الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الجمعة المقبل.. خليك في البيت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من فرط الدعاية صار الكل مشغولاً بموعد الجمعة المقبل، وهو اليوم الذي حدده تيار الإسلام السياسي للتظاهر بكل الشوارع والميادين رافعين المصاحف، ولكثرة ما شهدناه من مظاهرات مشابهة بعد 30 يونيه، فكل التوقعات تشير إلى أن الجمعة المقبل سيمر في سياقه العادي بالنسبة لملايين من المواطنين لكن يظل مصدر القلق أن هذا التيار الذي يرفع المصحف بيد ويخبئ في الأخرى بندقية أو قنبلة موقوتة يعرف جيدًا ما يفعله، وهو يدرك تمامًا أن ما يقوم به من مظاهرات لن تقود الى تغيير من أي نوع وأن تيار التأسلم أصبح معزولًا ومرفوضًا من قبل غالبية المواطنين، لكن الهدف الأساسي من مثل هذه المظاهرات هو توجيه رسالة للخارج للإضرار بصورة مصر العامة في ذلك اليوم وإظهارها كدولة القمع التي تعيش حالة من الانهيار والقلاقل السياسية، ويراهن المتأسلمون على أنه مهما بذلت الدولة من جهود وخطط وتنموية إلا إن هذه الجهود وتلك الخطط لن تجد صداها لدى الناس ويبقى الصدى مختصرًا في صورة فوتوغرافية لمصحف دهسته قوات الأمن على الأرض، أو فيديو مدته دقيقتان لجنود يهرولون خلف ملتحين، هذه الصورة يتم إعدادها باحتراف ليتم عرضها على فضائيات الدنيا، وتبقى وكأنها واقع الحال في مصر أما أحلام المستقبل وخططه فتظل في خلفية الصورة وبعيدًا عن محور الاهتمام والأحداث.
شاهدنا هذه الصورة عشرات المرات يسقط قتيل برىء ويتم إلقاء القبض على عشرات وتحطيم كل ما تطوله الأيدي من مرافق عامة واحتراق مبنى حكومي أو أكثر، وعندما تغيب شمس النهار، يختفي كل ذلك الضجيج، وينام الجميع يمضغون المر ويشربون الإحباط.
المواطن المصري العادي غير المسيّس هو من يدفع الأثمان دائمًا، لا جهاز الشرطة يتأثر بهذا الكر والفر ولا النظام ترتعد مفاصله كما في زمن مبارك، الفاتورة لا يدفعها إلا المواطن ابتداءً من تعرضه للخطر والرصاص الطائش وانتهاء بكم التوتر المصاحب لتلك الأنشطة التي يحرص التيار الإسلامي على تنفيذها.
ولذلك تصير الدعوة لالتزام البيوت في هذا اليوم دعوة صحيحة، ليلاقي كل طرف في الشارع مصيره الذي اختاره لنفسه، لأنه ليس بالمولوتوف ولا بالقنابل يمكن أن يعود تيار رفضه الشعب ولا بالدماء المجانية التي تراق في مثل تلك الأنشطة يكسب طرف خطوة ليسبق الطرف الآخر، وهذه العبثية التي نراها في دعوة التظاهر الجمعة المقبل المقصود منها محاولات يائسة لاستنزاف ما تبقى من الدولة المصرية، لذلك إذا كان هناك من واجب على المواطن لإنقاذ البلاد من سيناريو الفوضى في ذلك اليوم فعلى الأقل هو استجابته لدعوة التزام البيت.
وفي حال إخلاء الشوارع لأصحاب دعوة التظاهر بالمصاحف سيظهر الحجم العددي الحقيقي لهم، ليتأكد الجميع للمرة الألف أنهم أقلية تحاول فرض هيمنتها على جموع الشعب المصري الذي واجه الصعاب على صناديق الاقتراع مرتين، الأولى ليقول نعم للدستور الجديد والثانية ليقول نعم للرئيس السيسي، إذن نحن هنا أمام أقلية تحاول بكل ما امتلكت من تمويل أن تهدر إرادة شعب وتهزم الدولة لتلحقها بإمارات داعش الدموية.
حيلة استخدام المصاحف أصبحت لعبة قديمة ومكشوفة ولن تنطلي على الشعب المصري، فالمتابع لأحاديث المواطن العادي أو لتدوينات الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة سيعرف مدى الرفض المجتمعي لرفع المصاحف في التظاهر، ووصل الحال ببعض هؤلاء الشباب لتوجيه أقسى عبارات النقد لأصحاب دعوى رفع المصحف في المظاهرات، وسواء رفعوا المصاحف أو وجهوا إلينا بنادقهم سيظل المتأسلمون مجرد تيارات فقدت كل صلاتها بالواقع، ومهما راهنوا على دعم خارجي يمكن أن يعيدهم للسلطة فلا بد أن يدركوا أنه بالاختيار الذي حدده الشعب في 30 يونيو فقد أصبح المتأسلون بعيدين للغاية عن جميع خيارات الشعب المصري.