الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الشعب هو أول من يتصدى عملياً للإرهابيين!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل هناك رئيس فى العالم يحلم بأكثر مما يمنحه الشعب المصرى الآن للرئيس السيسى؟ وهل هناك حكومة فى أى دولة تحظى بمثل مساندة الشعب المصرى لحكومة المهندس محلب؟ هل هناك أغلى من الروح يجود بها الشهداء وهم يدافعون عن تراب الوطن وعن أمن المواطنين؟ وهل هناك أفجع من حياة فلذات الأكباد يمكن أن تهبها الأمهات من أجل بلادهن؟ وهل هناك أسوأ من أن يغالب الآباء دموعهم وهم يلقون آخر نظرة على توابيت الأبناء؟ وبالتوازى مع كل هذا، وفى تفاصيل الحياة اليومية، هل هناك أكثر من تحمل مشقة الحياة من الجميع، فى مثل ارتفاع الأسعار، وانقطاع الكهرباء، واختفاء البوتاجاز، وصعوبة الحصول على العلاج والدواء، ومخاطر الذهاب إلى الجامعة على الأبناء، وأن يمرّ كل هذا دون ابتزاز للحكومة ودون العمل على إسقاطها؟
لقد خرجت الجماهير فى مظاهرات توديع الشهداء فى جريمة سيناء الأخيرة لا يهتفون ضد الحكومة التى لم توفر سبل الحماية لأبنائهم وهم فى أقدس المهام وأهمها، وإنما حدث فى بعض القرى أنهم زفوا الشهداء بالزغاريد إلى مراقدهم، وبالشعارات التى تساند الدولة فى حربها ضد الإرهاب، وبالهتاف ضد الإخوان، فإين يحدث هذا فى غير مصر على ظهر كوكبنا فى هذا الزمن؟
هذه أفضل أجواء وأوضح رخصة للرئيس وللحكومة لمواجة الإرهاب بحسم، وإن قيل إن القوة وحدها غير كافية، فإنها هى الأهم حالياً فى مواجهة كل من يرفع السلاح، لأن البنود الأخرى تؤتى ثمارها فى المستقبل مع الأجيال الجديدة التى لم تتلوث أفكارها بما لا يمكن علاجه إلا بالقوة الحاسمة.
هذه لحظة عطاء تاريخية شديدة الندرة فى حياة الشعوب، يدفع فيها المصريون من الأرواح والدماء ومن معاناة العوز وصعوبة الحياة، بعد أن ترسخ فى الوعى العام أنه لابد أن تُدفَع ضريبة باهظة فى سبيل تحقيق الأحلام، كما اتفقت أحلام الجميع على أن المستقبل واعد بتحقيق ما يجرى التخطيط لحرمان الشعب المصرى منه، ثم معايرته بعد ذلك على أنه لم يصل إليه.
وكل هذا مما ينبغى التوقف أمامه بجدية، لأن الشعب المصرى يُقدِّم فى هذه اللحظة التاريخية الأدلة المُفحِمة عن تضحيات هائلة من أجل أن تنجح الثورة، خاصة عند هؤلاء البسطاء الذى لا يدخلون فى التنظير وفى تحليل الأفكار المعقدة، كما أنهم لا يتابعون منتجات المنظرين، عن الثورة ونصف الثورة، وعن الدولة العميقة التى تناوئ الثورة من وراء ستار، وعن حقوق الإنسان التى يطالبون بها للقتلة والإرهابيين، فى الوقت الذى يطلبون فيه من الضحايا وذويهم توفير الأدلة الثبوتية على جرائم واضحة بذاتها! ولا يهم الجماهير الغفيرة هذه الأفكار التى لا يهتم أصحابها بتفسيرها لعموم الناس، لأن الموضوع لدى هؤلاء الناس من الوضوح الذى لا يحتاج إلى أكروبات فكرية، فلقد صدقوا، ببساطة، شعارات يناير وخرجوا ليتخلصوا من حكم أثبتت السنوات الممتدة أنه حائل حقيقى عن أن ينالوا حقهم فى العيش الكريم، ثم صبروا على الإخوان لعام كامل لعلهم يفون بوعودهم، فلما فشلوا خرج الناس مجدداً للإطاحة بهم، أيضاً من أجل العيش الكريم، وقد تجلت عظمة الخروج الثانى ضد حكم الإخوان فى مظاهر شتى كان منها هذه الشجاعة التى لم تكترث بكل التهديدات المخيفة التى أطلقتها ماكينات الإخوان شديدة الثراء واسعة المدى، وبكل الإرهاب الأسود الذى صبغ به الإخوان المشهد العام، بل كانت النتيجة على العكس، تحفيز الناس على التحدى وعلى الإصرار على مطالبهم التى تبدأ بالإطاحة بالإخوان ومحاكمتهم على جرائمهم.
ثم لبّى الشعب نداء السيسى من أجل التفويض فى 26 يوليو لمواجهة العنف الحالى والعنف المحتمل، بعد ثلاثة أسابيع فقط من الإطاحة بالإخوان، ثم اصطف الشعب، دون أن يكترث بتهديدات الإخوان المتجددة، فى طوابير الموافقة على التعديلات الدستورية فى يناير الماضى، ثم منح السيسى أكبر تأييد يمكن أن يناله مرشح للرئاسة، ثم تسابق فى تمويل مشروع تطوير قناة السويس وجمع 64 ملياراً من الجنيهات، منها 27 ملياراً تدخل النظام المصرفى لأول مرة، وذلك فى ثمانية أيام فقط، فى معجزة كانت مثار دهشة العالم، كما شكَّلت فى نفس الوقت فزعاً حقيقياً للإخون وحلفائهم فى الداخل والخارج، خاصة من بعض الكبار على الساحة العالمية الذين تعتمد مصالحهم الأساسية فى الإقليم على إبقاء مصر فى حالة التخلف الذى يوفر لهم حركة حرة من المحيط إلى الخليج، كما يحقق لإسرائيل أهم أهدافها الاستراتيجية بتعويق أكبر عدو وتعجيزه عن القدرة على المقاومة.
وزاد الشعب على كل هذا بالتصدى الفعلى باليد الخالية من السلاح لإرهاب الإخوان وحلفائهم الذين أدخلوا مصر فى دوّامة عنف غير مسبوقة عبر تاريخها الممتد، حتى نجحت الجماهير فى تطهير بعض الأحياء والقرى من أى نشاط تخريبى للإخوان!
وكان يُتوقَع مع كل هذا أن يقوم الإعلام بدور حيوى بتغطية هذه الجوانب المضيئة، على الأقل الإعلام المملوك للدولة والذى يُفتَرَض أن المصلحة العامة هى التى تحركه، ليس فقط لمجاملة أصحاب هذه المواقف وإنما من أجل إشاعة تلك الروح الإيجابية فى جميع الأوساط، ولشد أزر الخائفين من اختيار الحلم بدولة القانون وبالحكم المدنى، والطامحين فى حياة كريمة الذين يرون أن لهم ذات الحق الذى يحظى به مواطنو الدول المتقدمة، ولكن الكثير من نجوم الإعلام يكتفون بصورة مَن يبدو وكأنه يؤدى الواجب، فى حين أن الدور المهنى هو أبعد ما يكون عن الممارسة الفعلية، وليس دافع هؤلاء دائماً الانحياز إلى الثورة المضادة، برغم أن هناك بعضهم ممن ينتمى بشحمه ولحمه للثورة المضادة، وإنما لأن معظمهم ليسوا على المستوى المهنى المأمول، مما يجعلهم أحياناً يسيئون إلى الثورة فى حين أن نيتهم أن يفيدوها! انظر فقط إلى تمسك هذه الفئة بالتراتبية البروتوكولية فى عرض الأخبار بغض النظر عن أهميتها للجمهور، الرئيس أولا ثم رئيس الوزراء.. إلخ، حتى أن عبارة "توجيهات الرئيس"، التى لا يشرع أحد فى أى عمل إلا بناءً عليها، عادت للظهور مجدداً بعد اختفائها مع رحيل مبارك! وهم لا يعرفون أنهم يفيدون أعداء الثورة الذين بدأوا يهاجمون بتهمة عودة حكم الفرد، مستخدمين هذه المادة التى صارت متوافرة بكثرة!
وبعد انتهاء النشرة من أخبار صغار كبار المسئولين، تُعرَض باختصار الأخبارُ المهمة، التى منها بطولات الشعب وتضحياته فى تصديه لإرهاب الإخوان وحلفائهم.