الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

طلع زويل علينا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ترددت كثيراً وحاولت إثناء قلمي عن كتابة ما يدور في خلجات صدري عن حالة "الزفة الكدابة" التي تتجدد كلما "طلع زويل علينا" عائداً من منتجعه المفضل بالولايات المتحدة الأمريكية، فبعد أنا خرج علينا جهازه الإعلامي العبقري بخبر إصابة "العالم الفذ" أحمد زويل بالمرض الخبيث وأنه في الرمق الأخير منه للدرجة التي أدمعت عيوننا فوجئنا بأن الرجل صحته "زي البمب" و"100 فل و17".

وكعادة رحلاته المكوكية "القاهرة ــ واشنطن" انفض السامر وانتهت الضجة الكبيرة التي تذكرك بـ"مولد سيدك زويل" والتي تتجدد كلما زار الرجل أرض مصر وكأننا "زارنا النبي" لكن هل سألت نفسك مرة ما هي حقيقة د. أحمد زويل وما هي القيمة التي أضافها لمصر أو من الآخر عمل إيه زويل علشان خاطر مصر؟ بمعنى آخر إيه المحصلة النهائية.. هل زادت عن "صفر"؟

هذه الحملة الإعلامية والإعلانية العالمية والمحلية.. تدفعنا للتساؤل عن سر هذا الاحتفاء وهذه الاحتفالات المبالغ فيها بالدكتور زويل؟ وهل هذا دليل على اهتمام الدولة المصرية بالعلم والعلماء كما تدّعي؟ بالطبع لا.
ولو كان العكس صحيحاً لرأى مشروع الدكتور زويل للبحث العلمي النور في مصر، بدلاً من أن تتسابق دول أخرى في المنطقة على تبني فكرته وتنفيذها كما تم في السعودية وقطر والبحرين.. إضافة إلى ذلك وبشهادة القاصي والداني من أهل الاختصاص أن مجمل السياسيات التعليمية التي طبقت على أرض الواقع من قبل النخبة الحاكمة تدل دلالة واضحة على عدم وجود رؤية استراتيجية لمنظومة التعليم تحدد أولوياته ومتطلباته وأهدافه.
وهذه بعض الحقائق التي تساعدك على فهم شخصية العالم الفذ الذي لم يجد الزمان بمثله:
زويل على رأس قائمة أعضاء مجلس أمناء مدينة زويل الملياردير اليهودي Nicholas Berggruen ذو الصلات الوطيدة بإسرائيل وهو مؤسس منظمة Nicolas Berggruen Institute الدولية التي تهدف إلى تصميم وتنفيذ أفكار جديدة للحكم الرشيد في القرن الـ21 في ظل العولمة والنظام العالمي الجديد
كما أن زويل وعضوين آخرين من مجلس أمناء مدينة زويل Mohamed El-Erian, Michael Spence and Ahmed Zewail  أعضاء في مجلس هذه المنظمة التي يرأسها برجرون، زويل ساهم في تطوير تكنولوجيا الليزر المستخدمة في الأسلحة الأمريكية دوافع الصواريخ والليزر الكيميائي بدعم وتمويل من القوات الجوية الأمريكية، وهو ما ساعده في الحصول على جائزة نوبل، وقام زويل بإجراء العديد من الأبحاث لصالح البحرية الأمريكية وبتمويل منها فهل تعلم أن أمريكا استخدمت هذه التكنولوجيا في ضرب العراق؟ وأن إسرائيل الآن تستخدم نفس هذه التكنولوجيا في ضرب فلسطين؟ وتقديرا لمجهوداته أعطته إسرائيل جائزة وولف وعينه الرئيس الأمريكي في مجلسه الاستشاري ومندوبا والآن تكافئه مصر بتسمية مدينة علمية وتكنولوجية "مشروع مصر القومي للنهضة العلمية" باسمه زويل حصل على جائزة وولف الإسرائيلية عام 1993 وسلمها له الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمان في حفل أقيم بالكنيست،
 
زويل اختير كمحاضر متميز Distinguished Lecturer في جامعة تل أبيب في 1992/1993
وبناءً على ما سبق فاهتمام النخبة وأمريكا والغرب عموماً بالدكتور زويل لا علاقة له بالعلم والعلماء وإنما لأسباب أخرى أهمها سببان: الأول أنه عندما تفلس الدولة فليس أمام النخبة إلا أن تتسول شرعيتها عبر التغني بأمجاد الماضي الذي لا يصنع وحده حاضراً ولا مستقبلاً، وفي نفس الوقت التغني والاحتفال بالإنجازات والانتصارات الفردية ونسبتها إلى نفسها على قاعدة "القرعة تتباهي بشعر بنت أختها" وهذا ما نعيشه اليوم.

أما السبب الثاني وهذا هو الأهم ما ذكره المتحدث باسم البيت الأبيض عن سر اختيار الرئيس أوباما للدكتور زويل ضمن مجلسه الاستشاري للعلوم والتكنولوجيا، حيث وصفه بأنه شخصية علمية رائدة تحظى باحترام واسع، ليس فقط بسبب علمه ولكن أيضاً لكونه صوتاً للعقل في الشرق الأوسط" ولنا أن نضع خطاً أحمر تحت عبارة "لكونه صوتاً للعقل بالشرق الأوسط".

ومن هم عقلاء الشرق الأوسط؟ عقلاء الشرق الأوسط، كما هو معروف، طبقاً للمعايير الأمريكية والغربية هم المطبعون والمطبعات ومتبادلو الزيارات مع الكيان الصهيوني ومحبو السلام على طريقة نتن ياهو.
فمن الثابت أن الدكتور زويل ذهب إلى إسرائيل لتسلم جائزة إسرائيلية وألقى خطبه بهذه المناسبة في الكنيست الإسرائيلي 1993م وقال فيها كما ذكر: "إن الجزيئات والذرات تتعايش مع بعضها وتتآلف وتتجاذب وأنه هكذا يجب أن تكون العلاقة بين إسرائيل والشعوب العربية"، وتكررت زياراته للكيان الصهيوني وحاضر في جامعاته ومراكزه البحثية، ولأنه صوتُ للعقل ذكرت الأخبار أنه مكث في إسرائيل لأكثر من ثلاثة أشهر عكف خلالها على تطوير منظومة صواريخ تعمل بالليزر بالاشتراك مع خبراء في معهد وايزمان بحيفا!..
وأثناء ندوة عقدتها إحدى جامعات مصر احتفالاً بالدكتور زويل سأله الخبير الاستراتيجي المعروف اللواء الدكتور صلاح سليم وكان حاضراً- رحمه الله- عن ذلك فرد عليه الدكتور زويل قائلا ما خلاصته (العلم لا وطن له.. لا سياسة في العلم ولا علم في السياسة)... وهذا من عجائب هذا العقل! إلقاء خطاب في الكنيست الإسرائيلي أهم رمز سياسي للدولة الصهيونية يعتبره "صوت العقل" أمراً غير سياسي؟ وبحجة أن العلم لا وطن له يشترك "صوت العقل" في تطوير منظومة صواريخ معلوم عقلاً ومنطقاً إلى أين ستوجه ومن وكم ستقتل.. وحينما انطلق الهجوم الصهيوني على غزة مستخدماً كل ما لديه من أسلحة محرمة دولياً دمرت الأخضر واليابس لم نسمع لـ"صوت العقل" صوتاً عقلياً ولا حساً إنسانياً.. أي علم وعقل هذا؟! 
هذا هو السبب الرئيسي في احتفاء واحتفال النخبة الحاكمة وأمريكا والغرب عموماً بصوت العقل الدكتور زويل وتقديمه كنموذج يجب أن يقتدي به علماء المستقبل.. أما شهداء مصر والإنسانية مثل الدكتور مصطفى مشرفة، والدكتورة سميرة موسى، والدكتور سمير نجيب، والدكتور نبيل القليني، والدكتور يحيى المشد، والدكتور سعيد بدير.. كل هؤلاء رغم تفوقهم العلمي والعملي بشهادة عقلاء العالم كانوا مجانين لأنهم رفضوا التعاون مع الصهاينة لذا وجب التخلص منهم وطمس تاريخهم.