الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

في مدينة الخليل.. قطف الزيتون بين مطرقة حجارة المستوطنين وسندان "حشرة السوس"

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
موسم الزيتون في مدينة (الخليل) بالضفة الغربية هذا العام يقع بين مطرقة الاعتداءات المستمرة من المستوطنين الإسرائيليين لحرق أشجار الزيتون وسط اعتقادهم بأنها أشجارهم، وسندان حشرة السوس التي تهاجم الثمرة لأول مرة والتي ظهرت بسبب موجة الثلج التي ضربت البلاد في الشتاء الماضي، الأمر الذي بدا جليا على وجه المزارع رائد أبو مرخية أثناء قيامه بقطف الثمار والذي تظهر عليه علامات الحزن والأسى لتراجع إنتاج المحصول عن العام الماضي.

وفي الوقت الذي يقف فيه جندي إسرائيلي على بعد خطوات منه على الحدود الفاصلة بين مبنى قديم اتخذته مجموعة شباب فلسطينيين تسمى "شباب ضد الاستيطان" مقرا لهم والمنطقة الخاضعة للسيادة الإسرائيلية، أكد أبو مرخية أنه يتعرض سنويا لمشاكل مع قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.
وقال المزارع الفلسطيني، الذي تتكون أسرته من سبعة أفراد " إن المستوطنين يلقون الحجارة علينا أثناء قيامنا بقطف الزيتون وأحيانا يتعدون على من يقع في أيديهم بالضرب، ثم يعتقلوه".

وعلى الرغم مما يتعرض له المزارع وأسرته، إلا أنه يؤكد أنهم مرابطون وسيمكثون في أماكنهم..قائلا " إن هذا زيتوننا بيدنا نلقطه غصبا عنهم؛ لأننا ورثنا الأشجار أبا عن جد".

وأكد المزارع البسيط أن المستوطنين في المنطقة يحاولون مرارا وتكرارا منعهم من قطف الزيتون من على الشجر بحجة أن الشجر يعود إليهم ونظر المزارع إلى الأشجار وهو يقول "سنظل نحافظ عليها طول ما فينا نفس".
ويعد موسم قطف الزيتون من أهم المواسم لدى الفلسطينيين ويبدأ في مطلع شهر أكتوبر من كل عام ويستمر لمدة 25 يوما في كل مدن الضفة الغربية.

ولأهمية هذا الموسم، كانت الحكومة الفلسطينية قد أعلنت أجازة لمدة يوم واحد لكافة القطاعات لإعطاء فرصة لأفراد الأسرة أن يتشاركوا في قطف محصول الزيتون والانتهاء منه في الوقت المحدد.
وألمح المزارع الفلسطيني أن محصول هذا العام يكفي احتياجاته الشخصية حيث تنتج أشجاره من 2 إلى 3 تنكات من الزيت والتي تصل إلى 18 لترا تكفي عائلة واحدة فلسطينية مكونة من أربعة أو خمسة أفراد طوال العام، ويباع اليتر الواحد بـ 35 شيكلا وذلك حسب المنطقة التي ينتج منها.

وبعد قطف ثمار الزيتون وفرزها لمدة يومين، يتم نقل الثمرة السوداء من المحصول إلى المعصرة ليتم عصرها والثمرة الخضراء تعد للكبس (أي التخليل) ويتم ذلك خلال 15 يوما فقط.

ويعمل نحو خمسة أو ستة أشخاص مع أبو مرخية منذ الصباح الباكر (السادسة صباحا) حتى غروب الشمس في الأرض وتتراوح فترة قطف المحصول من أسبوع حتى عشرة أيام، ويبدأ في قطف المحصول بعد أن تسمح لهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بذلك.

ويستخدم أبو مرخية، الوسيلة التقليدية في قطف المحصول من على الأشجار من خلال الصعود على سلالم وقطف الثمار بأنفسهم باستخدام أدوات بدائية جدا حيث لا يوجد جرار يستطيع الدخول إلى الأرض لحصد الثمار، ووضع مفرش من البلاستيك أسفل الأشجار لإسقاط الثمرات عليه، ومن ثم يتم فرزها وتعبئتها في أجولة لتنقل إلى المعصرة بعد ذلك، وتتراوح كمية المحصول حسب الموسم، حيث يمكن أن تصل إلى 200 أو 300 كيلوجرام.

وأكد أبو مرخية، أنه لأول مرة يتم إصابة المحصول بحشرة السوس..مرجعا ذلك إلى موجة الثلج التي ضربت البلاد في الشتاء الماضي، وتطرح الأشجار مرة أخرى بعد مرور عام على قطف المحصول في نفس الشهر من كل عام.
وتوجد أنواع مختلفة من الزيتون منها الروماني والفلسطيني والشمالي ويعتمد المزارعون في هذه المنطقة على مياه الأمطار لري الأشجار لأن المنطقة جبلية وتربتها مختلطة (حمراء ورملية وبيضاء).

وقال أبو مرخية إن بلدة (تل الرميدة) تتمتع بأفضل ثمرة زيتون وينتج عنه أفضل أنواع الزيوت، وفي ظل الظروف التي يعيش فيها أهل البلدة، قررت مجموعة الشباب يطلقون على أنفسهم اسم "شباب ضد الاستيطان"، مساعدة المزارعين ومسانداتهم في مواجهة اعتداء المستوطنين على أراضيهم من خلال قيامهم بدوريات ليلية للسهر على حماية الأشجار ورعايتها من المعتدين اليهود، كما يقومون أيضا بمساعداتهم في قطف المحصول.

وتكون ثمرات الزيتون على الأشجار لونها أخضر وتتحول إلى اللون الأسود في حال عدم قطفها في بداية الموسم، وفي العام الماضي ومع حلول موسم القطف الزيتون، قام المستوطنون بحرق بعض الأشجار ومن المعروف أنه عند قص أغصان الشجر أو حرقه لا تطرح مجددا.
وقال المزارع الفلسطيني أبو مرخية" حاولنا زرع شتلات جديدة، إلا أن المستوطنين أزالوها، لكن يأتي متطوعون لمساعداتنا في قطف المحصول، واستعنت بثلاثة منهم فقط وأرسلت اثنين إلى أحد جيراني لمساعدته هو أيضا في قطف محصوله"، ويتقاسم مالك الأرض المحصول مع المستأجر عقب الانتهاء من موسم القطف.

من جانبه، قال محمد أقنيبي "أبو عماد" (61 عاما) صاحب أرض تصل مساحتها إلى 5ر3 دونم" إن مشاكلي مع المستوطنين كثيرة وكبيرة وتتلخص في أن الأرض قريبة من المستوطنة، يتسللون إلى الأرض ليلا ويسرقون الثمار من على الأشجار".

وزرع أبو عماد، ذو الوجه المتعب المليء بتجاعيد حفرت خطوط الزمن وتشابكت كالأرض العطشة ولونه الأسمر الناجم عن آشعة الشمس الحارقة، من 50 إلى 60 شتلة جديدة في أرضه، إلا أن المستوطنين قاموا أيضا بإزالتها ويصل ثمن الشتلة الواحدة من 15 إلى 20 شيكلا، وتحتاج إلى 3 أو 4 سنوات لتكبر ومن ثم تبدأ في طرح ثمرات زيتون جديدة.

وقد صرحت قوات الاحتلال الإسرائيلي لأبو عماد بوضع أسلاك من الشبك حول أرضه لحمايتها، إلا أن المستوطنين قاموا بقصها وتخريبها عمدا.. فضلا عن حرق أشجار الزيتون الروماني النوع والذي يتجاوز عمره 1500 عام.
ولفت إلى أن المستوطنين يقومون خلال عيد (الشعلة) والذي يقام في شهر يونيو من كل عام، إحياء لذكرى ثورة الشعب اليهودي في أرض إسرائيل ضد الروم، بإشعال شعلات تقليدية داخل أرضه.

وقال أبو عماد الذي تتكون أسرته من 13 فردا (بنات وأولاد) " لقد قاضيتهم أمام المحاكم لمدة خمس سنوات متواصلة من أجل وضع سياج حول الأرض، وبعد حصولي على الموافقة ووضع الشباك، يقومون بقطعه"، وأخرج من جيبه خريطة توضح مساحة أرضه وحدودها..موضحا كيف يريدون إقامة طريق جديد داخل أرضه لتوصيل المستوطنات ببعضها والاستيلاء على الأرض.
وأكد الحاج أبو عماد، الذي يقطن في البلدة القديمة في مدينة (الخليل) عند الحرم الإبراهيمي " نحن صامدون في مكاننا مثل صخور فلسطين، والصراع مستمر مع المستوطنين، وهم من "عصابة تدفيع الثمن للفلسطينيين".

وأوصى أبو عماد الذي يمتلك صك ملكية عثماني يعود عمره إلى 400 عام مكتوب على الجلد، أفراد أسرته بأن يرعوا الأرض؛ لأنها وصية من الجد للأب وللولد قائلا " إنها أرضنا وأرض آبائنا وأجدادنا وعرضنا".

وتابع قائلا " إن هذه الأشجار تمثل وجودي في هذه البلاد؛ لأنه إذا اقتلعت هذه الشجرة اقتلع الفلسطيني من هذه الأرض، وأستفيد من هذه الأشجار بالزيت والزيتون لأسرتي، وهما عنصران أساسيان لكل منزل فلسطيني".