" على من فيها.
فإذا كان قادة التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وغيرهم قد اعترفوا بأنهم أبناء وأحفاد "سيد قطب" وأفكاره فإن قادة وشيوخ وأعضاء الدعوة السلفية بالإسكندرية أيضًا قد أعلنوا نفس الأمر مرارًا وتكرارًا – وإن كانوا يحاولون الآن أن ينكروا ذلك من أجل أن يخدعوا البسطاء من الناس، إلا أنه هيهات ثم هيهات، فإن التاريخ لا يمحى والكتب ما زالت في أيدي الناس والتسجيلات الصوتية والمرئية ما زالت إلى الآن أكبر دليل عليهم وعلى كذبهم وخداعهم و تكفيرهم و إرهابهم -.
فلقد عقدوا الندوات تلو الندوات والمحاضرات بعد المحاضرات وصنفوا الكتب والرسائل والمنشورات والمطويات والتي يمتدحون فيها "سيد قطب" أيما مديح ويخلعون عليه أعظم الألقاب والحلل والتي من أقلها –إن لم يكن أقلها- "البطل" و"الشهيد" و"لمجاهد" الذي جاهد "الطاغوت" ويعنون بــ "الطاغوت" الرئيس "جمال عبد الناصر".
و"الطاغوت": مصطلح تكفيري عند هؤلاء، تستخدمه الجماعات الإرهابية لتصف به من تكفره من الحكام، وهو ما يعني و يكشف لكل أحد أنهم إنما يكفرون الرئيس "جمال عبد الناصر"، لمجرد خلافه مع الإخوان و مع قطبهم و سيدهم وإمامهم "سيد قطب"، بل ويكفرون كل رئيس لا ينتمي إليهم، بل ولا أستبعد أبدًا أنهم في مجالسهم الخاصة و اجتماعاتهم السرية يكفرون الرئيس "السيسي" نفسه!.
بل لقد مدح شيخهم الأكبر "محمد إسماعيل المقدم" الهالك "سيد قطب" في بعض كتبه بأوصاف ومديح لم يمتدح به –أو ببعضه- يومًا من الدهر "أبا بكر الصديق" ولا "عمر الفاروق" ولا عثمان ذي النورين" ولا علي ذي الفقار " –رضي الله عنهم ولا غيرهم من الصحابة الكرام أو السلف الصالحين أو الأئمة الأعلام المباركين، ووصفه بأنه "عاش سيدًا ومات سيدًا وعاش قطبًا ومات قطبًا"! وغير ذلك من المديح و الثناء العالي على قطب التكفير في العصر الحديث.
وإذا كان "سيد قطب" و كتبه الديناميت ، وإذا كانت أفكاره المنحرفة والضالة والتي يكفر بسببها البشرية جمعاء من لدن الصحابة الكرام – رضي الله عنهم- إلى عصرنا هذا محل تقدير واحترم وإعزاز وإكبار، بل يرونه سيدهم وقطبهم الأكبر، فلا شك أبدًا أنه لا فارق بينهم وبين تنظيم القاعدة وداعش وأخواتها، وأنه لا فارق بين تنظيم الدعوة السلفية بالإسكندرية وبين تنظيم أنصار بيت المقدس بسيناء.
وأما عن الطريق الواحد والذي يوصل من سلكه إلى داعش والذي يسير فيه الآن حزب النور وأتباعه فسوف نبينه –إن شاء الله لنا ذلك- في الأسبوع القادم.