الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

احذروا وطنية المصريين!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شخصية يطلق عليها "السهل الممتنع"، عجينة تتشكل حسب البيئة والظروف المحيطة، شعب من الشعوب الأكثر تدينًا طبقًا لحضارته الفرعونية لإيمانه بعقيدة الخلود والحياة الآخرة ويوم الحساب، فكانت أول حضارة مدنية تسودها العدالة الاجتماعية حتى المظاهر الدينية لا تخلو من البهجة، فيحب التسامح ويكره القسوة والعنف، يمتاز بالصبر والتفاؤل والجمال، شعب مختلط ما بين فرعونيته وقبطيته وعروبته وإسلاميته وأفرنجيته وصعيده وسواحله وبره، برع في الطب والكيمياء وعلوم الفلك والتخطيط والهندسة، ولن أتناسى أبدًا في شخصيته حبه للترابط الأسري والأمومة والطفولة، الكثير من الوجوه المختلفة والمختلطة هي سمات للشخصية المصرية.
وأتساءل: هل إيجابية الشخصية المصرية تكمن في مناعتها ومقاومتها للسقوط أم في قدراتها ومقدراتها للنمو واستثمار البشر فيه؟
هي شخصية مركبة تجمع بين الرقي والشعبية تنحني لمن علمها، وتقف احترامًا للوحة تشكيلية، تشعر بجمال النهر وماء الترعة! تحتضن غير المصري وتتسامح مع الجميع، ولكنها لا تغفر أبدًا لمن يخطئ في حق مصر.. والمصري يعشق الجمال وهذا ما ظهر في البناء والعمارة المصرية رغم تشوهات أعمال المقاولات، إلا أن المصري يضيف للبناء نبض روحه، كما رأيناها في بناء الأهرامات منذ آلاف السنين وبناء السد العالي على عكس الأبنية الشاهقة في العالم المتحضر نجدها صماء بلا روح، قد يجد البعض هذا الوصف حالمًا وعاطفيًا لكنها الحقيقة وعادة نتساءل: لماذا نحب مصر كل هذا الحب على الرغم من الكم العظيم من سلبياتها؟.
قد تكون الجينات المصرية هي السبب الرئيسي في تحليل هذا المنطق لكنها الحقيقة التي نعيشها على الرغم من التلوث السمعي والبصري والصحي بكل المقاييس، فالمصري مزاجي الطبع لكنه وطني حتى النخاع وتهون عليه نفسه ولا يهون عليه الوطن.
ففي حرب أكتوبر 73 التف الشعب المصري حول جيشه ودعمه بقوة، واتبع سياسة اقتصاد الحرب "التقشف" التي كانت سببًا في دعم انتصارات أكتوبر وحقق الوحدة الوطنية بالإخلاص والصبر، ولا يشتكي في ظل ظروف الحرب الصعبة؛ بل ضرب مثالًا في النجاح والدعم لجيشه دفاعًا عن وطنه.. وأجمل ما حققته حرب أكتوبر73 الوحدة الوطنية المصرية، فالذي عبر القناة كان "أحمد وجرجس" تحت راية الوطن، وكانا ومعهما ملايين المصريين يهتفون "الله اكبر" ولم يفرق الرصاص الإسرائيلي بينهم واستشهدا معًا دفاعًا عن تراب الوطن، فلم يتوان أي فرد من أفراد المجتمع في دعم الوطن بداية من الطفل والمرأة ونهاية بالرجل، فقام الجميع بتخفيض الاستهلاك في الكهرباء والمواد التموينية واستجابوا لفكرة اقتصاد الحرب، محققين أجمل أنواع الانتصارات الوطنية بالإخلاص والصبر، فالاستقرار الداخلي بين أفراد الشعب زاد من وطنيتهم وكان سببًا في تحقيق انتصارات أكتوبر العظيمة بأبناء الجيش المصري المخلص.
لنقف ونعي معنى هذا الوصف الوطني بأن الشعب إذا فقد أمانه الداخلي وإذا ظل يرى دماء أبنائه تهدر على الطرقات داخل وطنه فلا يلومه أحد حين ينفجر بما لا يتوقعه أحد.. فنساء مصر اللواتي وقفن كالأشجار الشامخة ليحمين مصالح أبنائها تحت ظل هذا الوطن، ووقفن وقفة يعجز عنها الأبطال من الرجال لطرد الإخوان من الحياة المصرية، رافضين إرهابهم وعنفهم، فقد يأتي يوم تأكل فيه نساء مصر الأخضر واليابس انتقامًا لأبنائها الأبرياء وحفاظًا على ما تبقى منهم، حين ترى أبنائها يتساقطون يومًا بعد يوم في حضرة الإدارة والدولة المصرية، فقد شيدت المرأة المصرية أحلامها وآمالها على دولة مدنية حديثة تحقق لها ولأبنائها العزة والكرامة وسط الانهيار الاقتصادي والأخلاقي، كل هذا أمل فيمن يصون حياتها تحت ظل الدولة وجيشها، فلن أهمس بصوتي بل أرفع صوتي عاليًا وأقول "احذروا صبر المصريين وتسامحهم فلم تعد هناك قنابل موقوتة سوى ذلك الشعب الصابر على آلامه الموجعة، وعلى الدولة المصرية أن تعود للصدارة بتنفيذ قوانينها كدولة لها القوامة لتشفي صدور المصريين، وتُنفذ الأحكام المستحقة على مجرميها، وإلا أصبحنا في غابة يملأها الحقد والغل والانتقام، فلم يعد شيء أغلى من الأبناء والوطن".