الأحد 02 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين حين وآخر أرى وجه الرئيس الراحل أنور السادات على الشاشة يقول ذلك وأندهش جدا، في كل مرة أراه يقول ذلك على قناة الجزيرة أو قناة أون تي في أو غيرها من القنوات معارضة أو موافقة على النظام الحالي أبتسم. أندهش ويتملكني الغيظ أحيانا حين أتذكر الرئيس السادات وهو يقول ذلك، لقد قال ذلك وصرخ به بعد عام 1978- بعد اتفاق كامب ديفيد- اتفاق السلام مع إسرائيل الذي وقفت المعارضة كلها ضده، كانت المعارضة نوعين، اليسار المصري بطوائفه "شيوعيون وناصريون" وهؤلاء كانت معارضتهم مما بدا أنه تخلى عن القضية الفلسطينية، أما المعارضة الإسلامية فقد كانت ترى أنه اتفاق مع اليهود أعداء الله، وإذا كان موقف المعارضة اليسارية مفهوما فموقف المعارضة الإسلامية كان غريبا وكان هو الموجع للرئيس السادات، لماذا؟ لأنه هو الذي أخرجهم من السجون الناصرية ولم يكتف بذلك بل ساعدهم وساعدتهم أجهزته في الانتشار والاعتداء على اليساريين في الجامعات وفتح لهم باب الدعم المادي من الداخل والخارج، ومن ثم كان في الأمر نوع من الخذلان له هو الذي احتمي بهم وأطلق علي نفسه الرئيس المؤمن وفتح لهم باب التدريب العسكري السري والعلني لضرب اليسار. أرى الرئيس السادات كما قلت على الشاشة وأندهش وأحيانا أضحك حزينا بلاشك. لقد كان هو أول ضحاياهم، كيف أدخلهم في السياسة وأراد إخراجهم بعد ذلك؟ كيف لم يدرك ما ستنتهي إليه الأمور؟ للأسف إن كل ما نراه حولنا من إرهاب هنا وفي العالم كانت بدايته في مصر وكان السادات متعاونا في ذلك مع الولايات المتحدة في معركتها مع الاتحاد السوفييتي، الحرب الباردة التي كانت ساخنة لكن بأيدي الآخرين وليس بيد أمريكا، ولقد نجح السادات وأمريكا في ذلك، ولا أنسى أنه مرة قال موبخا اليسار ومتندرا عليه أن الاتحاد السوفييتي إلى زوال. كان بعيد النظر حقا لكن كانت له اليد في ذلك مع أمريكا، وأمريكا دفعت الثمن بعد ذلك، كيف حقا تطلق المارد من القمقم وتنتظر منه الخير؟ المارد الذي يريد على طول التاريخ أن الدين هو أسرع فرس رهان للوصول إلى السلطة خاصة بين الشعوب الفقيرة، وقد عمل السادات على إفقار المصريين أكثر بسياسة الانفتاح الاقتصادي التي فتحت الباب لرجال أعمال لا يعرفهم أحد كانوا يهربون بأموال البنوك كل يوم ومن لم يفعل ذلك فتحت له كنوز البلاد يغرف منها كما يشاء، المهم أن يكون في حزب النظام الحاكم، وهي السياسة التي استمرت مع حسني مبارك وصارت أكثر بشاعة، وانتهي الحال إلى ما انتهينا إليه من خراب، أربعون عاما الآن والإسلاميون يعملون بالسياسة ولا أحد يقول ما قاله السادات، لقد قاله بعد أن كبرت كرة النار ولم يعد من طريق لإطفائها، الاستشهاد بالسادات لا قيمة له لأنه السبب الرئيسي فيما وصلنا إليه، لذلك كما قلت أضحك والحقيقة أني أبكي في داخلي. لقد جاء اليوم الذي أعلن فيه النظام أن لا أحزاب على أساس ديني، لكن الأمر تجاوز الأحزاب إلى جماعات سرية وعلنية في كل الدنيا، يمكن أن أتقبل ما قاله السادات من أي شخص إلا السادات! والذين يتصورون أن الأجيال الجديدة لا تعرف ما فعله الرجل واهمون فهم يعرفون أن الرجل هو الذي أطلق المارد ودافع عنه وحماه وشجعه، هناك أخطاء صغيرة لكل حاكم لكن هذا الخطأ كان كبيرا جدا واستفحلت نتائجه إلى ما نحن عليه، كم سنحتاج من وقت لننتهي من هذا؟ سنوات كثيرة وخططا على رأسها التعليم والأهم الاقتصاد ليكون كل فرد مكتفيا في حياته حرا يشعر بكرامته وليس عاطلا أو أعزب أو عانسا لسنوات كثيرة. القبضة الأمنية وحدها لا تكفي لإصلاح ما فات الذي كان يمشي مع إفقار الشعب خطوة بخطوة.. لابد من تحقيق العدل للشعب والمساواة في فرص العيش دون حاجة للصراخ بهذا الشعار الذي صرخ به من لم يفعله!