الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

براءة.. ولكن..

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واسدل الستار..
ونطق القاضي معلنا البراءة..
وأصبح محمد حسني مبارك بريئّا..
محمد حسني مبارك رئيس مصر الأسبق المخلوع أصبح بريئّا..
محمد حسني مبارك الذي ظل– وفقا للمنطق- حاملا وصمة عار فوق كتفيه منذ أن (نام) في القفص أمام المحكمة في جلستها الأولى في الثالث من أغسطس عام 2011 متهما بالفساد المالي واستغلال النفوذ وقتل المتظاهرين.. وحتى الجلسة السادسة والأربعين والتي أصدر فيها المستشار أحمد رفعت حكمه على مبارك وحبيب العادلي بالمؤبد في قضية قتل المتظاهرين.

يعقبه قرار محكمة النقض في الثالث عشر من يناير 2013 بقبول الطعن المقدم من أطراف مختلفة في القضية وإعادة محاكمة المتهمين.

** ومن جديد يقف محمد حسني مبارك ( أو بالأصح يرقد) أمام المحكمة برئاسة المستشار محمود الرشيدي.
وتتوالى الجلسات.. ومحمد حسني مبارك راقدّا متلفحّا بالعار، ومهما حاول أن يبدو على العكس..
ويأتي يوم التاسع والعشرين من نوفمبر عام 2014، وينطق المستشار محمود الرشيدي ببراءة محمد حسني مبارك رئيس مصر الأسبق المخلوع، من التهم المنسوبة إليه.

** والسؤال هنا : هل أزال هذا الحكم عن مبارك وصمة العار التي حملها فوق كتفيه منذ وقف في الثالث من أغسطس عام 2001، أمام المحكمة في جلستها الأولى متهما؟ هل اسم مبارك سيسجل بين صفحات التاريخ كمتهم؟
والسؤال مجاب عليه بمقتضى حدوث ثورة الخامس والعشرين من يناير، يوم أن ثار الشعب المصري على حكم الفساد والاستبداد الفردي وقام بخلع مبارك.

لكن الأهم أن السؤال قد أجاب عليه بنفسه المستشار محمود الرشيدي.. أجاب عليه وهو يدين مبارك سياسيّا بكلمات واضحة قوية.. رغم أنه هو نفسه من حكم على مبارك بالبراءة.
حكم القاضي على مبارك بالبراءة في تهم تتعلق بفساد مالي.. لكنه أدانه فيما هو أعظم وأشد، في الفساد السياسي.
أدانه في كلمات ل تحتمل أي لبس ولا أي فصال أو جدال.
أدانه بعبارات سوف يسجلها التاريخ لتكون مرجعّا، وتكون رادعّا، وتكون عظة ودرسّا..
حكم القاضي ببراءة مبارك فيما يتعلق باستغلال النفوذ والاستيلاء على قصور.. لكنه لم ينس له أنه استغل مصر كلها الاستغلال الأسوأ في تاريخها.. وحول مصر العظيمة إلى (سليبة) يمتلكها و يتحكم فيه هو وأولاده وزوجته ومعاونيه ومريديه و(شلة) المنتفعين من حوله.. تركهم وترك نفسه يعيث في مصر فسادّا و سرقة وخرابّا وتدميرّا.
ترك نفسه ومعاونيه يضرون بمصر بلا رحمة ضررّا عظيمّا على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية.
ضرر أرجع مصر إلى الوراء عشرات السنين، وأضعفها سياسيّا وهي من كانت الرائدة القائدة في منطقتها العربية.
وجعلها اقتصادية متسولة دائنة منتظرة المعونة على حساب كرامة شعبها وعلى حساب استقلالية قراراتها.

** كانت حالة مصر وما حل بها طيلة سنوات حكم مبارك أمام أعين القاضي.. وجاءت ناطقة في كلماته التي تدين فساد مبارك السياسي والذي انعكس على جميع المجالات وأوضحها القاضي تفصيليّا، قائلًا..
(رغم ما جلي للمحكمة من نقاء المطالب المشروعة للشعب في فجر الثورة الشعبية الأولى في 25 يناير2011) والتي نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، لما اعترى النظام الحاكم من وهن في سنواته الأخيرة ومسالب كبطء اتخاذ القرار، وفَسق فرع منه، وتهيأ لافتراس مقاليد الحكم، وقرب الأتباع، ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد لقيادات تناست عجلة قانون الحياة (دوما للأمام)، وتصرمت عزيمتهم للاستحداث، وغُض الطرف عن الموروثات الشرطية التي جعلت الفكر الأمني الخلاق، وتقاتل على ثرواته (الوطن) زمرة من المنتفعين وأصحاب المصالح والمتسلقين مع تزييف الإرادة الشعبية، واندثار التعليم، وإهدار الصحة، وتجريف العقول المستشرقة للغد، إلا أنه ما كان يتناسب الولوج لمحاكمة جنائية لرئيس الجمهورية إلا عملّا بقوة قانون العقوبات واستبدال الأفعال الخاطئة في نطاق المسئولية السياسية بالجرائم المشار إليها في منطوق الاتهام.
أما وقد اجتاز الوطن بمشيئة مالك الملك الحالة الثورية وترسخت المشروعية الدستورية بعد الثورة الشعبية الثانية في 30 يونيو 2013، ومهما كان الرأي على الفترة التي تسلم فيها (مبارك) حكم البلاد إذا قاربت 36 عامّا ما بين نائب لرئيس الجمهورية إلى رئيس لها فأصاب ولم يصب، فالحكم له أو عليه، بعد أن انسلخ منه العمر، سيكون للتاريخ وبالأحرى لقاضي القضاة الحق العدل الذي سيسأله كحاكم عن رعيته).

** و لله درك أيها القاضي.. نعم أنت من حكمت ببراءته من الفساد المالي وقتل المتظاهرين.. لكنك قلتها واضحة (الحكم له أو عليه سيكون للتاريخ، وبالأحرى لقاضي القضاة الحق العدل الذي سيسأله كحاكم عن رعيته).

** وأنها الإدانة الواضحة يا مبارك.

ولسوف يسألك يا مبارك قاضي القضاة الحق العدل عما فعلته كحاكم بمصر وبشعب مصر وما ألحقته بها من ضرر جسيم يتطلب سنين طوال من العمل والكد العظيم لإصلاح ما أفسدته ولتعويض مصر عما خسرته وهو عظيم.
لسوف يسألك قاضي القضاة الحق العدل عما فعلته برعيتك من شعب مصر الذي أفشلته تعليميّا وهو من كان العالم يرفع القبعة لشهاداته التعليمية من قبل.
وسحقت كرامته وهو يجوب البلدان طالبّا العمل بعد أن فقد حقه في عمل كريم على أرض بلده ومسكن كريم في أحضان وطنه.
وقضيت عليه صحيّا يوم وافقت أن تأتينا البذور الزراعية المسرطنة، والأسمدة المسرطنة من الصهاينة.. لينتشر السرطان والفشل الكلوي والكبدي في أجساد المصريين بهذه النسبة المرعبة، وتفقد مصر أهم ثرواتها وهي الثروة البشرية التي أصبحت منهكة الصحة، تنهش أجسادها الأمراض الأشد خطورة.. وأنت راضٍ عن تدمير صحة شعبك في سبيل رضاء الصهاينة وأمريكا عنك، لبقاء كرسيك مستقرا!.
** نطق القاضي ببراءتك يا مبارك.. ولا تعليق على حكم القاضي.
لكن وصمة العار التي تلطخك، بسبب جرائمك التي ارتكبتها في حق مصر وشعبها سوف تظل تلطخك حيا أو ميتا.
وأرواح الشهداء ستظل تلاحقك إلى يوم القيامة، فلو أنك اتقيت الله في بلدك وفي شعبك لما حدث كل ما حدث.

** ويا مبارك طال عمرك أو قصر :
إن قصاصك عند قاضي القضاة سيكون شديدّا.. والحق العدل هو الأخذ منك بحق الشهداء بإذن الله.
وهو من ستقف أمامه وقفة ذليل مدحور ملطخ بالعار.
ورحم الله شهداء مصر .