الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وثيقة الفلسطيني ووجعه (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
موجعًا وجعًا يصيب بالعجز أن يلصق أحد بالشعب الفلسطيني اتهامات تطعن في علاقته التاريخية ليس بالشعب المصري فحسب؛ بل بأمته العربية من خليجها إلى محيطها.
وجع إلى حد اتهامات تزف معها دماء الشهداء التي روت أرض فلسطين دماء مصرية وأردنية ولبنانية وسورية وعراقية، دماء تشربتها الأرض التي تحتضن الآن روح الشهيد البطل الفلسطيني عبد القادر الحسيني، والشهيد البطل المصري أحمد عبد العزيز.
واصلت حواري مع الشابة الغاضبة على حركة حماس، لتآمرها على شعب وجيش مصر، وهو الحوار الذي كتبت ما دار فيه في مقال الجمعة الماضية، واستعد وثيقة الإدانة التي كتبها الشعار الفلسطيني الكبير "محمود درويش"، إنها ليست مجرد قصيدة ولا رسالة ولا يوميات هي وثيقة تؤرخ لمرحلة سقوط وفضح فصيل سياسي يتنطع تحت راية الإسلام، وقبل أن يطلق رصاصه وخناجره في صدور جنودنا أطلقها في صدور الشعب الفلسطيني، بعد أن استولى على قطاع غزة في عام 2007.
وقد أرّخ محمود درويش في وثيقة اختار لها عنوان "أنت منذ الآن غيرك" يوميات جريمة الفصيل المسلح لحركة الإخوان.
هذا هو يا بنيتي الفلسطيني وهؤلاء هم الفلسطينيون اقرئي ما قاله محمود درويش:
هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟
وهل كان علينا أيضًا أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟
كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!
أن تصدِّق نفسك أسوأ من أن تكذب على غيرك!
أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا - تلك هي دُونيّة المُتعالي، وغطرسة الوضيع!
أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ابتعدنا عنك!
أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضًا لا نعرف.
أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلًا، فلسنا سوى عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل!
الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث، ما نخترع لا ما نتذكر، الهوية هي فَسادُ المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة!
تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما تيسَّر له من الطرائد.. ولأنَّ جنديَّةً أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل لأمِّك، مثلهما؟
لولا الحياء والظلام، لزرتُ غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد!
ولولا أن محمدًا هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا!
أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!
مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك، خَطَفَتْها فضيحة!
قلبي ليس لي.. ولا لأحد، لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجرًا.
هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته - أخيه: "الله أكبر"، أنه كافر إذ يرى الله على صورته هو: أصغر من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين؟
أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا، لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه.
رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل.
ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين.
وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة.. ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد؟
لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب بالفلسطينيين العائدين من المعركة، الدخول مجانًا! وخمرتنا.. لا تُسْكِر!
لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة.
لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية، هكذا قال لي أستاذ جامعة!
"أنا والغريب على ابن عمِّي، وأنا وابن عمِّي على أَخي، وأَنا وشيخي عليَّ".. هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام.
مَن يدخل الجنة أولًا؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟
بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك!
لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة.. ولكن يغيظني أنصارهم العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في التليفزيون!
سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الإيطالية.. لا فرق؟
قُلْتُ: لا يدافع!
وسألني: هل أنا + أنا = اثنين؟
قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد!
لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف.. ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون.
أنت، منذ الآن، غيرك!