الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

يا وزير التربية والتعليم.. المرحلة تفرض أن تكون مختلفًا عمن سبقوك!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أتوجه بحديثي الى وزير التربية والتعليم فهو بحكم الموقع الوظيفي يعد المسئول الأول عما يحدث.. وما يحدث يقول إنه لا شيء قد تغير..
فنحن كما كنا.. نفس الأسلوب.. نفس النظرة الضيقة.. نفس التحرك فى إطار نقطة محددة دون ربطها بما حولها من نقاط..
** سنوات طويلة وأنا وغيري كم كتبنا من كتابات، وكم طرحنا فيما كتبنا من ملاحظات ونقاشات وصلت فى حدتها الى ما يمكن تسميته بالصرخات حول النظرة التقليدية والنظرة العقيمة التى (يتمتع) بها من يقومون بوضع المناهج التعليمية..
سنوات مرت وأتت سنوات جديدة، ومرحلة جديدة بعد ثورتين.. كنت أعتقد أن الثورتين قد أحدثتا ثورات فى العقول أيضًا، وأن الرؤية والنظرة الى ما يقدم فى مناهجنا التعليمية لأبنائنا قد تغيرت وتخلصت مما كان بها من تقليدية ومن عقم بل ومن قصور..
اعتقدت هذا حتى وقع تحت يدي كتاب لمادة جديدة اسمها (المواطنة وحقوق الإنسان).. والمادة للصف الثانى الثانوى..
ومن عنوان المادة يفترض أنها مادة فى غاية الأهمية، ويزيد من أهميتها كونها مادة لطلبة الصف الثانى الثانوى.. أى للمرحلة العمرية الأشد خطورة.. والتى من خلال ما يقدم لها من علم ومن وعى نستطيع أن نخرج بشعب (طيب الأعراق) أو بشعب غائب مغيب، تمت تربيته على ثقافة الاستسهال والسطحية ومفهوم (عبي واشرب وادلق على الورق)!!
و(عبي واشرب وادلق على الورق) هذه الجملة الجديدة تماما على قاموس لغتي، وجدتنى أرددها بعد أن انتهيت من قراءة الكتاب الذى يضم المادة!!
فالمادة من عنوانها ومن خلال المرحلة العمرية التى ستدرسها، مفروض أن الغرض منها إحداث تغيير ما، وطفرة إيجابية ما، في عقول الطلبة الذين سيتلقونها كمادة علمية..
ولكن كيف يحدث التغيير وكيف تحدث الطفرة والسادة الذين قاموا بالتأليف وبمراجعة الكتاب لم يختلف دورهم كثيرًا عن الدور الذى يقوم بها المدرس الخصوصي الذى يأتى به الأهالى ليقوم بتلخيص المواد الدراسية لأبنائهم، ثم يطلب منهم حفظها أو (بحشو) الذاكرة بها قبل الامتحان بساعات ثم (دلقها) فى ورقة الامتحانات، ثم نسيانها.. وكان الله بالسر عالم!!
المادة (المواطنة وحقوق الإنسان) تحوى موضوعات فى غاية الأهمية لكن للأسف الموضوعات تم المرور عليها مرور الكرام وكأنها فعلاً ملخصة وجاهزة للحفظ على طريقة الدروس الخصوصية.. وكأن الكل – حتى القائمون على وضع المناهج - قد تأثر بهذه الآفة التى ابتلينا بها فى السنوات الأخيرة فى ظل سياسة تعليمية رديئة فى أسلوبها ومتدهورة فى نتائجها وتعطى مردودًا يتمثل فى هذه الأجيال المنعدمة الثقافة والتى تسيطر عليها قيم الاستسهال ومفهوم (القص واللزق)!!
** و(المادة) صعب أن يتم تناول ما تحويه من مواضيع فى مقال صحفي..
ولكن لو أخذنا التالي ـ على سبيل المثال وليس الحصر:
عندما يكون هناك من مواضيعها جزء يخص نماذج نسائية رائدة.. من أمثال هدى شعراوى ونبوية موسى وملك حفنى ناصف ودرية شفيق وحكمت أبوزيد.. وعندما يتم المرور على كل منهن مرور الكرام فى سطور لا تتجاوز العشرة سطور، رغم أن كل واحدة منهن يمكن أن يخصص لها كتاب يحوى سيرتها الذاتية ودورها سواء أكان اجتماعيًا أو سياسيًا.. والسؤال هنا: أليس الهدف من الحديث عن هذه الشخصيات هو تقديمهن كقدوة ونماذج يحتذى بها؟!.. فكيف يكون هذا وقد تم تناول سيرهن بهذا الشكل السريع الموجز جدا والمجحف لهذه الشخصيات الثرية العظيمة؟!
وعن نفسي ونتيجة لظروف قربتنى من السيدة الدكتورة حكمت أبوزيد، اجد في مسيرة حياة هذه السيدة المصرية العظيمة الكثير الذى يجب أن تتعرف عليه الأجيال الصاعدة والذى يستحق الاحتذاء به، وليس فقط كونها أول وزيرة كما جاء فى المادة!
** ثم نأتى الى القصور فى الرؤية - وعذرًا عن الوصف - لكنى لم أجد سواه تلخيصًا لما شعرت به وأنا أقرأ الجزء المخصص فى الكتاب (المادة) حول المجتمع المدنى..
وحيث إن مصر الآن تتعرض للحروب من كل صوب وحدب.. وكما كنا نقولها مجازًا (برًا وبحرًا وجوًا) ثم اتضح أنه ليس مجازًا لكنه واقع.. ومن ضمن بل وعلى رأس قائمة هذه الحروب، حروب تأتينا بسبب ما يسمى بمنظمات المجتمع المدنى، وأعنى بها المنظمات الممولة تمويلًا أجنبيًا مشروطًا، ومحددة برامجه، وخطته تهدف دائمًا وأبدًا الى ما يصب فى صالح مخططات وأهداف الدول المانحة وليس العكس أبدًا..
كنت أتوقع أن يكون فى هذا الجزء من الكتاب ما يخدم على تأصيل الفهم الذى يفرق بين الدور المهم الذى تلعبه (الجمعيات الأهلية) وهو المسمى الأصح والحقيقي وليس المسمى المبتدع حديثًا (منظمات المجتمع المدنى) والذى كان الغرض منه طمس مسمى الجمعيات الأهلية..
الجمعيات الأهلية التى طالما كانت تحت إشراف وزارة الشئون الاجتماعية، وينظم عملها قانون واضح وضعته الدولة، قانون صريح فى نصوصه التى من ضمنها حظر التمويل من أى جهات خارجية، وأن أى تمويل أو تبرعات لا بد أن تكون معروفة مصادرة، ومراقبًا..
ولا نحتاج أن نقول إن هذا الإشراف وهذه المراقبة القانونية جاءت لحماية المجتمع من أى خروقات خارجية ومن أى استهدافات معادية..
فأين ما جاء فىى الكتاب (مادة الحقوق والمواطنة) من هذه التوضيحات ومن الفصل بين الدور الوطنى النبيل للجمعيات الأهلية والدور الخطير الهدام للمنظمات المدنية الممولة خارجيًا؟!
** ويا أيها السادة من المسئولين عن وضع المناهج.. أليس للمناهج التعليمية من أهداف.. أليس من المفروض أن يكون هناك اتساق بين السياسة العامة للدولة والرؤية الوطنية للدولة والظروف التى تمر بها الدولة وبين المناهج الجديدة التى تقدم للأجيال وتستهدف إحداث نقلة وطنية إيجابية داخل عقولهم؟ أم الآن الموضوع مجرد إضافة مادة دراسية جديدة تضاف للمواد الدراسية الكثيرة الأخرى؟!
** كما ذكرت.. لا المساحة ولا طبيعة الوسط الإعلامى يسمح بالحديث عن كل ما يجب مناقشته.. فالكتاب أو المادة الجديدة (المواطنة وحقوق الإنسان) بها الكثير من الملاحظات على كثير مما جاء فيها من موضوعات، والتى أتمنى أن يعاد النظر فيها بما يتناسب مع الهدف الأساسي من إضافة هذه المادة (المواطنة وحقوق الإنسان) ذات الأهمية الكبيرة جدًا.. وتقديمها الى مرحلة عمرية هى المرحلة الأشد خطورة (الصف الثانى الثانوى).