الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هكذا رأيت الله رؤيا العين

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هذا العام كنت قاب قوسين وادنى للذهاب لأداء الحج .. وقبل موعد الطائرة بأيام قليلة طرأت ظروف اضطرتنى لإلغاء السفر ..
قلت قدر الله وماشاء فعل .. وارتضيت بما قدره الله ..
بالطبع كان هناك بعض الحزن داخلى ، لأنى حرمت من اجمل وافضل مايمكن ان يفعله الإنسان طيلة حياته ..
لكن حزنى الأشد كان لأننى كنت أعد نفسي لأن الله أرى الله عز وجل ثانية ..

** نعم هذا حدث .. كيف ؟ دعونى اقص ماحدث :
منذ اربعة سنوات ذهبت لأداء فريضة الحج ، وكان هذا مباشرة عقب وفاة زوجى رحمه الله .. كنت فى حالة شديدة من الأعياء الصحى والضعف النفسي .. الجميع كانوا يخشون على من مشقة الحج ، ويتحسبون لأننى لن استطع إستكماله ..
لكننى استكملته واديته كما لااعتقد ان كثيرين ادوه كما اديته ..

** وبع عودتى كتبت صفحة كاملة فى الجريدة عن التجربة كلها .. رويتها بإسهاب ، موجهة روايتى الى زوجى رحمه الله .. قصصت له كل شئ منذ لحظة الوصول وحتى لحظة السفر .. والاهم كان ماقصصته له عن لقائي بالله عز وجل ورؤيتى له الرؤيا المادية وليس فقط رؤيا الروح والإحساس ..
ولأننى اعيش الشوق المتقد هذه الايام وانا اتابع الحجيج ، اخذت استرجع حجتى السابقة ، واستعيد ماكتبته عن رحلتى ..
واتوقف وتأمل وانام واصحو استعيد ماكتبته عن تفاصيل الجزء الخاص برؤيتى لله عز وجل ..
وهاانا يدفعنى شوقى لأن اضع الأن ثانية هذا الجزء تحديدا كما كتبته انذاك :
** وسط قهرى وحزنى واحساسي بالضياع بعدك .. اتخذت قرارى بالذهاب لأداء فريضة الحج .. وكان الجميع يخشون على بسبب إعيائي وضعفي .. لكنى كان لدى يقين بأنى ينتظرنى هناك شئ ما ، لا اعرف تحديدا ماهو .. شئ ليس فقط الحج بشعائرة ومناسكه التى قرأت عنها وفيها كثيرا قبل سفرى .. لا كان شيئا مختلفا اشعر به لكنى لم اتوصل الي ماهو تحديدا .. شئ كان يدفعنى دفعا لخوض التجربة وحدى وبدونك وانا التى اعتدت مرافقتك فى معظم رحلاتى .. شئ كان يدغدغ مشاعرى واشعر بتحركه داخل قلبي وكأنه نداء ما غامض .. لم يكن نداء الحج الرائع فقط .. بل هو احساس اخر بشئ اخرلم اعرف ماهيته .. وهكذا استمر هذا الإحساس غير المفهوم حتى ازف يوم السفر ..

** وذهبت وحدى بدونك الى الحج ..
وهناك اديت الشعائر والمناسك منذ لحظتها الاولى بكل الإستغراق وكل الإنغماس فيها والتمتع بها والإنسلاخ تماما عما غيرها ..

** ثم جاء يوم وقفة عرفات .. و فى الصباح الباكر غادرت مكان الإقامة متجهة مع من معى الى جبل عرفات .. ومنذ لحظة وصولى على ارض عرفات وجدت نفسي منفصلة تماما عمن حولي ..
لا اراهم ولا اشعر بوجودهم ، ولا اسمع اى ضجيج لحجيج ، ولاارى اى ضوء لشمس كانت بدأت تطل وتغمر المكان بنورها وحرارتها .. كان هناك نور يغمر المكان لكنه نور ليس كأى نور .. ونسيم يلطف الجو ويشرح القلب .. لكنه ابدا ليس بنسيم الدنيا ..
اخذت اتساءل فى صمت وهدوء : اين انا ؟ ومع من انا ؟ ..
وفجأة تنبهت الى الإجابة المهولة .. والغريب اننى بهدوء تلقيتها ..
بهدوء تلقيت اننى اقف امام الله .. وانه لقاء مع الله ..
نعم كان لقاءا مع الله عز وجل .. قابلته ووقفت امامه ورأيته رؤية الروح والقلب التى وصلت بي الى حالة من التوحد الغريب العجيب الرائع ، اوصلتنى الى رؤيته وكأنها رؤية العين ..
نعم هذا ماحدث لي هناك .. رأيت الله عز وجل رؤيا العين .. وظل معى خطوة بخطوة فى كل مناسكي .. شعرت به شعورا ملموسا وهو يدفعنى ويقويني في سعيي وسيري .. شعرت بيديه من خلف ظهرى وانا اصعد جبل الرحمة حتى اعلى مكان فيه رغم جسدي المنهك وحالة ضعفى التي سافرت وانا عليها ..
وعند مكان رمي الجمرات شعرت به شعورا محسوسا يدفعنى من خلفى ( بيديه ) وانا اسير في المكان المخصص للوصول الى نصب الشيطان .. ورأيت طاقة هائلة من النور تعم المكان .. نور اخر جميل مريح .. وهناك فى الأمام كان الله يقف منتظرني ، يتابع تقدمى وينتظرنى بقبول وحبور وطمئنة لي وانا جسدي ينتفض رهبة وخشوعا وفرحة واكاد انسى الجمرات واواصل تقدمى اليه حيث هو هناك امامى .. الى اين والى متى هو امامى لااعرف .. لكنه كان امامى هناك وكنت اليه اسير ولا اسير .. كنت اليه اطير ولا اطير .. لم تكن هناك ارض تحت اقدامى ولم يكن جسدي ذو ثقل ولم يكن الضوء المنتشر في المكان هو نفس الضوء الذي اعتادته اعيننا .. كان الله يحيطنى فى كل مكان ..
وهل تصدق اننى فى تلك اللحظات نسيت تماما حزنى عليك وحزنى على خالد ابنى ونور عيناى ؟! .. انسانى رؤياي لله حزنى الأزلي .. كنت فرحة طائرة بأنه يحيطنى ويملي على واتلقى مايمليه وافعله وانا ارمى الجمرات واستدعى مع كل جمرة ذنب اقترفته وتنهمر دموعى نادمة مستغفرة كارهة هذا الابليس الذي لم ينج من وسواسه احد .. كنت ارمى كل جمرة وكأن ليس في هذا العالم من احد قد اقترف ذنوبا سواي واريد التطهر لأكون مثل كل الناس بلا ذنوب .. نعم كنت اشعر بأن كل الناس طيبة خيرة .. نسيت تماما اى جانب سلبي لاى انسان اعرفه .. الكل بلا سلبيات الكل بلا اخطاء الكل طيبين خيرين بل رائعيين .. وانا فقط من احتاج المغفرة منك ياالله .. من احتاج التوبة بين يديك ياالله .. من اناشدك الرحمة ياالله .. الله مااجمل هذا الشعور ومااروعه .. ان تشعر انك ليس فقط فى المدينة الفاضلة بل فى عالم من الفضيلة وفقط .. ان تدعو لكل اسم يخطر على بالك بالخير والصحة وزوال الكرب .. ويالكثرة الاسماء التى تتوارد على بالك دون تعمد منك رغم بعد اصحابها منك فى الحياة .. والأكثر روعة هو عندما تنتهى من مراسم اللقاء السامي وتضطر ان تستدير لتعود بعد رميك الجمرات ، فإذا بك كأنك بلا قدمين بل بجناحين يحملانك من على الارض بخفة .. كأنك فعلا عدت طفلا وليدا من بطن امه بلا وزن ولااثقال ولااخطاء ولاذنوب .. محملا بالحب الذي يملأ قلبك ونفسك لكل شئ فى هذا الوجود .. محمل برضا لاحدود له بكل شئ .. كل شئ ستجده جميلا ونعمة وفضلا من الله .. حتى الإبتلاءات .. حتى الفقد .. حتى الحزن يصبح حزن متفهما لحقيقة الاشياء .. حزن متوحدا مع ارادة الله وقضاءه .. وتحمد الله وتشكره على نعمة ابتلاءاته وتأخذها داخلك شئ حبيب فكل شئ من الله لابد ان يكون حبيبا ..
وهكذا انا الأن ياحبيبي بعد لقائي مع الله وبعد عودتى من لقاء لم ينته ولن ينته .. لقاء مغروسة تفاصيله داخل روحى وفى اعماقي اصحو عليه وانام به واستعيده وفى كل استعادة اعيشه من جديد تماما كما كان .. وحتما اننى فرحة بميلادى الثانى والأخير والمستمر بإذن الله .. فرحة وانا التى عدت من ضيافة الرحمن لي .. فرحة وانا التى عدت من لقائي بربي مولودة من جديد .. عدت غير التى قد ذهبت تماما .. عدت راضية كل الرضاء مطمئنة كل الإطمئنان .. عدت داخلي مرتاح كل الراحة .. فإطمئن علي ياحبيبي ولاتقلق فانا بخير جدا .. وامامك هنا بعض من البرهان .. اقرأ ماكتبته قبل ميلادى الثاني هذا .. وأقرأ وقارن مااكتبه الأن .. اطمئن تماما فأمامك انا كل البرهان .. وأنا بكل الخير الذي ليس قبله ولابعده خير .. فإنا في حماية الله ، وفى معية الله ، وفى حظيرة من يحبهم الله .. وانا احب الله واحب من يحبهم الله ومن يحبون الله ..
** ويارب اكتب لي العام القادم الحج كى التقيك ثانية يإالهى ياحبيبي ..