الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الجامعات بين الأمن والسياسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فقد الإخوان تعاطف الشارع والشعب واقتصرت مظاهراتهم على مؤيدى تحالف دعم الشرعية، وهم قلة على أية حال، وهكذا أصبحت الجامعات المصرية هى الساحة التى تتركز فيها فعاليات هذه الجماعة، خاصة أن الجامعات تشمل قطاعًا كبيرًا من شباب مصر، تتمثل خطة الإخوان ومؤيديهم فى اتخاذ الجامعات بؤرة ارتكاز لجذب الساخطين والغاضبين من مؤيدى ثورة 30 يونيو والذين يشعرون بمرور الوقت أن مسار 30 يونيو يبتعد عن أحلامهم فى الديمقراطية والتعددية وضمان حريات التعبير.
تعول هذه الخطة على اتساع نطاق المظاهرات والشغب على نحو يهدد استقرار النظام والعمل فى الجامعات وأن تكون الجامعات نقطة انطلاق وإظهار عجز نظام ما بعد 30 يونيو على السيطرة.
فى مواجهة هذه الخطة الشيطانية لم تفلح الحكومة والسلطة التنفيذية فى بلورة خطة مضادة لإفشال خطة الإخوان وتفويت الفرصة عليهم، وذلك لأن الخطة الحكومية ارتكزت بشكل أساسى على الشق الأمنى المتمثل فى تلك الإجراءات والترتيبات الأمنية، مراقبة البوابات، عمل بوابات إلكترونية، الاستعانة بشركات خاصة للأمن واعتمدت أساليب الفصل والاستبعاد.
لم تميز خطة الحكومة بين طلاب الإخوان الذين يحرضون على العنف وبين تلك الكتلة الطلابية الكبيرة التى تتطلع لممارسة حق التعبير السلمى عن الرأى وممارسة النشاط السياسى السلمى فى إطار اللوائح والنظم المعمول بها فى الجامعات، ولم تأخذ هذه الخطة الحكومية بعين الاعتبار الدور السياسى المشروع والتاريخى الذى قامت به الحركة الطلابية على مدار التاريخ فى مصر، وكانت أحد الروافد الأساسية للحركة الوطنية المصرية، ولن يكون بمقدور الحكومة ضبط الأوضاع بالجامعات دون إعادة النظر فى الإجراءات والترتيبات الأمنية وفتح أفق سياسى للتعامل مع هذه الأوضاع كما لن يكون فى مقدورها مصادرة حق الطلاب فى التعبير السلمى والحضور كطرف فاعل فى العملية السياسية، وذلك استنادًا إلى أن مختلف الحكومات المتعاقبة فى تاريخ مصر لم تستطع كسر إرادة الطلاب ومصادرة حقوقهم السياسية.
ينبغى فى هذا الإطار التمييز بين العنف والتخريب الذى تقوم به جماعات محدودة ذات انتماء إخوانى وبين حق التعبير السلمى والتواصل مع الدور التاريخى للحركة الطلابية المصرية وهو مطلب الكتلة الكبيرة من الطلاب، العنف والتخريب ليس حقًا على أى نحو بل هو جريمة يعاقب عليها القانون والنظام واللوائح، أما حق التعبير السلمى عن الرأى فهو حق يكفله الدستور والقانون وينبغى حمايته ودعمه.
وذلك يتطلب إطلاق فعاليات جديدة للحوار بين الطلاب والجامعة والأساتذة من خلال الندوات والمؤتمرات حوار يتطرق لمشكلات الطلاب ودورهم والإنصات لمطالبهم المشروعة فى الإفراج عن زملائهم الذين لم يتورطوا فى أعمال العنف والشغب والتخريب، وأن تشارك هذه الأطراف مجتمعة الإدارة والطلاب وأعضاء هيئة التدريس فى وضع خريطة طريق للخروج من الوضع الراهن يتحدد فيها طبيعة الدور السياسى للطلاب وممارسة حقوقهم فى التعبير السلمى وحماية حقوق الاختلاف فى الرؤى والتصورات بما لا يضر بنظام التعليم الجامعى ولا المنشآت التعليمية أو تعطيلها، وتتحدد فى هذه الخريطة ضمانات سير العملية التعليمية والمعرفية وعملية المشاركة السياسية للطلاب فى إطار الدستور والقانون.
إن الاقتصار على الشق الأمنى فى معالجة الوضع بالجامعات يخلق تداعيات لا حدود لها ويسمح بإنجاح خطة الإخوان المشار إليها ويدفع بقطاعات من الطلاب للالتحاق بهم من ناحية أخرى فإنه لا يمكن تحميل الأمن حل ومعالجة المشكلات السياسية وإذا ما استمر ذلك فإن الفشل متوقع للأمن والسياسة معًا.
المطلوب منظور جديد لعودة السياسة للجامعة على النحو الذى لا يتعارض مع الدستور والقانون ولا يبيح التخريب والعنف، وهذا المنظور ينبغى أن يشارك فيه أطراف العملية دون إقصاء أى الحكومة والسلطة التنفيذية والطلاب وهيئات التدريس.