الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نضال المرأة يهزم قبح المتأسلمين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع صعود تيار الإسلام السياسي متزامنًا مع ما سموه بالربيع العربي، دفعت المرأة أثمانًا باهظة، فكانت مستهدفة من حركة النهضة بتونس ومن الإخوان بمصر ومن جبهة النصرة والدواعش في سوريا والعراق، ورأينا جميعًا مشاهد مقززة لاغتيال المرأة بكل صور الاغتيال المادي والمعنوي، ولم يكن ذلك قاصرًا على المنطقة العربية فحسب ولكننا شاهدنا وشاهد العالم معنا مشهد خطف الفتيات على يد عصابات بوكو حرام التي تدعي التأسلم وتزويجهن قسرًا، مرورًا بخطف الأيزيديات وبيعهن كسبايا، وقطع رؤوس المناضلات الكرديات.
في ظني لم يمر عصر انحطاط ضد المرأة مثلما شهدنا في السنوات القليلة الماضية، فالتيارات المتطرفة التي حازت السلطة في مناطق الحروب والنزاعات في الشرق الأوسط وإفريقيا أظهرت الموقف الحقيقي للتيارات المتأسلمة ضد المرأة التي لا يرونها إلا وسيلة لإرضاء غرائزهم، والغريب هو صمت المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية التي تزعم دفاعها عن حقوق الإنسان، لذلك لم تنتظر النساء في عالمنا الشرقي دعمًا أو مساندة من أي دولة أو منظمة، ولكنها ثارت بمعرفتها وتقدمت الصفوف وانتصرت، ولنا في ذلك أكثر من مشهد بطولي أولها: الخروج الكثيف لسيدات مصر في 30 يونيه لإسقاط الإخوان، هذا ما سجلته كاميرات العالم، حيث تحدت المرأة المصرية التي حاول المتأسلمون التأكيد على أن صوتها عورة، فردت هي عليهم بوضوح بأن صوتها ثورة، وكانت ميادين القاهرة خير شاهد على ذلك لتخرج المرأة المصرية إلى النور من جديد، ويذهب محمد مرسي ومن معه إلى السجن.
لم يتوقف نضالها عند الخروج في 30 يونيه ولكنها أكدت دورها في الانتخابات والاستفتاءات التي جرت بمصر لأنها بوعيها الفطري نجحت في استشراف ما يضمره المتأسلمون لها، لذلك لم يكن غريبًا أن نراها في تونس وهي تضرب المثل بقدرتها على تغيير النظام، فتسقط حركة النهضة وتنتصر لمن يحترم فيها إنسانيتها.
السنوات الأخيرة في العالم العربي تحتاج إلى رصد وتدقيق وتوثيق لما قدمته المرأة في سبيل بناء بلادها وتحررها من الظلاميين، ذلك الرصد هو مهمة مراكز الأبحاث والدراسات المتخصصة لما تمتلكه من إمكانيات تعينها على إنجاز تلك المهمة، فالخوف كل الخوف أن يترك المسئولون مهمة التوثيق لمراكز ومؤسسات تفتقر إلى المهنية فتضيع الحقيقة ويتم تزوير التاريخ.
فالصورة الأبرز الآن والتي تدعو للفخر هي تلك التي رسمتها سيدات كوباني المحاصرة من داعش، هناك تكتب المرأة الكردية واحدة من أنصع صفحات النضال الوطني، فكما قاومت نساء مصر وتونس بالتظاهر والتصويت رأينا في كوباني أن المرأة لم تتردد في حمل الكلاشنكوف وخوض معارك المواجهة مع داعش، كتفًا إلى كتف بجوار الرجل، هذه الملحمة التي يمر عليها الإعلام مرور الكرام، ليست ابنة الصدفة، ولكنها رد فعل طبيعي لسنوات طويلة من القهر المجتمعي للمرأة، ويأتي ذلك القهر مرة باسم الدين ومرة أخرى باسم التقاليد التي ترى المرأة على غير حقيقتها.
والمؤكد هو أن الدور المتميز للمرأة في السنوات القليلة الماضية سينعكس في انتخابات البرلمان القادم، حيث فرض الدستور المصري وجود المرأة بالبرلمان كتشريعية ورقابية وشريكة أساسية في بناء المجتمع.
ولذلك رغم المرارة والألم والصعوبات التي شهدتها بلادنا، إلا أنه من المهم والضروري النظر بتفاؤل للمستقبل، فلم يكن هناك أصعب من حكم الظلاميين وقد انزاح بانتباه وحرص الجميع والمرأة في مقدمتهم، انتهت المرحلة الصعبة وعلينا أن نسعد بما أنجزناه من خلال شراكة مجتمعية ووطنية حقيقية، فعلينا الحفاظ على تلك السبيكة نقية وغالية فهي هديتنا الوحيدة لهذا الوطن.