لم يحظ رئيس فى مصر بدعم هائل من الشعب مثلما يحدث الآن، فالزعيم جمال عبدالناصر التف حوله ٣٥ مليون مصرى-عدد السكان وقتها-، أما الرئيس عبدالفتاح السيسى فهناك ما لا يقل عن ٧٥ مليون مصرى يدعمون قراراته، ويصطفون خلفه، شاهدوا فيه الأمل، وينتظرون منه الكثير.
لن أتحدث عن ضرورة إقالة الحكومة بعد العدد المفزع لضحايا الطرق الذى نشاهده يوميا، لن انتقد أى مسئول على ما يحدث، فأنا على يقين تام، بأن حوادث الطرق وضحاياها، نسبة تحمل الحكومة فيها قليلة للغاية، وأن الأسباب دائما وأبدا هى من نصيب المواطن، سواء فى استهتاره فى القيادة، أو إهماله فى صيانة سيارته أيا كانت فئتها.
جميعنا انتفض وقت ولاية الرئيس الجاسوس محمد مرسى، حينما قُتل أكثر من ٥٠ طفلا فى منفلوط، من جراء اصطدام القطار بأتوبيس المعهد الأزهرى، لكن المقارنة بين حادث القطار وحادث أتوبيس البحيرة مختلف، فالأول كان جزءا من إهمال حكومى عفن، أما الثانى فالإهمال من سائق أرعن.
لكن تظل مسئولية الرئيس عبدالفتاح السيسى قائمة، فنحن لم نختر لا محلب ولا غيره، انتخبناك أنت، لتصحيح الأوضاع، ووقفنا وسنقف وراءك، طالما ثورة التصحيح قائمة، لا نستطيع محاسبتك على فساد استمر أكثر من ٤٠ عاما، لكننا نستطيع محاسبتك ابتداء من فترة ولايتك.
الفساد مستشرٍ فى كل جزء من مصر، والمهمة ثقيلة، لكن كما قلت أنت، طالما وقف الشعب وراء قيادته، لا يوجد مستحيل، ابدأ بالفساد المرتبط بحياة الإنسان، ابدأ من العقارات الآيلة للسقوط، وغير المطابقة للمواصفات، ابدأ من قانون المرور، ووحدات التراخيص، فكل رخصة، تصدر لمواطن لا يستحقها، هى بمثابة تصريح بقتل المواطنين.
سيادة الرئيس، إن الفساد فى وحدات التراخيص، عينى عينك، فالرشوة تدفع جهارا أمام أعين الناس، والوسائط والمحسوبية.. علانية، لدرجة أنها أصبحت عرفا بين الناس.
سيادة الرئيس.. ما يحدث فى مواقف الميكروباص هو تعبير عن الفوضى فى مصر، وعن الفساد أيضا، فهناك أجيال كاملة من سائقى الميكروباص لا تحمل رخص قيادة، ويمرحون فى الطريق يمينا ويسارا، وهم يعرفون جيدا، أن ٢٠جنيها فقط، هى مفتاح تخلصهم من أى عقبة أمامهم فى استكمال عبثهم فى القيادة.
سيادة الرئيس.. هل تعتقد حقا أن هناك سيارة نقل تسير بالحمولة القانونية؟ الكل يقوم بتحميلها بضعف الحمولة المقررة، دون النظر فى العواقب التى ستحدث، فلا السائق يهتم ولا مالك السيارة مهتم.
سيادة الرئيس.. إن الإرهاب لا يقف فقط عند العنف المسلح والانفجارات، الإرهاب يمتد إلى إزهاق أرواح المواطنين بغير ذنب اقترفوه، فلا فرق عندى بين من يذهب ضحية رصاصة وغادرة، من يذهب ضحية إهمال، فكلاهما أدى إلى نفس النتيجة.
سيادة الرئيس.. مثلما انتفضت مصر وراء قيادتها فى حربها ضد الإرهاب، فهى على استعداد أيضا للانتفاضة ضد الفساد والإهمال، لكن تظل إشارة البدء من عندك أنت، لا تنتظر حتى يذهب المزيد من الضحايا.
ابدأ سيادة الرئيس ونحن معك، اضرب بكل قوة وقسوة ودون رحمة.. فجميعنا رعاياك يا سيادة الرئيس.. ولا نريد أن نصبح ضحاياك يا سيادة الرئيس.
