الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

آدم حنين.. حارس الأفق

 آدم حنين
آدم حنين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظل في دهشة يتأمل تمثال إخناتون عندما كان في زيارة مدرسية إلى المتحف المصري، وكان أول ما دار في مخيلته الحضارة المصرية التي تأثر بها، فعنصر الدهشة في داخله جعل منه أشهر نحات في مصر والعالم العربي، وبعد أيام من زيارة المتحف أمسك بالصلصال كي يقوم بعمل تمثال يشبه تمثال إخناتون لدرجة أن والده الذي يعمل صائغًا وضع هذا العمل في فاترينة في واجهة المحل، وفرح بعمل طفله ابن الثمانية أعوام.

وكان يتباهى بما قام به طفله "آدم حنين" ويتباهى بالعمل أمام أصدقائه والزائرين للمحل، آدم حنين علامة مميزة في مسيرة فن النحت المصري المعاصر، وصل ما انقطع بعد النحات الشهير محمود مختار هكذا وصف الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الفنان العالمي آدم حنين، خلال تكريمه في افتتاح الموسم الثقافي الجديد للأكاديمية المصرية للفنون بروما، حيث قامت أعماله خلال مشواره الفني الطويل الحافل بالإبداعات على استلهام التراث الفرعوني بشكل خاص.

وإذا كان النحات المصري محمود مختار قد قاد فن النحت في مصر نحو التشخيص فإن آدم حنين نقل الفن نحو روعة الاختزال والتجديد.

تشرب حنين الفن الفرعوني وعاش في مناخه، التمثال له ذائقة خاصة ووجود خاص عند الفنان متأثرًا بأجداده من المصريين القدماء، الذين تحدوا الزمان والمكان والمناخ فاستمد من عظمتهم فنه، فالحضارة المصرية تمثل له الهوية والخلود الذي أبعده عن الانتماء إلى أي مذهب فني معين لتحميه الحضارة الفرعونية من التشوهات البصرية، فالفن الفرعوني حماه من وطأة الإحساس بالزمن، بمعناه المادي الواقعي الضيق، وفتح عينه على زمن آخر، مترام، زمن الأبدية والخلود، زمن الفن.

اهتم "حنين" برافد آخر هو الفن الشعبي المصري، وهذا الفن عجينة بصرية، من التراث القبطي والإسلامي، ولا تزال شواهده حية، في الجوامع والكنائس والقصور الملكية، وفي القلاع والحصون، وأيضًا في التراث الأدبي السردي، وبخاصة الملاحم والسير الشعبية.

يقول حنين "الحكمة في إحساسي الدائم بأن النحت مليء بأسرار كثيرة، وتتعلم منه الحياة كلها، أنت حينما تكسر الحجر، تحس بأشياء كثيرة تتحرك في وجدانك، وتندهك، تحس بأن ثمة حوارًا بينك وبين الخامة، حتى وأنت تترجمها إلى لغة بصرية، وعلاقات شخصية، وتكسرها بطريقتك".

أنجز حنين خلال مسيرته الفنية عددًا هائلا من القطع الكبيرة والصغيرة الحجم، باستخدام مواد متنوعة مثل الجرانيت والبرونز والحجر الجيري والفخار، وفي فترة الخمسينات وهو ابن العشرين أنتج حنين عدة أعمال نحتية منها رأس امرأة "فاطمة" (1953) وأول منحوتة حيوانية (حصان، 1954)، وتمثال نصفي صغير وجذاب لرجل ينفخ بلطف في مزمار غير مرئي "الزمار" (1955)، وشاب يسترخي بكسل، واضعًا يديه خلف رأسه "راحة" (1955)، وأخيرًا صورة أم حانية "أم الشهيد" 1957-1958.

وفي الستينيات، نحت حنين سلسلة من الأعمال التي تمثل حيوانات مثل الطيور والقطط والكلاب والبوم والماعز والخيل والحمير، بأسلوب اختزالي يبرز الحد الأدنى من خصائصها وخطوطها الأساسية.
وفي السبعينيات نتيجة تفاعله مع أعمال النحاتين الحداثيين في باريس حدث لديه تتطور، واستلهم من هناك حرية التعبير النحتي السائدة، وفي الثمانينيات، اتسمت منحوتاته بالأشكال المجردة والأحجام الصافية وبديناميكية الحركة، وكانت تدور حول مواضيع مثل قرصي الشمس والقمر ومفهوم الصعود. عمل في التسعينيات على المنحوتات كبيرة الحجم التي تعرض في الهواء الطلق، ومنها "السفينة"، المصممة كبديل مجازي للفضاء المتحفي. جمع في المتحف الذي يقع في الفيللا التي شيدها بمنطقة الحرانية بالقرب من منطقة الأهرامات أكثر من 4 آلاف عمل فني، وأهدى تمثالين إلى متحف الفن الحديث الذي افتتح جزئيًا خلال أسابيع.