الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الصهيونية ويهود العالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصهيونية تيار فكرى يسري عليه ما يسري على غيره من التيارات الفكرية، وأن الإسرائيلية جنسية يسري عليها ما يسري على سواها من مفاهيم تتصل بالتشريع والقانون.
وقد يظن البعض أن الحديث عن يهودي غير صهيوني إنما هو من قبيل المماحكة اللفظية ليس إلا، أو لعله من قبيل اصطياد استثناءات فردية متناثرة لا دلالة لها، وقد يتصور البعض أن اليهود جميعا قد قابلوا الصهيونية بالترحاب منذ بدايتها وحتى اليوم بصرف النظر عن انتمائهم للمنظمة الصهيونية العالمية.
والحقيقة- تاريخيا- أن ثمة معاداة يهودية للصهيونية بدأت مع بداية الصهيونية ذاتها. ويكفى أن نشير فى هذا المقام إلى البيان الصادر عن هيئة الحاخامات الألمان احتجاجا على دعوة هرتزل لعقد المؤتمر الصهيونى الأول: يقول هذا البيان "إن الدعوة إلى عقد مؤتمر صهيونى، وإذاعة جدول أعمال هذا المؤتمر أدت إلى بث تصورات خاطئة ومضللة عن مضمون التعاليم اليهودية، وحول الأمانى والتطلعات التى تجيش فى نفوس معتنقيها، وهذا ما يرغم الهيئة الموقعة أدناه على إصدار البيان التوضيحي التالي:
أولاً:
إن مساعي الذين يسمون أنفسهم بالصهيونيون ، وهى المساعي الرامية إلى تأسيس دولة قومية يهودية فى فلسطين، تتنافي مع العقائد المتعلقة بانتظار مجئ المسيح فى اليهودية، وكما توجد هذه العقائد والتعاليم فى الكتاب المقدس، وفي المصادر المتأخرة للديانة اليهودية.
ثانيا:
إن اليهودية تلزم معتنقيها بالعمل في خدمة الوطن الذى ينتمون إليه بكل إخلاص وتفان، والدفاع عن مصالحه القومية من صميم القلب وبجميع الطاقات والإمكانيات
ويختتم البيان بالدعوة إلى الابتعاد عن المحاولات والمساعى الصهيونية الوارد ذكرها أعلاه ، وبنوع خاص الابتعاد كليا عن المؤتمر الصهيونى الذى يصرون على عقده رغم كل التحذيرات والتنبيهات التي أطلقت ضد الفكرة والدعوة.
لقد كانت تلك هى البداية، ومنذ ذلك الحين وحتى الأن ظل ثمة رفض يهودى للصهيونية، قد يتفاوت تأثيره من حين لآخر ، وقد تتباين منطلقاته النظرية. ولكنه ظل قائما دوما، إلى الحد الذى لا يستطيع معه غلاة الصهيونية إنكار وجوده، وإن لم يكفوا عن إدانته بشراسة.
إن صهيونيا مثل يسرائيل جولد شتاين يسلم بوجود يهود غير صهاينة إذ يقول محذرًا فى خطابه فى المؤتمر الصهيونى السابع والعشرين" من المحتمل أن يهاجر إلى إسرائيل يهود غير صهيونيين لأسباب مختلفة ....". وتقول الصهيونية الاسترالية هانا كسلر في خطابها فى هذا المؤتمر "إن كلمة صهيوني .. أصبحت الأن كلمة مستنكرة لدى أوساط كثيرة فى إسرائيل وفى المنفى..."
وعلى أى حال فإننا نستطيع أن نميز فى إطار المعاداة اليهودية للصهيونية بين تيارات أربعة :
1 - الرفض الأورثوذكسي:
ويرى أصحاب هذا التيار أن "عودة اليهود" من الشتات إلى "أرض الميعاد" لايمكن أن تتم إلا بمعجزة إلهية. وبالتالى فإن الحركة الصهيونية بمحاولتها اتخاذ خطوات عملية لإقامة وطن قومى يهودى، إنما تتدخل فى أخص خصوصيات الإرادة الإلهية، أى إنها نوع من التجديف والهرطقة. وتتجسد بقايا هذا الاتجاه فى جماعة الناطوراه كارتا التى سوف يرد ذكرها فيما بعد
2 - الرفض العلماني الاندماجي:
ويرى أصحاب هذا التيار أن اليهود ليسوا قومية وأنه ليس ثمة تاريخ يهودي وبالتالي فإن حل المسألة اليهودية أو مشكلات اليهود كأقليات قومية لن يتأتى إلا عن طريق دمج أو اندماج تلك الأقليات اليهودية فى مجتمعاتها الأصلية. ويتمثل هذا الاتجاه فى " المجلس الأمريكى اليهودي" . وهو تنظيم يهودى معاد للصهيونية تأسس عام 1943 بهدف تشجيع اليهود فى الولايات المتحدة الأمريكية على الاندماج، وقد هاجم المجلس اتجاه إقامة الدولة الصهيونية سواء فى فلسطين أو فى غيرها، واعتبره اتجاهاً عنصرياً ضاراً بمصالح اليهود أنفسهم. واعتبر أن فلسطين بلد من يعيشون فيها وليست بلد كل يهود العالم. وقد بلغت عضوية المجلس فى مطلع الستينيات حوالي خمسة عشر ألفا من اليهود الأمريكيين.
3 - الرفض القومي الدياسبوري:
ويرى أصحاب هذا التيار أن اليهود يشكلون أقلية قومية. ولكنها أقلية تكونت من الدياسبورا- أى المهجر- ولذلك فإن حل المسألة اليهودية يكون من خلال تقبل هذه الحقيقة الأساسية والتعايش معها.
إن مجموع الذين تم تسجيلهم في عضوية المنظمة الصهيونية العالمية، و هم من يمكن أن نطلق عليهم تعبير كوادر الحركة الصهيونية- لا يتجاوزون نسبة صغيرة من مجموع يهود العالم، وإذا ما نظرنا إلي كل يهود إسرائيل، وهم حوالي أربعة ملايين، باعتبارهم صهاينة رغم ما في ذلك من تجاوز، لظلت الحقيقة قائمة: إن غالبية يهود العالم البالغ عددهم حوالي 13 مليونًا ليسوا صهاينة، وفقا لتعريف الصهاينة للصهيونية.