الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قراءة جديدة في إجابات قديمة (٧)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما هو برنامج ثورة ٢٠١١ وما هي الأهداف التي أعلنتها؟
قبل أربعة أعوام تقريبا، والثورة مازالت في الميدان تحاول أن تبلور مطالبها وتحدد أهدافها، حاولت أن أقدم صياغة لما اعتبرت أنه لم يحظـ باهتمام كاف من أغلب المشاركين في الثورة وأعني بذلك ما أعتبرته في ذلك الوقت، ومازالت أعتبره، التوجهات الثقافية للثورة وهي توجهات لم تتجل في شعارات أو مطالب ولكنها تجلت أساسا في ممارسات المشاركين أثناء، وداخل، الاعتصام.
في البداية، في بداية انطلاق الثورة، لم يكن هناك سوى حالة عامة من الغضب وهذه الحالة أطلقت في شعار واحد: الشعب يريد إسقاط النظام، و هذه التوجه العام للمتظاهرين أخذ مع الوقت، ومع الجهد الذي بذلته القوى والشخصيات السياسية المشاركة في الثورة، في بلورة مطالب وأهداف محددة، واللافت أن كل هذه المطالب والأهداف لم تخرج عن إطار المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعتادة والتي طالما طالبت بها القوى السياسية الديموقراطية على مدى العقود السابقة على الرغم من أن هناك شواهد كثيرة كانت تؤكد أن هذه الثورة كان لها توجهات ثقافية واضحة، ولذلك تساءلت، والثورة مازالت في الميدان، وفي إطار تحليل اللحظة السياسية في ذلك الوقت وتحديد المهام الملحة عن "ما هو برنامج ثورة ٢٠١١ وما هي الأهداف التي أعلنتها؟ "وقدمت الإجابة التالية على هذا التساؤل" الشعار الجامع لثورة 2011 هو إسقاط النظام، والمقصود من هذا الشعار عند الجمهور الواسع هو إسقاط الحاكم الظالم حسنى مبارك، واختيار حاكم عادل جديد، ولذلك فإن الأغلبية الواسعة فى ميدان التحرير اعتبرت أن الأمر انتهى مع تنحى مبارك، لكن القوى السياسية الفاعلة فى الميدان، نجحت ومن خلال جهود مضنية داخل الميدان وخارجه وتواصلاً مع جهود سابقة على 25 يناير ويعود بعضها لعقود خلت، فى صياغة مجموعة من الأهداف السياسية الرئيسية الواضحة وهى: إقالة مبارك، إلغاء حالة الطوارئ، حل مجلسى الشعب والشورى، إجراء تعديلات دستورية تسمح بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة، وإلى جوار هذه الأهداف ظهرت مطالب أخرى كثيرة تتعلق بالحد الأدنى للأجور، وتشكيل حكومة ائتلافية.. إلى آخر مجموعة من المطالب الأخرى التى لم تكن فى وضوح وقوة المطالب الأربع التى ذكرناها فى البداية، واللافت، من وجهة نظرنا، أن هذه المطالب والأهداف الرئيسية والثانوية أيضاً قد تمت صياغتها وإعلانها على الملأ بأكثر من طريقة فيما لم تتم لا صياغة ولا إعلان مجموعة من الأهداف والمطالب التى مارسها الناس بالفعل فى ميدان التحرير، وأعطت لهذه الثورة وجها شديد التمييز والخصوصية، ونعنى بذلك ما يمكننا أن نطلق عليه أهداف ومطالب ثقافية وحضارية. نعم كان أهم ما يميز هذه الثورة هو مطالبها الثقافية والحضارية التى مارسها المشاركون دون أن يعلنوها فى صورة أهداف أو مطالب أو مبادئ. ألم يكن القبول المتبادل، بل والتعايش الإنسانى رفيع المستوى، بين المنقبات والسافرات مطلب لسنوات طويلة خلت إلى أن حدث ذلك فعلاً فى ميدان التحرير؟! ألم يكن القبول المتبادل، بل والتعايش، بين المسلمين والمسيحيين مطلب لسنوات طويلة خلت إلى أن حدث ذلك فعلاً فى ميدان التحرير؟ ألا يلفت النظر هذا الحرص البالغ من قبل المشاركين على نظافة الميدان وتجميله أثناء الثورة؟
على كل من يعنيه أمر هذه الثورة وما يمكن أن تحققه من مكاسب أن يبرز القيم الثقافية والحضارية التى مارستها على الأرض وأن يصنع من ذلك مبادئ ومطالب وأهدف كفاح".
الآن، وبعد مضي أربعة أعوام تقريبا على اندلاع ثورة ٢٥ يناير، يمكننا القول، بكل أسف، إن من يعنيهم أمر هذه الثورة لم يقوموا بتلبية الدعوة التي أطلقناها في فبراير ٢٠١١ ولا يمكننا أن نرد ذلك إلى تقصير المعنيين أو إلى أن أمر الوجه الثقافي للثورة لم يلفت نظرهم ولم ينل اهتمامهم، ولكن نعتقد أن عدم الاستجابة للدعوة كان نتيجة منطقية للدوامة التي دفعت اليها الثورة دفعا من قوى الثورة المضادة: الإخوان وقوى الدولة القديمة، حيث لم يقتصر الأمر على الانشغال ببلورة مطالب الثورة وأهدافها فحسب بل امتد ليشمل الانشغال بمحاولات توحيد القوى الديموقراطية بالذات، وأن قوى الإخوان بدت شديدة التنظيم وإمكاناتها المالية هائلة، وكانت القوى الديموقراطية الثورية تبذل هذه الجهود فيما تستزف طاقاتها وإمكاناتها يوميا في معارك مفتعلة ومدبرة كان من بينها مثلا معركة محمد محمود، ثم انشغلت هذه القوى بعد ذلك في الانتخابات البرلمانية، ووجدت نفسها بعد ذلك في مواجهة الإخوان وقد شرعوا في بناء دولة دينية استبدادية، وعندما انتهوا من إسقاط دولة الإخوان بعد جهود جبارة انتقلنا إلى مرحلة جديدة تشن فيها حملات منظمة وواسعة ضد ثورة ٢٥ يناير نفسها، لكي تنتقل القوى الديموقراطية من مواقع تسمح لها بالتقدم والبناء إلى مواقع لا تسمح لها إلا بالتراجع والدفاع. فهل بعد كل هذه المعاناة يمكننا أن ندين هذه القوى لأنها لم تبرز وجه الثورة الثقافي؟ بالقطع نحن لا نستطيع أن ندين هذه القوى في ظل كل ما تعرضت له من تحديات، وفي ظل ما تعرضت له من ضربات، طوال السنوات السابقة.
وربما يمكننا، انطلاقا من الحكمة القائلة بأنه يمكن على الدوام تقريبا تحويل الظرف غير المواتي إلى ظرف مواتٍ، أن نستفيد بالوقت المتاح لنا الآن في، ظل تراجع العملية السياسية، في الاهتمام بتأمل أحداث الثورة والخروج من هذا التأمل بالمخرجات التي يمكن أن نستفيد بها سواء في عملنا السياسي اليومي أو في الموجات الثورية القادمة بإذن الله.