الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صيحات التجديد الديني ( 41 )

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ونمضى قدمًا فى حديقة التجديد التى دعا لها وبجسارة أمين الخولى فقد اتخذ من كتابين تراثيين قاربًا جدف فيه بمهارة ليقتاده نحو ضرورة التجديد وتحديد مفهومه . فنقرأ معه "ومنذ القرن الثالث الهجرى اعتبر التجديد مهمة نبيلة وضرورية ونال المجددون احترامًا وتوقيراً مبالغاً فيه" بل إن التجديد ليبلغ من الأهمية إلى حد أن يرفعوه فى بعضهم إلى مرتبة النبوة وتسمع هذا التعبير من بعض العلماء الأكابر إذ يقول "لو كان بعد النبى [صلعم] نبى لكان الغزالى ، الذى يثبت حصول معجزاته ببعض مصنفاته . وهم يقولون كما يقول السيوطى فى آخر كتاب التنبئة "فى هذه الأمة فى كل مائة سنة تموت الحكماء ، ثم يبعث الله عددًا من الأنبياء الحكماء فيردون الخلق الى الله ، وهم بمثابة أنبياء الزمان." واعتبار المجددين أنبياء حينا وبمثابة الأنبياء حينا يؤيد جلال مهمتهم وأنها إصلاح عام" و "التجديد حركة مستمرة ، وقد يوجد فى أثناء القرن من هو أفعل أثرًا وأكثر صلاحية من المعدود على رأس القرن والمقصود هو أن يكون التجديد حركة متصلة ثابتة ومتكررة" ويقول "ومن هنا كان عمل المناضل عن أصول الدين الاعتقادية ، وعن أصول الأحكام العملية عملا لا يخلو من التطرف لأن مهمته هى معاونة هذين الجانبين من العلم والعمل الدينى على التقدم ومتابعة مسيرة الحياة بخطى واسعة لم يصلح شيء من هذين الجانبين الدينيين للبقاء إلا بها" ونلاحظ وربما بدهشة أنه يلح على تجديد "أصول الدين الاعتقادية" [صـ38] . ونقرأ له فى مقال نشره فى مجلة الرسالة عنوانه "التجديد فى الدين" "إن ثمة حاجة ملحة وواضحة الى تجديد الدين كى يتحقق استمرار حيوية الإسلام وصلاحيته فى كل زمان ومكان" [الرسالة – مقال أمين الخولى – التجديد فى الدين – فبراير 1933] ثم يتحدث عن "تطوير العقائد" قائلاً "ما أشك فى أن وجوها تتجهم لهذا العنوان تحسب أن العقيدة من الثبات والرسوخ بما يبلغ حد الوقوف أو قل الجمود . فلقد جرى الخلاف حول صفات الله وما يثبت منها وكيف يثبت ، وقد جرى الخلاف حول صفة الكلام ، وما امتد إليه الاختلاف على القرآن بما هو كلام الله تعالى وكانت محنة القول بخلق القرآن" [صـ56] "لقد حق علينا أن نحرر العقيدة الإسلامية اليوم تحريرًا يحمى إيمانها بالعلم" [صـ58] ثم يقتادنا الشيخ أمين الخولى وفى يسر ودون ضجيج الى عنوان آخر وهو "تطور العبادات" فيقول "بضرورة التطور وفق ما تحتاجه الحياة بواقعها المتحكم". ويتساءل عن الرأى "فى انتشار وسائل التلقى للإذاعة من جهاز صغير فى حجم علبة الكبريت تذاع منه الصلوات الجامعة من جمعة وعيد ، فماذا يكون حكم الاقتداء بها بواسطة هذه الاجهزة ، وفيها واسطة حاضرة مشهودة كالتليفزيون يرى فيه المشاهد من حال الامام وحركاته ويسمع من صوته ووعظه ما لا يستطيع أن يراه بكل صعوبة فى مسجد حيه المزدحم" ثم "ويحتاج الأمر للتطور العبادى فيما جد من وسائل الحركة والتنقل كالطائرات مثلاً ، فهل تظل تأخذ حكمها من الصلاة على الدابة أو الصلاة فى السفينة ؟ أم أن الأمر يحتاج إلى مرونة متطورة مع تطور صور الحياة وحقائقها ؟ ثم هذا الصيام ورياضة الناس عليه والتزمت من رخصة الله فيه .. فهل يحتاج الأمر إلى نظر متطور يتسع افقه لإدراك ما فى الصوم من آثار خلقية واجتماعية عملية أهم وأجدى من مجرد الجوع ؟ . ثم هو يتساءل عن حكم الزواج عبر الانترنت إذا تحقق الإيجاب والقبول والشهود وكذلك حكم الطلاق عبر الانترنت ؟ . ويعود أستاذنا أمين الخولى إلى أسرار العقل وضرورة استخدامه مذكرًا إيانا أن الشافعى كان يؤكد على تلاميذه "إذا ذكرت لكم ما لم تقبله عقولكم فلا تقبلوه فإن العقل مضطر لقبول الحق" [صـ97] . ويؤكد الشيخ الخولى إن كل المجتهدين على صواب وفقًا لقول الاشعرى "كل مجتهد مصيب وكلهم على حق فهم لم يختلفوا فى الأصول وإنما اختلفوا فى الفروع فأدى اجتهاد كل منهم إلى شيء فهو مصيب وله الأجر والثواب" ثم هو يعود ليؤكد على عبادة رآها بالغة الأهمية ونراها معه كذلك فقد استدعى ساعة وفاته أحد تلاميذه وهو السرخسى فقال له "أشهد إنى لا أكفر أحدًا من أهل القبلة ، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد ، وإنما هذا كله اختلاف فى العبارات" .. ويمضى الشيخ الإمام المفكر المجتهد أمين الخولى تاركًا لنا تراثًا عقلانيًا لم نزل بحاجه الى دراسته والاهتمام بتدريسه لعل بعضًا من الظلامية المتحجرة الفكر تنزاح عن بعض العقول .