الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إنهم يحرقون القطن.. أليس كذلك؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نفى الدكتور "عادل البلتاجى" وزير الزراعة خبراً منشوراً بصورة لفلاح يقف على حدود أرضه المزروعة بالقطن وقد أشعل النيران في المحصول.. مؤكدا أي البلتاجى استحالة أن يحرق فلاح "زرعته"، كان الخبر قد تم نشره فى الصحف ونفاه الوزير فى الصحف.
 ورد عليه مزارعون مؤكدون، أنهم بالفعل حرقوا المحصول، بعد أن صدموا بتدنى السعر المعروض لشرائه، وهو السعر الذى لا يتناسب على الإطلاق مع المال والجهد المبذولين في زراعته.. ناهيك عن تحقيق ربح عادل بعد كل هذا العناء، ولم ترحم الحكومة فقراء الفلاحين بل زادت نكباتهم برفع سعر السماد.
من يصدق أن يصل فلاح مصري لحرق "زرعته" إلا إذا كان قد وصل لآخر حالات اليأس، والوزير المسئول لا يكلف نفسه مشقة التفكير في تقديم حلول عملية تنقذ محصول بأهمية محصول القطن، وتقدم للفلاح رؤية عاجلة تضمن له سعراً يوازى الجهد والمال المبذولين في زراعته، وتقدم خططاً مستقبلية تعيد للقطن المصري مكانته، وهى مكانة عالية إن كان الوزير المختص لا يعلم، يكتفي بالنفي وأطلاق تبريرات من نوع "القطن المصري يواجه تحدياً يتمثل في انخفاض الأسعار العالمية للقطن قصير التيلة، وارتفاع إنتاجيته مقابل ارتفاع سعر القطن المصري طويل التيلة، وانخفاض إنتاجيته، وأن المصانع العالمية والمحلية استبدلت الآلات والمعدات التي تعتمد على القطن المصري بأخرى تعتمد على قصير التيلة.
ما أسهل التبريرات، وكأن مصر لم تعرف زراعة القطن إلا بالأمس، وكأن القطن المصري قد أصبح موضة قديمة، وسبق أن قالها أحد وزراء زراعة مبارك: "القطن أصبح كالطرابيش موضة قديمة"، فهل سنظل أسرى السياسات المدمرة التي حكمنا بها مبارك وحكوماته؟. سياسات القضاء على أعمدة استقلال مصر الاقتصادي في الصناعة والزراعة. ومتى سيتم التخطيط لمستقبل هذا البلد بوضع سياسات تهدف وتنحاز للتنمية بسواعد العمال والفلاحين والفقراء وطاقات الشعب المصري.
كفى ضغطاً على الشعب المصري، فبدونه لن تقوم لهذا البلد قائمة، ولن يحتمل أن تواصل سياسات الفساد والاستبداد حكمه وقد ثار عليها وعلى من صنعوها من مبارك إلى جماعة الإخوان، وقد يكون من الضروري التنبيه الدائم أن في هذا البلد خبراء في الزراعة والصناعة والتجارة وفى الاقتصاد عموماً، فمتى يستمع لهم رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية. توجد رؤى وحلول لمشكلات معروف أنها تراكمت طوال أربعة عقود، ويمكن حلها والخروج منها ، ليس من بينها بل مرفوض أن يكون من بين هذه الحلول رفع أسعار السماد وبخس سعر القطن المصر وقلة قيمته ولا إجبار الفلاح على حرقه وهو فوق أعواده، ولا المزايدة بقصة السعر العالمي وتوقف المصانع عن تصنيع القطن طويل التيلة، فلكل سلعة قيمتها ومستهلكها، وبالمناسبة تذكرت مشهداً فى فيلم أمريكى لا أذكر أسمه ، كان ضابط شرطة يلقى القبض على شاب، وأمسكه بعنف من قميصه فدفعه الشاب قائلاً: "ارفع يدك عن قميصى حتى لا تفسده فهو مصنوع من القطن المصرى وثمنه يساوى راتبك الشهرى".
لعل الحكومة تدرك أن الفلاحين لم يحرقوا القطن بل الحقيقة أن سياساتها ستجعلنا نستعير عنوان الفيلم الأمريكى "إنهم يقتلون الجياد.. أليس كذلك ؟" ونقول عن الحكومة "إنهم يحرقون القطن.. أليس كذلك"؟