السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

(من النور إلى الظلمات)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حزب النور السلفي المتردد، صاحب الرؤيا الضبابية، أطلق ما يسمى (المصالحة الوطنية)، ورشح الأزهر الشريف بأن يكون هو قائد هذه المصالحة.
وقد قلنا في مقالة سابقة “,”لا تصالح“,”، وذكرنا أسبابها، منها: لا تصالح مع جماعة تكفّر الشعب وتستبيح دماءه وعرضه، وتستبيح الكذب عليه وخداعه، وتعتبر الوصول للحكم أن الله فتح عليهم دولة مصر فهي غنيمة للغانمين يفعلون فيها ما يشاءون (تصرف المالك في ملكه).
وما يهمنا هنا هو التبصير بأغراض حزب النور، الذي بدأ يسلك طريق الظلمات؛ فهذا الحزب، وبلغة العارفين والعابدين لله وحده، قد خذله الله في المشاركة في ثورة 30 يونيو، هذه الثورة التي لم يحدث مثلها في تاريخ البشرية منذ خلق الله آدم على وجه الأرض.
إن حزب النور، الذي رفض المشاركة، أوهمهم الشيطان بأنها ستكون ثورة فاشلة، ولو شاركوا الشعب المصري في ثورة فاشلة فسوف يخسرون جماعة الإخوان المجرمين، وهم لا قِبل لهم بعداء هذه الجماعة؛ فآثروا السلامة من هذا المآل، ومثلهم كمثل الذين قال الله تعالى عنهم: (فترى الذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) [52 - المائدة].
فهكذا حزب النور، خاف من المشاركة في ثورة 30 يونيو؛ لأن وساوس الشيطان تغلبت على قياداته، فخذلهم الله سبحانه وحرمهم من المشاركة في هذه الثورة العظيمة، وانطبق عليهم قوله تعالى: (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عٌدّةً ولكن كَرِه الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين. لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمَّاعون لهم والله عليمٌ بالظالمين) [47 – التوبة].
هكذا حرمهم الله من نعمة المشاركة في ثورة 30 يونيو، وهكذا جعلهم الله يتحسرون على عدم المشاركة؛ لأنه حرمهم من فرصة النصر: (ويومئذٍ يفرحُ المؤمنون بنصر الله)، فقلوب قيادات حزب النور الآن تعصرها حسرة التخلف عن المشاركة وحسرة عدم الفرح بنصر الله مع المؤمنين من أهل مصر كلها، وإذا وجد العابد أو العالم نفسه ينتقل من خزي إلى خزي ومن خذلان إلى خذلان، فعليه أن يقف مع نفسه وقفة وينظر لعبادته لله التي نُزع عنها المعية الإلهية، وأوكلهم الله لأنفهسم ينتقلون من الخذلان بعدم المشاركة في ثورة 25 يناير والإفتاء بحرمة الخروج على “,”محمد حسني“,”، إلى الخذلان بعدم المشاركة في 30 يونيو والإفتاء بحرمة الخروج على “,”محمد مرسي“,”.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): “,”لأنا من غير الدجال أخوف عليكم من الدجال، فقيل: وما ذلك؟ فقال: الأئمة المضللين“,”.
وقال: “,”من ازداد علمًا، ولم يزدد هدى لم يزدد من الله إلا بعدًا“,”.
وقال: “,”لا تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولتماروا به السفهاء ولتصرفوا به وجوه الناس إليكم، فمن فعل ذلك فهو في النار“,”.
وقال: “,”إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه“,”.
وهكذا نرى حالات التخبط الدائمة لقيادات حزب النور، التي تدل على أنهم ليسوا على هدى، وفي قلوبهم مرض، فعندما وقف أحد الدعاة السلفيين يدعو من فوق منصة الإستاد أن يهلك الله أهل مصر كما أهلك عادًا وثمود، وظن هذا الضال أن المسلمين في مصر هم من معه في الإستاد فقط؛ لم نسمع أي استنكار لقيادات حزب النور لمثل هذا الدعاء الذي فيه عدوان، (والله لا يحب المعتدين)، ولكن يبدو أن هذا الدعاء لامس المرض الذي في قلوبهم فاستطيبوه، فخذلهم الله وخذل هذا السفيه الضال، وانطبق عليهم قول الله تعالى: (إن تستفتِحوا فقد جاءكم الفتح). هكذا وقف هذا الضال يدعو على 80 مليون مسلم، ويطلب من الله النصره ظنًّا منه أنه يحتكر الفضل عند الله، فأخذه الله، وحبس أميرهم “,”محمد مرسي“,” بتهمة الخيانة العظمى والتخابر والاستقواء بأمريكا قبلة الصليبيين الحديثة .
ولأنهم أصبحوا يدارون وجوههم خجلاً؛ أوكلوا أمر المصالحة للأزهر الشريف، والذي ما وُجدت هذه السلفية الخليجية إلا لتدميره وتكفير علمائه وتشويه صورتهم عند الناس. ولجوء الدعوة السلفية للأزهر دائمًا ما يكون من أجل تحرير وجة نظرهم إلى الناس، ويكفي ما رواه الشيخ أحمد كريمة بأنهم هاجموا جامعة الأزهر أثناء امتحانات كلية أصول الدين، وقاموا بتوزيع 30 ألف نسخة من كُتيّب مكتوب من أحد علماء السعودية ومطبوع في السعودية يصف فيه أئمة الأزهر الذين على مذهب أبي حسن الأشعري والأشاعرة، من وجهة نظره، أنهم كفرة، وإن كنا نحن لا نوافق أبي الحسن الأشعرى في بعض ما ذهب إليه من تأويل بعض صفات الباري سبحانه، مخالفًا في ذلك مذهب السلف الصالح، إلا أنه لم يقل أحدٌ أبدًا بكفر من ذهب مذهب أبي الحسن الأشعري، بل إن أغلب فقهاء أهل السنة الجهابذة على مذهب الأشاعرة، ومنهم الإمام ابن حجر العسقلاني وغيره.
إن فكرة هدم الأزهر من أهداف السلفية الخليجية، التي يمثلها حزب النور السلفي، الذي لم يستنكر حتى الآن الأعمال الإجرامية لجماعة الإخوان المجرمين من قتل وتعذيب للمواطنين وقطع الطرقات وتخزين كميات مهولة من الأسلحة لاستخدامها لإحداث فوضى في البلاد بكاءً على حكم زائل لم يستطيعوا حفظه ولا صيانته، نعمة أنعمها الله عليهم فكفروا بها، فسلبهم الله هذه النعمة.
إن ما حدث يوم 30 يونيو ليس ثورة ضد حكم الإخوان فقط، ولكنه سخط الله على هذه الجماعة، فمن سخط الله عليه أسخط عليه الناس، ولكن كالعادة حزب النور لا يرى بنور الله، (وكأيِّنْ من آيةٍ في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون).
فما حدث يوم 30 يونيو آية من آيات الله تدل على سخط الله على هذه الجماعة الضالة، ولكن حزب النور لا ينتبه لآيات الله؛ لأنه لا يرى بنور الله، ولكن يرى بنور المصلحة والمنفعة الدنيوية، التي قادته بأن يعرض نفسه على البيت الأبيض، بيت الدعارة السياسية؛ ليقدم نفسه بديلاً عن الإخوان الفاشلين. والأعجب من ذلك أن يتبنى شيخ الأزهر هذه المصالحة التي أطلقها من أهانوه وأهانوا مؤسسة ذات قيمة عالمية رفيعة.
كنت أتمنى أن يستمر شيخ الأزهر، هذا الرجل الطيب السمح، في الاعتكاف باقي عمره ويترك مشيخة الأزهر لرجل لا ترتعش يداه ولا تلتبس عليه الأمور؛ لأنه في تاريخ التحول الثوري للأمم فإن اليد المرتعشة وأصحاب الرؤى الضبابية يكون خطرهم على مستقبل الثورات لا يقل خطورة عن خطر الثورات المضادة.
فالثورة هي مشروع لشعب، هذا المشروع ينجح أو يفشل بفضل المتصدرين للمشهد؛ فإذا كان المتصدر للمشهد رؤيته ضبابية ويده مرتعشة فإن مشروع الثورة، التي بذل فيها الشعب جهدًا لا يفعله إلا كل أمد من الدهر، يكون معرضًا للفشل، فالشعب ليس في حاجة إلى مساعي حزب النور بعد أن قال كلمته التي هي الحكم في الأمر، وينطبق عليها القول العربي: “,”قطعت جُهيزةُ قولَ كلِ خطيب“,”.
الشعب قال وحكم على هذه الجماعة أن تختفي من ساحة الوجود السياسي في مصر، عندما هتف هذا الهتاف الثوري الذي زلزل عرش هذه الجماعة: “,”أنا مش كافر أنا مش ملحد.. يسقط يسقط حكم المرشد“,”. فإن الشعب لم يأمر بعزل الرئيس ورحيله فقط، بل قال: “,”يسقط حكم المرشد“,”، وهذا هو الحكم الثوري الشعبي على مستقبل هذه الجماعة.
وأي إنسان يسعى للمصالحة مع هذه الجماعة إما “,”أهبل“,” لا يعرف حقيقة الإخوان، فلسنا في حاجة إلى نصائح الهبل والمعتوهين والجهلة، وإما خبيث يريد أن يستنقذ هذه الجماعة من المصير المحكوم عليهم من الشعب، وكتبوه هم على أنفسهم، بسفك الدماء وبدعوة الجيوش الأمريكية لتوجيه ضربة للجيش المصري وإعادة المعزول.
وأظن أن حزب النور من الصنف الثاني “,”الخبيث“,”، فلسنا في حاجة إلى نصائح الخبثاء التي هي عبارة عن ألغام توضع لنا في طريق البناء الثوري.
أ. نبيل نعيم