الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الهوية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قرأت في كتاب "هذه هي مصر" للمفكر الكبير وسيم السيسي مقال "الهوية الحائرة" والذي خلص فيه إلى أن الهوية ليست باللغة لان الولايات المتحدة الامريكية تتحدث الانجليزية ولم تسم نفسها الولايات المتحدة الانجليزية، وأمريكا اللاتينية تتحدث الإسبانية ولم يقل أحد إنهم إسبان والبرازيل تتحدث البرتغالية ولم يقولوا نحن برتغال، و27 دولة افريقية تتحدث الفرنسية ولم يقولوا نحن فرنسيون، والهوية ليست بالدين أيضا فإيران دولة إسلامية ولم يقولوا نحن عرب, وأيضا تركيا وإندونيسيا 200 مليون مسلم والصين ايضا 200 مليون مسلم ولم يقل أحد نحن عرب.
والهوية أيضا ليست بالحكم الاجنبى فقد حكم مصر أجانب طال حكمهم أم قصر ولكن لم يؤثر ذلك فى هوية مصر، فمن 525 ق.م. حتى 331 ق.م. حكمت فارس (إيران حاليا) مصر ولم نقل إننا إيرانيون, وحكم اليونان من 331 ق.م. حتى خرجوا من مصر، وحكم الرومان والكثير من الجنسيات ولم تتأثر الهوية المصرية، أيضا لم تكن مصر عربية لمدة 200 سنة من 641 م. حتى 848 م., وقس على ذلك حكم كل أجنبى الدولة الطولونية أو الفاطمية أو ألايوبية أو المملوكية أو التركية العثمانية ثم فرنسية وبريطانية بل ظلت مصر هى مصر المصرية.
وكما يقول أبو العلاء المعرى "تتوى الملوك ومصر فى تغييرهم مصر, والأحساء إحساء", الشيء الوحيد الذى يجمع الاديان والاعراق واللغات هو ألارض, فالهوية بالارض، الارض الانجليزية يسكنها الانجليز ويتسمون باسمها, فإنجلترا ... إنجليز، وأمريكا .... أمريكان، وفرنسا.... فرنسيون، وألمانيا..... ألمان، ومصر.... مصريون.
ولعل كلمة Identity تعبر عن الهوية أجمل تعبير لأنها كلمة تحمل معنى التشابه كما تحمل معنى الهوية، فتجد بلد كالولايات المتحدة مكونة من أديان مختلفة ولغات مختلفة ولكن شيئا واحدا مشتركا يجمع بينهم وهو الارض، وهذه هى المواطنة فى الدولة الحديثة، والمواطنة بحادثة الميلاد هى: لك كل الحقوق وعليك نفس الواجبات التى هى لأى إنسان آخر ولد على أرض هذا الوطن بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة.
قال صاحبى "يقول بعض الناس نحن عرب"، قلت "نحن مصريون نتحدث العربية ولو كنا عربا, فلماذا الكفيل؟", ولماذا دخولنا من باب الاجانب فى المملكة العربية السعودية؟، ولماذا فرضت الجزية عند الفتح العربى لمصر؟، وقال صاحبى "يعتقد البعض أن هويتنا المصرية معاكسة لعروبتنا أو قوميتنا العربية"، قلت "إذا كانت قوميتنا العربية هى التخلى عن هويتنا المصرية كما كان اسم الدولة فى وقت ما الجمهورية العربية المتحدة واسم مصر هو الاقليم الجنوبى، فهذا خطأ، أما إذا كان من باب محبتنا للأشقاء فى الدول المجاورة فالان الاسم هو جمهورية مصر العربية لأن مصر عرفت أهمية دول الجوار منذ عصر الهكسوس من صلات جوار قوية اقتصادية وثقافية ونحن الان فى عصر العولمة وعصر التكتلات الاقتصادية وعصر اتفاقيات الدفاع المشترك بيننا وبين الاشقاء العرب".
وأمامنا مثل السوق الاوروبية المشتركة، فهى لم تنزع هوية أى دولة فمازال الفرنسى فرنسيا والالمانى ألمانيا والايطالى إيطاليا، والهوية بالارض، فقد نهضت أوروبا بإحياء هوياتها المختلفة وكاد هتلر أن يتسيد العالم بإحياء القومية الالمانية، ولكن الشيء الوحيد الذى يجمع المصريين هو الارض.
والكتاب شيق ولو كان الامر بيدى لقررته على المرحلة الاعدادية ولكن لى ملحوظة أرجو أن يسامحنى فيها الصديق والمفكر العظيم وسيم السيسى, أن الهوية أيضا هى الفن بجميع أنواعه فموسيقانا وأغانينا مختلفة عن باقى الدول العربية أو الاجنبية وهي أحد روافد هويتنا بجانب الارض والثقافة.