الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قانون عدم إهانة الثورتين.. هل يمكن؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حين ذاع خبر حديث السيد الرئيس مع شباب الإعلاميين، وأنه سيعمل على إصدار قانون يمنع القذف أو الإساءة لثورتي يناير ويونيو، أدركت أن ذلك حدث من باب الحماس، ومن باب الرد على مَن يتصور أن مهاجمة ثورة يناير فاقت الحد، وأن الرئيس لا يتدخل لإيقاف ذلك ومن ثم يمكن أن يكون راضيًا.. أدركت أنه محاولة من الرئيس للابتعاد بنفسه عن أي تأويل.. لماذا أدركت ذلك؟ لسبب بسيط أن القوانين تصدر لتوقف جرائم في حق أشياء محسوسة وبشر من حولنا، الثورة بعد انتهائها شيء معنوي لا تمسكه في يدك، الثورة تنتهي إلى نظام وشعارات، وإلى تاريخ.. لا يمكن أن تمنع أحدًا يقول رأيه في الشعارات ولا النظام ولا التاريخ، الظواهر المعنوية لا يجرم الرأي فيها، تمامًا كما تقول إن مَن يقدح ويذم في الحب ستتم محاسبته، وهكذا.. والأسهل من ذلك هو إيجاد ميثاق شرف إعلامي بين الإعلاميين والصحفيين ومَن يخرج عليه يُحاسب من قبل نقابته، لن أعيدكم إلى الأصول الأولى وهي حياد الإعلام، لقد ضاعت للأسف، كما أن معظم الإعلام التليفزيوني آراء ومناقشات بينما الصورة في هذا العصر تلعب دورًا أكبر من الكلام، الصور شبه غائبة وإذا حضرت يكون الكلام حولها مضاعفًا عشر مرات للصورة، كما أننا لدينا في مصر قانون يُجرم مثلًا الإساءة إلى الأديان بعنوان ازدراء الأديان وهو قانون أيضًا يكبل الحرية، والأديان لم يتفق عليها الناس جميعًا، والأديان اختيار فردي وليس جماعيًا ولا يستطيع أحد مهما حاول أن يثنيك عن دينك إلا إذا كنت تريد ذلك، لكن هذا الفهم غائب عن القانون، ولسنا في حاجة إلى فهم آخر للثورات يجعلها مقدسة مثل الدين، وإذا كان في الدين أساس إلهي في الكتب السماوية بالذات وعلى رأسها القرآن فليس للثورة أي كتاب سماوي، كل ما كُتب عنها وعن أي ثورة اجتهادات بشرية تخطئ وتصيب.. أدركت أن القانون إذا تمت صياغته سيُرفض من المجلس الأعلى للقضاء لهذا السبب، السرقة مُجرّمة لأنها تترك وراءها أثرًا بالسلب على المسروق، والزنى والقتل والنصب والضرب والقذف بالكلمات وكل الأفعال تُجرم لأنها تترك وراءها أثارًا بالسلب على شخص أو أشخاص محددين، لكن إذا لم تعجبك يناير فما هي الجريمة وإذا لم تعجبك يونيو فما هي الجريمة؟، أخذني التفكير إلى الضحك وتصورت كم قضايا الخلع التي سترفعها النساء على الرجال، فأغلب النساء مع يونيو وكثير من الرجال مع يناير، تخيل أنت النساء يذهبن طالبات الخلع من الرجال الينايرجية، والرجال يطلقون زوجاتهم لأنهن يونيويات! طبعًا هذا خيال ضاحك لكنه في عالمنا المصري الذي فاق فيه الواقع الخيال يمكن أن يحدث.. ما المشكلة إذن الآن؟، المشكلة أن الهجوم على يناير يأخذ المساحة الأكبر، وليس هناك تقريبًا أي انتقاد ليونيو. وأصبح الكلام مكررًا وكثيرًا بشكل ملفت، وهذا كما قلت علاجه ميثاق شرف، أما مَن يطعن في ناس بالاسم لأنهم من يناير أو يونيو فالطعن نفسه نوع من القذف يحاسب عليه القانون العادي بصرف النظر عن انتماء المطعون في حقه، وهكذا أرجو أن يكون هذا الكلام كما تصورت محاولة من الرئيس في الابتعاد عن أي شك في موافقته أو حتى رضاه عن الكم الهائل من الشتائم في ثورة يناير، وبعيدًا عن هذا القانون الذي لا أظن أنه سيحدث، أليست شعارات الثورة هي العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، وحين جار عليها الإخوان المسلمون حدثت يونيو من أجلها؟ إذن نريد تحقيق ذلك، ونريد تفعيل القوانين التي تضمن للواحد كرامته أمام الأجهزة الحاكمة وتضمن العدل بين الكبير والصغير وهكذا.. نريد تفعيل الدستور الجديد في قوانين، هذا أفضل من قانون يمنع إهانة أى ثورة، فالثورات فعلها البشر كما قلت وهي ملكهم ورأيهم فيها حق لهم، وهناك فرق بين الرأي في الثورة والرأي في الناس، والرأي في الناس ينظمه القانون وليس بحاجة إلى قوانين.