الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الترمومتر الإعلامي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الإعلام الصادق هو الترمومتر الحقيقي لانعكاس ما يحدث على أرض الواقع في العالم أجمع، ولكن عن أي إعلام أتحدث.. هل المقصود هنا الإعلام الموجه أم الإعلام الوطني أم الإعلام المحايد؟، فذاك هو الإعلام التي تخبطت فيه الآراء والاقتراحات والسباب ورغبة الانتقام حتى قامت نكسة سموها ثورة، لتحل على الأوطان نكبات الجهل والعمالة والخيانة لمصلحة الآخرين لم نعد نعرف الخبر الصادق من الكاذب، ومَن هو الموجه ومَن هو وطني؟، وتدهشني تفهم سياسة دول الخليج كدولة مثل الكويت التي تتعاطى مع الإعلام كوسيط بينها وبين الشعب كما في انتقاد الزميل "محمد غريب حاتم" بجريدة الوطن الكويتية الذي وجّه لما يحدث بمطار الكويت من تقصير وإهمال وإذا بالوزير يقوم بحل المشكلة في اليوم التالي مباشرة وتقديم الشكر للكاتب كمواطن فعّال داخل المجتمع الكويتي، فلا بد أن يركز الإعلام اليوم على تاريخ المبادرات العربية والوطنية لإعادة الثقة للمواطن العربي في تلك الأيام الحرجة، لقد اختلطت الأوراق وعلى الشخصيات التي حرّضت وأشعلت النيران وأجهضت أحلام الأوطان أن تأخذ ساترًا بعيدًا عن أي مبادرات للتصالح أو محاولة لحقن الدماء التي أريقت بسبب تآمرهم وطمعهم فيكفيهم ما نالوه من شهرة وأموال على جثث الشعوب التي دمرتها نكسة الربيع العربي، فالساحة الآن للمبادرة السعودية القطرية لصالح مصر والوطن العربي ومحاولة للم الشتات وتفادي الشقاق بين العرب، فهل تقبل مصر في تلك الفترة الحرجة التي خسرت فيها الآلاف من أبنائها الشرفاء.. أي مبادرة للمصالحة مع قطر؟.
ها هو العاهل السعودي يطلق مبادرة لمصلحة مصر، فالتاريخ الحديث حافل بمبادرات عديدة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج، فعلى سبيل المثال مبادرة السعودية ودعمها للعراق بالرغم من الخلافات الأيديولوجية بين الحكومة السعودية وحكومة حزب البعث العراقي السابقة والتدخل لنزع فتيل الأزمة التي اختلقها حزب البعث في بداية السبعينيات حول شط العرب، واعتراض البواخر المتجهة للموانئ الإيرانية التي ترفع العلم الإيراني في شط العرب.. وفي عام 1972 قامت القوات العراقية باحتلال مخفر الصامتة الكويتي الحدودي القريب من ميناء أم قصر بعد أن قتلت أحد أفراد شرطة الحدود الكويتية، وكادت الأزمة تستفحل لولا توسط الحكومة السعودية لحل النزاع وإقناع العراق بسحب قواته من المركز الحدودي وعلى مدى سنوات الحرب العراقية الإيرانية 1980 - 1988 كان للحكومة السعودية موقف داعم للعراقيين من النواحي الاقتصادية والسياسية. وفي عام 1988 تدخلت السعودية بوفد كبير لإسعاف الأوضاع الحرجة بين العراق والكويت، والأزمة بين إيران والعراق، وعلى الرغم من هذا بقيت القيادة السعودية ليست ببعيدة عن المشهد العراقي للتقارب القومي والجغرافي بينهما، وطالبت بعدم حل الجيش العراقي بعد دخول القوات الأمريكية بغداد في أبريل 2003، كما نصحت بعدم تقسيم العراق ولكن تظل أمريكا هي الحاكم بأمر الله على منطقة الشرق الأوسط وغيرها من الدول بحكم قوتها الاستراتيجية بين دول العالم، كما طرحت القيادة السعودية مشروع الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد وقتها في قمة بيروت عام 2002 كمبادرة السلام بين إسرائيل وفلسطين هدفها إنشاء دولة فلسطينية على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحابها من هضبة الجولان مقابل تطبيع العلاقات مع الدول العربية، وأضحى مشروع السلام الذي قدمه ذلك الوقت مبادرة عربية تهدف لتسوية شاملة وعادلة للدولة الفلسطينية، وأصبح يطلق على العاهل السعودي الآن بملك السلام.
 وها هي تجدد السعودية وقيادتها الملك عبد الله، مبادرة السلام بين مصر وقطر، ومحاولة لنزع فتيل الأزمة بين قطر الصغرى ومصر العظمى، وإنقاذ ما تبقى من الوطن العربي.. كل هذا لا بد من الإعلام التركيز على إيجابيات تلك المبادرات ومحاولة توحيد الصف بقدر الإمكان ويُترك القرار السياسي لما تراه الدولة المصرية لما فيه مصلحة للوطن والشعب، فيتخذ صانع القرار قرارًا يناسب المصلحة الوطنية دون ضغوط إعلامية سواء بالسلب أو الإيجاب، ولا بد أن ألفت النظر هنا أيضًا إلى أن هذا التقصير والانفلات الإعلامي إنما هو مسئولية دولة وجب عليها فرض الهيبة وتنفيذ قوانينها التي تحمي المصالح وتزيد من احترام البعض لمهنتهم ومكانة الدولة وهيبتها.. ولن يكون مقابل ما تسعى إليه السعودية من مبادرات إلا التقدير والامتنان للرغبة الصادقة في لم الشمل إلا أن مصلحة الوطن لا يدركها إلا الشعب المصاب والمتألم بدماء أبنائه.. فلا سلام دون ثمن كما دفعناه قبل أن يدفعه الجميع.