السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بدل السكوت.. "مأمأة" وائل قنديل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كأننا لا نراها ولا نعرفها تلك المرأة المغتصبة مُمزقة الثياب مُقطعة الأوصال، التى يرسمها وائل قنديل فى دكانة "العربى الجديد" والتى يُسميها مصر.
فى تصوره فإن مصر امرأة سوداء، داعرة، فاسدة، مُتدنية، كل ما فيها ظلام وجميع أبنائها لصوص وعبيد ومُرتزقة.
تحت عنوان "خريف السيسى وخرفانه" كتب وائل قنديل، الثلاثاء الماضى، عن بلد آخر وأناس آخرين لا يعرفهم شاتمًا كُل مَن يختلف معهم، مخوّنًا كُل من يقف ضد فاشية الإخوان، مُعتبرًا كُل مَن يتفق مع توجهات الدولة المصرية "خروف" مجرور يُسلم رأسه لذابحين قُساة يُمارسون أحط أنواع العُنصرية تجاه من يعترض على فاشيتهم.
فى مكتب فخيم وغرفة عامرة بما لذ وطاب يكتب الرجل الهارب إلى الثراء عن فقراء وطنه بخيال مريض وكذب مفضوح، يكتب عن وطن يتحول إلى "قُشلاق" وشعب مصلوب يتعرض كُل يوم للذبح والتعذيب، وليس له خيار سوى جُب عميق أو مقابر جماعية.
مِن هُناك، مِن لندن حيث الحياة المُترفة التى تُناسب ممولين قطريين يسكبون دولاراتهم فى حِجر كل مَن يهين مصر أو يتطاول عليها أو يشوهها، يكتُب الرجل مستوحيًا فيلم زينب الغزالى الوهمى عن سلخانات التعذيب، وحفلات الكلاب البوليسية، ودولة الحاكم الإله الذى يأكل لحوم مواطنيه.
رضى "المناضل" ــ الذى يقبض ثمن نضاله بضع آلاف دولار شهريًا ــ أن يسىء إلى وطنه ويصف أهله بالخرفان، ويعتبر كل مَن يقف مع الدولة فى معركتها ضد الفوضى عميل وتابع وعبد.. قَبِلَ الرجل أن يرسم بلده كدولة مُتخلفة لها شعب مُستعبد خانع يضرب بالحذاء كُل يوم وُيسحل فى الشوارع كل ساعة.
إننا لم نر ما تخيله، ولم نعاين ما خطه رغم أننا نسير على هذه الأرض، ونعيش فوق ثراها، أما هو الساكن فى الفنادق الإنجليزية الفخيمة فيمتلك الحقيقة ويعرف كل شىء.. كأن هذا الشعب الذى خرج يلعن الإخوان لم يخرج بالملايين ضدهم قبل أكثر من عام، وكأنه لم يناضل من أجل دستور غير مسبوق، وكأنه لم يشارك فى انتخابات صفق لها العالم.
بتعبيره كلها باطلة، هل لأنه لم يكن حاضرًا وشاهدًا؟ وبرأيه كلنا خائنون، هل لأننا لم نحصل على رواتب خيالية من كارهى مصر بالدولار؟ وبكلماته فإن مصر تنتظر كارثة، هل لأنها أنهت فاشية المتأسلمين وأوقفت مُخطط "فوضنة" الخريطة العربية لصالح إسرائيل؟.
كلمات بقصور فاخرة، ومداد مخلوط بدماء مصريين، وبذاءات مدفوعة الثمن، حتى يرضى أمراء الغاز الذين ينثرون ذهبهم وفضتهم لكل مَن يُبعد أم الدنيا عن الدنيا، ويرش الحبر الأسود على خريطة طيبة.
أى نضال يُمارسه ذلك الكويتب وهو يُمأمأ لإسعاد أميره؟ أى بطولة يتصورها وهو يبصق على ناسه؟ إنه من العجيب أن يصفنا السيد وائل قنديل بالخرفان، ومن الأعجب أن يدعو كُل منا أن يتحسس فروته، لكن لا عجائب فى زمنٍ يتخفى فيه كثير من الأفاقين والمرتزقة تحت فروة صاحب قلم.. والله أعلم.