الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عبد الرحمن البر وسيف عبد الفتاح ودور الجيش

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واحد من الانطباعات شديدة الدلالة، سجلته فى أوراقى عن الحوار الذى دعانى إليه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر د. أحمد الطيب (مع عشرين من المثقفين والمفكرين) لصوغ ما عُرف باسم: "وثيقة الأزهر" فى منتصف مايو 2011.
إذ تعود الإمام الأكبر أن يدفع لنا فى كل جلسة ببعض الذين يمثلون تيارات إسلامية مختلفة (حتى المتطرفين أو الإرهابيين المتسترين أو السابقين)، وذلك كى نتعرف على الأسئلة التى يمكن أن تثيرها تلك التيارات، ومن ثم نُعمل التفكير فى صيغ واقعية للوثيقة تضع فى اعتبارها بعض التحديات الحقيقية التى تواجه جهود الاستنارة وتجديد فكر المؤسسة الأزهرية العريقة.
وفى إحدى الجلسات (التى كان أمينها جميعا هو د. محمود حمدى زقزوق) فوجئنا بوجود اثنين من عتاولة التطرف والارتباطات الخارجية، احدهما هو مفتى جماعة الإخوان الإرهابية المتشدد جدا عبد الرحمن البر (والمطلوب حاليا للعدالة) والثانى هو سيف عبد الفتاح الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وثيق الصلة بقطر والرئيس السابق لمركز الحضارة الذى أنشأته مؤسسة عبد الله جول التركية وسيطرت على قيادته (ترويكا) سيف عبد الفتاح وباكينام الشرقاوى وخالتها د. نادية مصطفى.
وطبعا سيف لا يذهب حاليا لكلية الاقتصاد وطلب إعفاءه من التدريس لخوفه من الطلبة بعد الدور المقرف الذى لعبه وقت فض رابعة فى محاولة التهييج ضد الجيش، بالاشتراك مع باكينام التى دعت معه إلى تظاهر الطلاب فى الجامعة.. واكتفى سيف- حاليا- بتهجمه المرير والمقزز على القوات المسلحة فى قناة "الجزيرة مباشر مصر"، وكذلك فى موقع "العرب الجديد" الذى يرأسه وائل قنديل، (وتذكرون أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أشار إلى ذلك الموقع- بالتحديد- باعتباره أحد رؤوس الحراب الموجهة إلى مصر فى الموجة الجديدة من التآمر التى تضربنا الآن).
نهايته..
وجد المثقفون والمفكرون المتحلقون حول الإمام الأكبر أنفسهم وجها لوجه أمام هذين الشخصين، وأحسست- وقتها- بعدم ارتياح، وأسر لى الكثيرون من المجموعة بعد الاجتماع بانزعاجه كذلك.. إذ كنا بصدد إعداد وثيقة عنوانها التنوير، ولا ينفع والحال كذلك أن نناقش أمرها مع رموز التطرف والتخلف والجاهلية والظلامية من ذوى الارتباطات الخارجية المريبة سواء بالتنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية أو بتركيا أو قطر.
وفى هذه الجلسة- بالتحديد- بدا أن الإمام الأكبر يميل إلى إصدار ورقة أخرى (بالتوازى مع وثيقة الأزهر) لمساندة ما سماه بعض المجتمعين من المرتبطين بعملية يناير 2011: (الثورة العربية فى سوريا).. وعهد د. أحمد الطيب- كالعادة- إلى الدكتور صلاح فضل ليصوغ المشروع المبدئى لتلك الورقة، ولفتنى فى ذلك المشروع- أثناء تلاوة صلاح فضل له – كلام عن ضرورة اقتصار دور الجيوش على حماية الحدود الخارجية للدول.
وهنا رفعت يدى لأمين الجلسة الدكتور محمود حمدى زقزوق طالبا الحديث، فلما أجابنى إلى ما طلبت، تحدثت – عن أن مهام الجيوش فى حماية الأمن القومى للبلاد لا ينبغى أن تقتصر على حدود الدولة الخارجية، وإنما هى تمتد إلى مواجهة الخطر الذى يحيق بمفهوم الدولة وركائزها فى الداخل كذلك، فضلا عن دور واجب فى حماية المؤسسات السياسية لتلك الدولة.
وقد اندفع كل من عبد الرحمن البر وسيف عبد الفتاح – على نحو جنونى – فى المقاطعة، والصراخ بأن أى دور للجيش خارج نطاق التزام الحدود الخارجية والدفاع عنها مرفوض، وإن أى شىء يتجاوز ذلك هو عودة لنظام مبارك (وهى التهمة التى كانت كافية – فى ذلك التوقيت – لتدمير أية فكرة أو شخص، ومازالت بعض أصدائها تتردد حتى الآن على ألسنة وحناجر بعض النشطاء وأرباب الائتلافات الثورية ومجالس الحكماء ومندوبى أجهزة المخابرات الدولية والعملاء والجواسيس الذين أصبح تحويل يناير 2011 - بالنسبة لهم – إلى بقرة مقدسة هو مبرر وجود Raison- d'être وسبيل لاستمرار الاسترزاق، وخصوصا بعد الفضائح المروعة التى انكشفت تباعا عن سيف عبد الفتاح وعبد الرحمن البر وجعلت اسم الأول يتصدر أوراق عدد من التحقيقات الإدارية والقانونية، على حين بات اسم الثانى على لائحة المطلوبين للعدالة).
المهم أننى تأكدت فى هذا اليوم تحديدا أن الجيش مستهدف أساسى لمؤسسة التطرف التى كانت تستعد لالتهام السلطة (وقتها) وتشرع فى وضع خطط لتصفية مؤسسات الدولة واحدة تلو الأخرى وعلى رأسها القوات المسلحة.
المؤامرة كانت أوضح من أن يتصور أحد جعلها ساحة للجدل البيزنطى أو الحوار السفسطائى.
وأولئك الناس وحلفاؤهم والقوى الدولية والإقليمية التى ساندتهم فى محاولة إسقاط مصر وتركيعها لم يستهدفوا سوى الجيش، إذ لم يك من المنطقى أو المبرر أن تثير كلمة امتداد اختصاص الجيش إلى حماية مؤسسات الدولة السياسية كل ذلك الهياج الذى اندفع إليه كل من سيف عبد الفتاح وعبد الرحمن البر، إلا لو كان هناك تكليف (عام وموحد) لدى كوادر التنظيم، وعملاء الدول المتآمرة وأجهزة المخابرات الإقليمية والدولية باستهداف الجيش.
منذ ما قبل وصولهم إلى الحكم بالتزوير وهم يستهدفون الجيش وبعد ذلك راحوا يوجهون ضرباتهم إلى جسم تلك المؤسسة بالتحالف مع جواسيس ونشطاء الحركات والمنظمات العميلة، فعمدوا إلى تهييج وتحريض الناس ضد الجيش فى أحداث محمد محمود والتحرير ثم بقتل جنوده فى مذبحة رفح الأولى (أغسطس 2012) ومذبحة رفح الثانية (أغسطس 2013) ثم عملية خطف الجنود المصريين وإعادتهم بتواطؤ من مرسى (مايو 2013) ثم بالإقالة/ الإهانة للمشير طنطاوى والفريق سامى عنان، ثم بمحاولة تهديد خيرت الشاطر للسيسى (وقتما كان وزيرا للدفاع)، مشيرا بأصبع يده كما لو كان يضغط على زناد، وباستهداف عناصر الجيش فى أحداث نوعية من طراز استخدام قذيفة حرارية لإسقاط مروحية للجيش المصرى، أو حادث الفرافرة أو –أخيرا- الهجوم على نقطة كرم القواديس.
كان عبد الرحمن البر وسيف عبد الفتاح هما طليعة الهجوم على الجيش فى ذلك الاجتماع مع شيخ الأزهر والمثقفين، والذى جرى بعد أربعة أشهر من عملية يناير 2011 ليؤكد أن الهدف - مبكرا جدا – كان التخلص من الجيش (المؤسسة الوطنية الوحيدة التى خرجت من تخريب يناير بسلام)، ومن هنا كان الدفع بأمثال عبد الرحمن البر وسيف عبد الفتاح لمحاولة إرهاب المثقفين وردعهم عن محاولة المحافظة على دور القوات المسلحة كمؤسسة تحمى الأمن القومى بجميع أبعاده فى المجتمع.. وهو ما يتحقق (عمليا) الآن، بقرار رئيس الجمهورية بحماية الجيش للمنشآت العامة.
وبالمناسبة السعيدة جلسة الحوار تلك مسجلة وتفريغها وأسطواناتها موجودة فى مكتب الإمام الأكبر وعندنا نسخ منها.