الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

صرخات نساء بلا إيواء في حضرة القانون.. الأمهات: الطرد مصيرنا بعد انقضاء الحضانة.. والزوج يجمع مستندات للهروب من النفقة.. والتلاوي وبركة تطرحان الحلول

السفيرة مرفت التلاوي
السفيرة مرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"استوصوا بالنساء خيرًا".. كانت وصية الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم"، كان يعلم أن نساء أمته سيمتهن، وسيصبحن خارج حدود الاهتمام والتقدير، بعد تأدية أكمل الرسالات في تربية الأبناء، من بعده ظهرت أقلام وأصوات عدة تطالب بحقوق المرأة حتى بحت الحناجر، في ظل تجاهل مجتمع ذكوري لازال لا يعترف بأحقية الأم المعيلة في الحياة الكريمة، وهي التي ضربت أروع الأمثلة في إنكار الذات والتفاني في تحمل المسئولية، وحمل الأمانة بتولي دور الأب والأم معًا، بعد انتهاء الحياة الزوجية طوعًا أو انقضائها بوفاة الزوج، لتصطدم بقوانين مجحفة تتقاعس عن حقوقها وتخذلها وتجعلها حافية القدمين تلهث بالمحاكم بحثًا عن نفقة تؤمنها الخطيئة، وتجنبها نظرة الجرم واللوم من أناس اعتبروا الطلاق جريمة، مجتمع يدفعها للجرم ويرجمها حين الوقوع فيه، ورغم كل الصعاب ووقوفها كالجبل وما أن تنقضى فترة الحضانة، إلا وتفاجأ الأم بأنها ملقاة على الأرصفة مطالبة برد المسكن للزوج، لتصدمها القوانين والحياة بكلمتها الأخيرة "انتهى دورك"، شعور ما أقصاه وجزاء ما أبشعه لرد الجميل، وهو ما دفعنا إلى مناقشة أحزان وهموم الأم المعيلة، لعلنا نمسح دمعة ساخنة من عينيها.
تحكى سلوى مصطفى، التي تبلغ من العمر 42 عامًا، وتعمل مدرسة لغة عربية بإحدى المدارس الحكومية، وهى من فئة النساء المطلقات، عن معاناتها مع جفاء القوانين المنظمة والمعدة في البت للنزاعات الزوجية والأسرية، وتقول: انفصلت عن زوجى منذ 18 عامًا، وأخذت ابنتى في حضانتي بعد أن مكنني القانون من الجلوس في شقة الزوجية المؤجرة، ظللت عاكفة على تربية صغيرتي ورفضت كل عروض الزواج رغم أنى كنت في ريعان الشباب، وتحديت كل أسرتي لأتفرغ لتربية ابنتي، وما أن كبرت البنت حتى بدأ والدها في مراوغتها بالمال ليأخذها مني ويزوجها لأبن أخيه، وبالفعل انساقت البنت وراء الإغراءات، وصدمتنى بقولها "معلش ياماما أنا فكرت وهاروح أعيش مع بابا ودي مصلحتي"، حينها شعرت أن زلزالا عصف بأركاني وما كان لي أن أقف أمام رغبتها، بعدها ببضعة أشهر، فوجئت بأن زوجي رفع دعوي قضائية لاسترداد الشقة، زعما بأنه يريدها لزواج ابنه وأنها لم تعد من حقها بعد انقضاء سن الحضانة.

أما هويدا، 32 سنة، مطلقة منذ 3 سنوات، ولديها طفلين في المرحلة الابتدائية، أكلت المحاكم قدميها من اللهاث خلف النفقة التي يرفض الزوج دفعها للأطفال، فتقول "زوجي جمع كل مستندات الأرض ليثبت أنه معاق وأنه بلا عمل وأنه لا يقوي على الانفاق، للهروب من النفقة، وأنا أعاني المرار منذ ثلاث سنوات مع القوانين والجلسات والتأجيلات التي لا تراعي ربًا ولا دينًا".
وتساءلت أم هاجر البائعة المتجولة، التي تفترش أرصفة محطة المترو، قائلة: "حقوق إيه اللى بتتكلمي عنها، أنا مطلقة من 14 سنة، بعد القبض على زوجي في قضية مخدرات، وبعد ما خلصت منه وحمدت ربنا وقولت هربي ولادي وأعلمهم بعيد عن سكره وطولة لسانه علينا، لقيت نفسي في الشارع أنا وكوم لحم، لاحكومة نفعتني ولا أهل ولا جيران، ولا الدنيا ساعدتني، أحقق حلمي أني أشوف أولادي متعلمين، وهم خرجوا من التعليم وبيسرحوا معايا على الفرشه دلوقتي"، متابعة بحسرة ودموع "حقوق ايه يا أبلة قولي بس لشرطة المترو تسيب الفرشة ويسيبونا في حالنا، الله الغني عن حقوقهم".


وهنا كان لابد أن نستمع إلى رأي أحد المهتمات بقضايا المرأة وهي، السفيرة مرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة، والتي أشارت إلى أن دعاوي النفقات تحتل المركز الأول في دعاوي الأحوال الشخصية، وذلك من واقع احصائيات وزارة العدل، وتمثل نسبة 80% من مجموع الدعاوي التي بلغت 368296، أما دعاوي الضم والحضانة جاءت بنسبة 5%، من جملة الدعاوي، أما طلبات الرؤيا فقد وصلت إلى نسبة 4.8%،من جملة طلبات الدعاوي، مما يعني أن هناك كما هائلا من المعاناة الحقيقية تتحملها الأم لتدبير احتياجات ونفقات أبنائها، أمام تعنت الآباء وتقصيرهم في أداء واجباتهم الشرعية من نفقة وخلافة.
وعن دور "القومى للمرأة"، وهو المنوط به دراسة أهم القضايا التي تخص المرأة، أكدت تلاوي أن المجلس يسعي لحصول المرأة على كل حقوقها التي كفلها لها الإسلام الذي كرمها ومنحها من الحقوق مالم تمنحه إياها أعظم القوانين والدساتير الوضعية، في أرقي الدول المتقدمة، مضيفة أن المجلس يتولي دراسة ما تم رصده من شكاوى الأحوال الشخصية التي وردت إليه، وأنه بصدد الانتهاء من ما يستلزم من تشريعات جديدة، يكون من شأنها تغيير مسار الإجراءات الروتينية، والتي من أهمها طول فترة التقاضي في دعاوي النفقات ومسكن الزوجية في فترة الحضانة أو بعد انتهائها، وكذلك تكرار دعاوي الحبس لعدم سداد النفقة ومشاكل سدادها من صندوق تأمين الأسرة ببنك ناصر الاجتماعي، وأن المجلس سيقدم مقترحات للصندوق لتيسير صرف النفقة كاملة للأم والأولاد من الصندوق مادام هناك وفر.

بينما أعلنت الكاتبة الصحفية إقبال بركة، أن القوانين المصرية قوانين مجحفة وقاسية، لا تساعد المرأة المعيلة على الحياة بشرف وكرامة، وعندما تخطئ الأم رغمًا عنها وتنحرف من أجل أن تحمي أبنائها من الجوع والفقر، ينهال عليها المجتمع بالسباب واللعنات والتكفير والرجم، في حين أن دول العالم "الكافر" تراعي المرأة وتكرمها وتجعلها فوق الرءوس، بينما نحن الإسلاميون الذين نتشدق بقال الله وقال الرسول، نمتهن المرأة أشد امتهان، خاصة المرأة المطلقة، وكأنها ارتكبت جريمة لا تغتفر بطلاقها رغم أنها ربما كانت تعيش حياة من الجحيم مع زوج مستهتر.

فيما طالبت عزة كامل الناشطة الحقوقية، بتغيير بعض القوانين وسرعة الفصل في القضايا الخاصة بالمنازعات الأسرية، وأن هذا كله لن يتأتي إلا مع حياة برلمانية يكون فيها تمثيل محترم للمرأة لأنها الأقدر في الحديث عن مشاكلها وهمومها، كما أكدت أهمية تعديل التشريعات الخاصة بالمسكن والنفقة والمعاش للمرأة المعيلة، بما يتناسب مع متطلبات الحياة، لضمان حياة كريمة لها، حتى يخرج الأطفال لأجواء نفسية سليمة تفرز فيما بعد شباب وبنات أسوياء.
ومن المعروف أن آخر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، جاءت لتعلن أن حالات الزواج لعام 2011، وصلت إلى 898 ألف حالة، وارتفعت عام 2012 لتصل 922 حالة، بينما بلغت حالات الطلاق بالإرادة المنفردة أمام المأذون لعام 2011، 152 ألف حالة، وارتفعت عام 2012 لـ 155 ألف حالة، بينما بلغت حالات التطليق عن طريق المحاكم، لتبلغ 22.572 ألف حالة بنسبة 15%، من عدد حالات الطلاق أمام المأذون، أما الخلع فجاء بنحو 3335 حالة بنسبة 2% فقط، وهذا يعنى أن نسبة الطلاق لنسبة الزواج تعادل 17% سنويًا، أما عدد الأسر المصرية التي وقعت في مشاكل الطلاق، فبلغت 19 مليون أسرة.