الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ليس بالقانون تحيا الثورة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طالب بعض شباب الإعلاميين في لقائهم بالرئيس السيسي بإصدار قانون لحماية ثورة 25 يناير، بعد موجات الهجوم الإعلامي والسياسي التي تعرضت لها ثورة 25 يناير، تلك الموجات التي وضعت الثورة في مصاف "المؤامرة" ووضعت شبابها في تعداد العملاء والمأجورين من الخارج، للقضاء على الدولة والعمل على انهيارها.
ولا شك أن الإيجابية الوحيدة في ذلك ليس المطالبة بإصدار قانون لحماية الثورة، بل الوعي بطبيعة المخاطر التي تتعرض لها الثورة والتفكير في حمايتها، والتفكير في حماية الثورة لا يمر بالضرورة عبر القانون، بل عبر تبني سياسات، والدفع باتخاذ قرارات، وتغييرات تتلاءم مع روح الثورة وشعاراتها في العيش والحرية والكرامة الإنسانية.
ثورة 25 يناير وامتدادها في 30 يونيو، كأي ثورة أضرت بمصالح أطراف وقوى اجتماعية وسياسية ومصالح طبقية وامتيازات لفئات عديدة، وفي المقابل عززت مطالب ومصالح قوى اجتماعية وسياسية وطبقية عديدة، ورفعت هذه المطالب إلى صدارة المشهد الوطني، ومنحتها أولوية في البحث والتنفيذ، ومن الطبيعي والمنطقي أن الفئات التي تضررت من الثورة وارتبطت بالنظام القديم، أن تهاجم الثورة وأن تبرز سلبياتها وأن تصورها على النحو الذي سلفت الإشارة إليه، وأن يقترن ذلك بمحاولات تبييض وجه النظام القديم وتبرئة سياساته من الفقر والتدهور والانحطاط، الذي عانته ولا تزال مصر بعد عقود من الإهمال والفساد والتسلط واستئثار القلة بالنصيب الأكبر من الثروة الوطنية وشيوع الانقسام بكافة أشكاله بين فئات المجتمع وانحياز الدولة وأجهزتها للقلة على حساب الكثرة من المواطنين المصريين.
ومن ثم فإن وجود الثورة ووقوعها في الخامس والعشرين من يناير عام 2011، يرتبط حتما بوجود خصومها بالثورة المضادة ومناصروا ومؤيدو النظام القديم، ولا يمكن لأي عاقل أي يتوقع أن تحدث ثورة بالكيفية والنوعية التي وقعت في مصر، وأن تقابل هذه الثورة بالترحيب والقبول من كافة الأطراف أو أن تحظى بالثناء والتوافق مع توجهاتها ومطالبها، التي في حالة تحققها سوف تكون على حساب تلك الفئات الأخرى التي ارتبطت بالنظام السابق.
والحال أن الثورة لن ينصفها قانون يتم إصداره سواء من الرئيس أو البرلمان القادم، فالثورة ينبغي أن تنصف نفسها بنفسها، أي بتحقيق مطالبها وإحداث التغيير بالعمق الذي تطلعت إليه، وضمنته شعاراتها، وفي حالة تمكنها من تحقيق إنجازات معينة تقع في إطار أولويات وأجندة الثورة، فإن هذه الإنجازات هى التي سوف تحمي الثورة وسوف تدافع عنها.
وتلك هى مهمة الثوار والقوى السياسية التي ساهمت في إشعال شرارة الثورة، من القوى الشبابية، فهؤلاء وأولئك ينبغي أن يحافظوا على روخ الثورة وشعاراتها ومطالبها عبر التمسك بها والضغط على النظام السياسي القائم، لتلبية هذه المطالب وإعلان انحيازه لها علنا وعلى رءوس الأشهاد والانتقال إلى بناء منظمات حزبية وسياسية فاعلة تستطيع أن تساهم في رسم معالم المستقبل وتحقيق تطلعات الثورة والمواطنين.
إن ذلك في تقديري هو الضمانة الأساسية لحماية الثورة من خصومها، وهو الطريق الذي سلكته كل الثورات ولدينا شواهد عديدة في مسار ثورة 23 يوليو، فبرغم رحيل ملهمها وزعيمها ومعظم صناعها وقادتها، إلا أن إنجازات يوليو ستظل في ذاكرة المصريين الجمعية، وتبقى حية في وجدانهم وعقولهم، وتشكل مقياسا ومعيارا لمدى نجاح الثورة ومستوى إنجازها.
القانون في حالة صدوره لن يفعل سوى وضع قيود على الحريات في التعبير والنقد والممارسة الديموقراطية التي تستند إلى شرعية الاختلاف بل وضرورته، غير أن النقد شيء والسب والقذف والاتهام أشياء أخرى لا علاقة لها بالاختلاف وحرية التعبير، وذلك ما ينبغي تداركه ومعالجته في إطار مواثيق شرف إعلامية ومدونة متفق عليها للحوار والاختلاف.