الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

أحد أبطال إيلات يروي لـ"البوابة نيوز" أسرار تكشف لأول مرة.. اللواء نبيل عبدالوهاب: عملية الحفار كانت مثل أفلام "جيمس بوند".. عدت بجثمان زميلي مسافة 14 كيلو متر سباحة.. ورجعت من الأردن بـ"شبشب زنوبة"

اللواء نبيل عبدالوهاب
اللواء نبيل عبدالوهاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
*عمليات إيلات 3 وليست عملية واحده.. وتدريباتنا في أبو قير كانت أصعب من رحلة إيلات.
*بين "شطين وميه" تعني بدء العملية، وأغنية "غاب القمر يا ابن عمي" تعني إلغائها. 
*مهاجمه المدنيين وقتل محافظ البحر الأحمر في الزعفرانة؛ كانت السبب في تدمير بيت شيفع.
*سعيد بفيلم "الطريق إلى إيلات" لأن لولاه لما عرف أحد عنا شيئا. 


في مقر عمله المطل على شاطئ الإسكندرية بوجه البشوش، أبحر معنا في ذكريات الأيام والسنوات التي قضاها في خدمة الوطن، تبرق عيناه مع كل كلمة وتختلج أنفاسه عند ذكر رفيقه الشهيد الذي عاد بجثمانه، جلسنا لأكثر من ثلاث ساعات نداعب أوتار الوطنية في نفوسنا.
اللواء نبيل عبد الوهاب، الضفدع البشري الذي دمر إيلات وأصاب إسرائيل في مقتل مع زملائه، يروي في ذكرى احتفالات نصر أكتوبر العظيم حكايات عمليات إيلات الثلاثة، كما لم يغفل ذكر عملية الحفار التي صنع لها فيلم عماشة في الأدغال خصيصًا؛ ليكون غطاء لرجال الضفادع البشرية، وكشف العديد من الأسرار الذكريات البطولية التي عاشاها.. فإلى نص الحوار: 


* كيف كانت نشأة اللواء نبيل عبد الوهاب ؟
- نبيل محمود عبد الوهاب مواطن سكندري، ولدت في الإسكندرية 1947 لأب مهندس زراعي وأم ربة منزل، كنت الأصغر بين أربعة أخوة ذكور الأكبر أستاذ في الجامعة، والتالي كان أخي طلعت ضابط بالقوات البحرية استشهد سنة 1956 في عملية جريئة جدا، وكنت أسمع وقتها قصة بطولته؛ مما فجر العديد من المشاعر القوية داخلي أدت في النهاية إلى الالتحاق بالكلية البحرية.

*كيف كانت بداية العمليات البحرية ضد العدو ؟
-كان ذلك في عملية جميلة وبسيطة، أثبتنا فيها أننا من القوة بحيث نهزم العدو، عندما قامت 2 من لنشات الصواريخ دمرت مدمرة إسرائيلية اقتربت من سواحل بور سعيد لتستفز القوات المصرية، وكانت هذة المدمرة تحمل طلبة الكلية الإسرائيلية في رحلة لمشاهدة بورسعيد المهزومة، وبكل بساطة هاجمتها لنشات الصواريخ وأغرقتها، وأصبح هذا اليوم عيدًا للبحرية المصرية وهو يوم 21 أكتوبر 1967

وكان ذلك بعد مدة قصيرة جدا من النكسة، وكان الجرح ما يزال حيا، ومن هنا توالت عمليات القوات البحرية بعد ذلك بقيادة اللواء محمود فهمي عبد الرحمن قائد القوات في ذلك الوقت، الذي استخدم جميع قواته وإمكانياته لمجرد إقلاق العدو.
كما قامت القوات البحرية بالعديد من العمليات خلال حرب الاستنزاف كاغراق قناصتنا لغواصة إسرائيلية أمام سواحل الإسكندرية في منطقة سبورتنج وكان اسم الغواصة داكار، وأيضا تم تدمير مواقع تجمع العدو في رمانة وبالوظة، إضافة إلى عملية الحفار.
*ما هي تفاصيل عملية الحفار.. وكيف تم تدميره؟
-هذه العملية تمت خارج مصر وهي قصة كافلام جيمس بوند، كانت إسرائيل قد أتت بحفار من كندا؛ للتنقيب عن البترول في خليج السويس وكانت إسرائيل تحتل الضفة الشرقية وخليج السويس وتسيطر على آبار بترول بلاعيم.

فصدر القرار بتدمير هذا الحفار في عملية قام بها القبطان محمود سعد، واستغرقت هذة العملية الكثير من المجهود والوقت، لأن رجالنا ذهبوا خلفه إلى السنغال وبمجرد وصولهم كان هو قد تحرك إلى أذربيجان إلى أن دمروه في ساحل العاج بعد سلسلة من المغامرات، إضافة إلى أن عملية الحفار كانت عملية متعلقة بعدة دول فهو كندي تقطره قاطرة هولندية لحساب شركة نقل انجليزية، مرورا بأكثر من دولة كاذربيجان وساحل العاج إلى أن يصل إلى مصر؛ لينقب عن البترول فكانت عملية صعبة جدًا لأننا نعمل بدون علم الحكومات.

*كيف واجهتم عقبة العمل دون علم حكومات كل هذه الدول واستطعتم تدمير الحفار ؟
قمنا بعمل حيلة طريفة جدًا حيث تم الاتفاق على تصوير فيلم هناك وكان قيلم "عماشة في الأدغال" من بطولة الفنان محمد رضا خصيصا؛ ليتخفي رجال الضفادع البشرية ضمن طاقم عمل الفيلم، المهم أن نصف الفيلم وصل إلى أذربيجان والحفار بها، وكان مقررا أن يتم تنفيذ العملية في اليوم التالي، وخشية أن يتحرك الحفار قبل أن يصل الباقون تم تدمير الحفار دون انتظار وصولهم، مما تطلب أن يقوم كل فرد من العملية أن يحمل لغمين بدلا من لغم واحد، ولكن للأسف الدراما لم تعطه كامل حقه وخسفت من قيمة العملية.

* ما هي العملية الأمولي التي شاركت في تنفيذها؟
- أول عملية كانت العملية الأولى لإيلات واود أن أوضح أن فيلم"الطريق إلى إيلات" دمج 3 عمليات في يوم واحد، ولكن الواقع والحقيقة أنهم 3 عمليات بين كل عملية، وأخرى نحو 3 أشهر،اشتركت أنا في الأولى التي كانت في يوم 15و16 نوفمبر 69، والثانية كانت في 5 فبراير 70 والثالثة في مايو 1970 اشتركت فيها أيضا، وكانت عملية إيلات الأولى هي أول عملية اشترك فيها في حرب الاستنزاف.
كيف كان استعدادكم للعملية الأولى؟
- عملية إيلات الأولى تم فيها تدمير مدمرتين الأولى داليا والثانية هيدروما يوم 15و16 نوفمبر 67، وكنا في فترة ما قبل العملية في حالة تدريب دائم وقاس، وكنا جميعا نحاول أن يثبت أننا الأكفأ حتى يتم اختيارنا للعملية؛ لذلك كنا نقتل أنفسنا في التدريب طبعا لم يكن عندنا علم بالعملية ولكنها مسالة استعداد حتى نكون جاهزين متى طلبنا.
أما تفاصيل العملية كانت القبطان عمر عزالدين والقبطان حسنين جاويش، وأنا ومعنا 3 صف ضابط وهم: محمد العراقي، وعادل الطراوي، والشهيد محمد فوزي البرقوقي رحمه الله نوبتجية ليلية، ولم يكن ذلك طبيعيًا، ولكن تم تغير جدول النوبتجيات؛ ليتم تجميعنا معا في ذلك اليوم، وفجأة جاء عسكري مراسلة قائد اللواء يطلب حسنين جاويش، ويتأخر حسنين ولا يعود إلينا ثم يأتي نفس العسكري؛ ليطلب عمر عزالدين بنفس الطريقة إلى أن حان دوري، وأخذونا إلى مقر المخابرات في القاهرة، وهناك قضينا ليلتين تم فيها تصويرنا.
وفي اليوم الثالث تم منح كل منا جواز وتذكرة سفر إلى عمان باسماء جديدة ومهن جديدة، وكانت كل المعلومات التي عرفناها أننا متوجهون إلى عمان وليس أكثر، وكنا على ثقة أننا لسنا بمفردنا، وأن كل خطوة نخطوها هناك من يراقبها، ويعد للخطوة التي يليها كانت سمفونية رائعة اشتركت فيها جميع الأجهزة بنفس القدر بدون نشاز واتجهنا إلى المطار كل بمفرده كأننا لايعرف أحدنا الآخر، وقد كان كتب لي في جواز السفر أنني طالب وذاهب إلى الأردن للسياحة، مما أثار شك ضابط الجوازات في المطار.

* ومالذي دفع الضابط للشك ؟ كنا وقتها في فترة امتحانات فكيف لطالب أن يسافر وقتها للسياحة في هذا الوقت، إضافة إلى أنه انتشرت آنذاك ما يسمى بتجارة الشنطة وكانت حقيبة سفري كبيرة وفارغة إلا من ملابس النوم.

*كيف تم التعامل مع هذا الموقف ؟
- لم أعرف كيف أتصرف ولا بماذا أجيب إذا سئلت أكثر من ذلك إلى أن لمحت شخص لا أعرفه يشير إلى ضابط الجوازات أن يتركني أمر، وفهمت من ذلك أنني لست وحدي، وأن هناك من يتابعني من المخابرات.

*وماذا حدث بعد ذلك ؟
- وصلنا للأردن وبقينا هناك ليلتين منتظرين مجموعة أخرى كانت في طريقها إلينا بمعدات العملية والقارب المطاطي وكانت في طريقها إلى العراق من مطار في الحبانية، وبمجرد وصولهم اتجهنا إلى نقطة الانزال عن طريق المهربين على الحدود الأردنية- السعودية بقيادة المرحوم قائد اللواء القبطان رضا حلمي والمهندس المنفذ أسامة مطاوع، وتم تقسيمنا بحيث نصبح 3 مجموعات كل مجموعة مكونة من ضابط وصف ضابط " حسنين جاويش وصف ضابط عادل الطراوي"، و"عمر عزالدين وصف ضابط محمد العراقي" و"أنا وصف ضابط محمد فوزي البرقوقي"، كما رافقنا النقيب على عثمان من الصاعقة البرية وكانت مهمته تيسير الأمور فهو خبير بالصحراء ودروبها، إضافة إلى معلوماته عن الاستطلاع في المناطق الصحراوية والجبلية ولكنه لم ينزل معنا إلى الماء

* ماهو دور المهندس اسامة مطاوع ؟
- المهندس أسامة كان للطوارئ، وفعلا لولا وجوده كان من الممكن أن تفشل العملية لأننا بعد أن نزلنا إلى المياه، وجدنا أن موتور القارب المطاطي لا يعمل وعند فحصه له وجد شيئا تافهًا جدًا حيث وجد التيلة التي تربط عامود الرفاس مكسورة، وقام هو بمعداته بإصلاحها.

* كيف تلقيتم الأمر بالعملية ؟
- في الليلة التي سبقت انطلاقنا لنقطة الانزال جائنا  قائد اللواء ومعه شخص آخر قدم لنا نفسه على أنه سكرتير ثالث في السفارة وعرفنا فيما بعد أنه ضابط مخابرات مصري اسمه إبراهيم الدخاخني واخبرونا بطبيعة المهمة وتلقينا الاوامر وبدانا ندرس صور الميناء والمدمرات حتى نستطيع تحديد اتجاهاتنا ونحن تحت الماء وفي اليوم التالي 9 نوفمبر 69 استقللنا الطائرات واتجهنا إلى نقطة الانزال ومنها ركبنا القارب المطاطي، واتجهنا نحو ميناء ايلات وبعد 24 كيلو مترا في الزوديك حتى اصبحت ايلات على مرمى البصر وبكامل معداتنا لم نجد المدمرات الرأسية في الميناء مما يعني إلغاء العملية.

* وكيف تصرفتم عندها ؟
- لاشيئ قائدنا القبطان رضا حلمي قال لنا اعتبروه تدريبا، بعد أن كنا نتدرب في ميناء أبو قير اصبحنا نتدرب في ميناء ايلات حتى أن تدريباتنا في أبو قير كانت اصعب من رحلة ايلات، وكان لهذه العملية التي لم تتم اثر كبير في رفع روحنا المعنوية وكسرت حاجز الخوف والرهبة عندنا بعدما كنا نسمعه عن أن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الذي لا يقهر ولا يهزم ها نحن اخترقنا هذه الهالة واقتربنا منه وكدنا ننفذ عمليتنا بكل سهولة بدون أن يشعر بوجودنا أحد، المهم اننا رجعنا لنقطة الانزال مع تاجيل العملية وليس الغائها حتى نتحرى مزيد من المعلومات والتخطيط الدقيق في المرة القادمة وعدنا إلى مصر على أن يتم التنفيذ بعد أسبوع.

* وكيف كان هذا التخطيط ؟
- تم التنسيق مع نقطة مراقبة مصرية على حدود العقبة ايلات بعلم السلطات الاردنية وكان فيها ضابط استطلاع وكانت هذه النقطة تستطيع أن ترى ميناء ايلات جيدا بما يرسو فيه من مدمرات وسفن جيدا. وتم الاتفاق على أن يتم التنفيذ بعد أسبوع عندما نتسلم منهم التقرير الذي يفيد برسو السفينتين داليا وهيدروما في الميناء رغم صعوبة عمليات الاتصال في هذه المناطق الجبلية.

* وكيف واجهتم هذه المشكلة ؟
-
طبعا لصعوبة عمليات الاتصال وبعد المسافة كانت حتى الاذاعات لا تصل إلى هناك الا الإذاعة الوحيدة التي من الممكن أن تسمعها هناك هي إذاعة صوت العرب وكانت تشترك معها إذاعة صوت فلسطين على نفس الموجة لذلك تم الاتفاق على أن نتلقى الاوامر من خلال إشارة نتلقاها عن طريق إذاعة صوت العرب وكانت الإشارة هي اغنية بين شطين ومية في حالة وجود السفن، واغنية غاب القمر يا ابن عمي لشادية تعني عدم وجود السفن.

* وماذا حدث يوم 15 و16 نوفمبر ؟
- رجعنا إلى الاردن بنفس الطريقة ومنها إلى نقطة الانزال وفي انتظار الإشارة إلى أن سمعنا اغنية بين شطين ومية ولك أن تتخيلي مدى الفرح الشديد والسعادة التي شعرنا بها، وتم تقسيمنا إلى 3 مجموعات التي سبق أن قلت اسمائهم كل ضابط ومعه صف ضابط مربوطين مع بعض بحبل في يد كل منهما ويطلق على صف الضابط هنا (بدي ) وكل منا يحمل لغم وزنه (50 كجم مملوء T N T ) واستقللنا الزوديك واتجهنا نحو المدمرتين داليا وهيدروما وتمت العملية بنجاح ولم يكن هناك أي خسائر غير شهادة البرقوقي.
* كم قطعتم من المسافة حتى وصولكم الهدف ؟
- اخذنا الزوديك حتى مشارف ميناء ايلات نحو مسافة 24 كيلو مترا واكملنا المسافة سباحة نحو 2 كيلومتر فقط وتخير كل منا المكان المناسب لتركيب اللغم الذي يحمله.

* كيف استشهد الرقيب البرقوقي ؟
- استشهد بما يسمى تسمم الاكسجين وهي حادثة شهيرة جدا ووارد حدوثها في أي وقت حتى اوقات التدريب كما أن حلها بسيط جدا وهو أن يصعد إلى السطح وياخذ نفسا عاديا جدا ولكنه رفض واصر أن يكمل العملية إلى نهايتها، وبعد تركيب لغمه أشار لي تحت الماء بأنه يحتاج الصعود إلى السطح لأنه يشعر بالتعب وما أن وصلنا للسطح كان لفظ انفاسه الأخيرة ورغم أن التعليمات كانت تنص على أن اترك جثته إلا إنني خالفت التعليمات وعدت بالجثمان مسافة 14 كيلومتر سباحة حتى وصلت إلى الاردن.

*لماذا لم تترك جثة الشهيد البرقوقي كما تنص التعليمات ؟
- فكرت في الأمر في اقل من ثانية وجدت أن إسرائيل ماهرة جدا في المجال الإعلامي كانت ستصور الجثمان وتشهر به في وسائل الإعلام ووتتباهى بأنها قتلت واحد من الضفادع البشرية المصرية على حساب الشهيد، إضافة إلى اننى لم استطع أن اتركه فقد كان قريبا من قلبي جدا وفي نفس عمري ولم يكن هناك ما يعرف بفروق الرتب لاني ضابط وهو صف ضابط كنا جميعا اخوة واصدقاء نتدرب ونعمل معا في سلاح واحد وكنت اتمنى أن نعود جميعا سالمين لذلك لم اتردد لحظة أن اعود به حتى ادفنه في بلده، فقررت أن ارجع برفيقي إلى الشاطئ حتى لو كان الثمن أن اتاخر عن الزوديك واكمل المسافة سباحة حتى اصل إلى الاردن وبالتحديد ميناء العقبة.

*وماذا حدث عند وصولك للعقبة ؟
- كانت القيادة قد اوصتنا أنه في حالة الوصول إلى العقبة أن نقول اننا ضباط الضفادع البشرية المصرية القتنا طائرة هيليكوبتر لتنفيذ العملية ولم تعد لتاخذنا وقيادتنا اوصتنا أن نسلم انفسنا اليكم.
المهم وصلت إلى العقبة وطبعا كانت الانفجارات تدوي في المكان وسلمت نفسي إلى حرس السواحل واخبرتهم بما امرتني به القيادة وتم احتجازنا في مبنى الاستخبارات الاردنية وقضينا هناك ليلة ثم اعادونا إلى مصر.

*كيف شعرت وانت ترى النيران وتسمع الانفجارات في ايلات ؟
- انتابني احساسان متناقضان جدا كنت سعيدا جدا لنجاح العملية والحزن الشديد لوفاة زميلي كنت اتمنى أن يكون في يدي شيئ استطيع فعله لأوقظه ليرى نجاح عمليته ويفرح بها معي.

* ماذا حدث عندما عدتم إلى مصر ؟
- في فترة احتجازنا في مبنى الاستخبارات الاردنية اتو لنا ببعض الملابس لاننا طبعا كنا ببدل الغطس فاتوا لي بقميص وبنطلون ولم يجدوا لي حذاء لأن مقاسي كان كبير واستبدلوه ب( شبشب زنوبة ) من باب أي شيئ يؤدي الغرض وعندما عدنا إلى مصر ووصلنا إلى مطار القاهرة اخبرونا أن الفريق فوزي هو وزير الحربية يريد أن يلتقي بنا واخذونا إلى وزارة الحربية وهناك التقينا الفريق صادق رئيس الاركان وكان هناك اجتماع لمجلس الوزراء في وزارة الحربية في نفس الوقت فاضطررنا أن ننتظر بعض الوقت إلى أن قام الفريق صادق واخبر وزير الحربية بوجودنا وطبعا كانت الدنيا قائمة بسبب ما نشر في الجرائد عن العملية وما احدثه ذلك من رفع الروح المعنوية وصدى عالي، المهم عندما علم الوزراء اننا موجودين طلبوا أن يلتقوا بنا عقب انتهاء اجتماعهم وحضرت هذا الاجتماع بالشبشب الزنوبة.

* وبعد انتهاء العملية ووصولكم للقاهرة كيف استقبلك الوالد والوالدة بعد أن سبقتكم اخبار العملية ونجاحها ؟
- طبعا كانوا سعداء جدا فقد كانوا جزءا من الشعب المصري وفرحوا جدا لكوني واحد ممن نفذ وا هذه العملية ،كانوا سعداء اننا نعمل من أجل مصر وليس عملا تقليديا مثل أي موظف

*ما تفاصيل عملية ايلات الثانية ؟
- عملية ايلات الثانية كانت في 5 فبراير 70 وكان الهدف منها تدمير ناقلة الدبابات بيت شيفع وناقلة الجنود بات يم.
وكانت بيت شيفع قد قامت بعملية غير شريفة عسكريا في الزعفرانة على سواحل البحر الأحمر حيث انزلت الدبابات التي قامت بمهاجمة اناسا مدنيين كما هاجموا محافظ البحر الأحمر ودهسوه هو وسائقه داخل سيارته، فكانت حربا غير شريفة وقذرة جدا بالإضافة انهم صوروا هذه العملية بكاميرات التليفزيون كنوع من البروباجندا والتباهي بالعملية فصدرت الاوامر بتدمير بيت شيفع وبات يم وقام بهذه العملية رامي عبد العزيز وعمرو البتانوني ومع كل منهم البدي الخاص به تحت قيادة رئيس الاركان القبطان مصطفى طاهر وبنفس الطريقة التي دمرنا بها داليا وهيدروما والحمد لله لم يحدث أي خسائر بالعكس قام رامي عبد العزيز فيها بعمل بطولي رائع لأن البدي الخاص به احس بالتعب وعدم القدرة على المواصلة وكانت الاوامر تنص أن يرجع كلاهما إلا إنه رفض وأمر رفيقه بان يرجع إلى الزوديك وحمل اللغمين بنفسه وقام بدور زميله إضافة إلى دوره.

* وكيف كان رد إسرائيل على العمليتين الأولى والثانية في ايلات ؟
-بعد العملية الأولى اغارت إسرائيل على قواتنا البحرية الموجودة في سفاجا ودمرت المدمرة القاهر ولنشات الطوربيد،
اما بعد العملية الثانية فقد تم استجواب موشى ديان وزير الحرب الإسرائيلية لأن قيامنا بعمليتين ناجحتين في ايلات كان شيئا مقلقا جدا لها فهي أول عملية حربية تحدث داخل إسرائيل التي لم تكن معتادة ابدا أن تحارب على اراضيها فقد كانت تحارب مصر في سيناء وسوريا في الجولان ولبنان في جنوب لبنان ولا تقترب ابدا من إسرائيل 48لتحقيق الأمن الداخلى.

*وماذا فعلت إسرائيل لتامين ميناء ايلات بعدما حدث ؟
- اخذت إسرائيل 3 إجراءات لتامين ميناء ايلات الأول الشباك التي نصبتها حول الميناء لمنع دخولنا تفتحها طول النهار وتغلقها ليلا، والإجراء الثاني تمثل في زيادة عدد العبوات المتفجرة التي كانت تلقيها في المياه فاصبحت كل دقيقتين بعد أن كانت على مدد متقاربة، أما الإجراء الثالث فهو لا تقضى السفن والمدمرات الليل في الميناء لاننا كضفادع بشرية نعمل ليلا فقط مما يصعب علينا الوصول اليهم نهارا.
*وكيف واجهتم هذه التحديات الجديدة في العملية الثالثة ؟
-قامت القيادة بوضع تعديلات بسيطة جدا على خطتنا الثابتة فبعد غرق بات يم بقي جزء صغير منها ظاهر على سطح الماء فكانت الاوامر أن نذهب اليها ليلا وتختبئ هناك حتى الصباح بحيث نسبح مسافة قصيرة جدا بدون أن يشعر بنا أحد ونلغم السفن ونعود ثانية للاختباء في بات يم حتى المساء على أن نرجع إلى الشاطئ بعد حلول الظلام وكلفت بهذه العملية انا والبدي الجديد لي فؤاد رمزي.
وعمر عزالدين والبدي الخاص به على أبو ريشه في مارس 70 ولكنهم بعد أن وصلنا وجدنا أن الجزء الظاهر من بات يم لا يسمح لنا بالاختباء خلفه فعدنا ادراجنا ولم ننفذ العملية في ذلك الوقت لصعوبة البقاء 24 ساعة تحت الماء على الضفدع البشري وكانت هذه ثالث مرة ادخل فيها ايلات.

*كم عدد المرات التي دخلت فيها إلى ميناء ايلات ؟
- انا دخلتها ثلاث مرات مرتان متعلقتان بعملية تدمير داليا وهيدروما العملية الأولى والعملية الثالثة ،لكن القوات البحرية اقتحمت الميناء 5 مرات

*الم تحدث وفاة الرئيس عبد الناصر وتولي الرئيس السادات رئاسة الجمهورية أي تاثير أو تغيير في العمليات التي كنتم تقومون بها تجاه العدو ؟
- كلا لم يحدث أي تغيير في أي خطط بل بالعكس استمررنا في عملياتنا ضد العدو بدون تغيير إلى أن اوقف السادات حرب الاستنزاف اواخر 70 بعد مبادرة روجرز

*نعود إلى العملية الثالثة وهي تدمير الرصيف البحري لميناء ايلات وكيف تمت رغم الصعوبات التي اشرتم اليها.
- في مايو 70 فكرت القيادة في أن عدم وجود السفن ليلا ليس السبب الذي يمنعنا من تدميرها وتوصلت إلى أنه بتغيير لنوع اللغم بدلا من T N T ) ) وزن 50 كجم اصبحت اللغام أكبر بوزن 125 مملوءة بالاكسجين المضغوط ويتم تثبيتها في الرصيف بحيث تنفجر الالغام عند رسوالسفن إلى جوار الرصيف وضبط التايمر على 12 ساعة بحيث يركب اللغم 12 صباحا وينفجر 12 ظهرا بحيث تكون السفن حينها في وقت ذروة العمل عليها على الرصيف
ونتيجة لهذا التلغيم غير المباشر توقعنا نتيجتين لهذه العملية الأولى:أن ينفجر اللغم ويدمر السفن وهذا ما كنا نطمح اليه، والنتيجة الثانية أن هذا الانفجار قد يحدث عطبا في هذه السفن بحيث لا تستطيع مغادرة الميناء ليلا وعندها نستطيع مهاجمتها ثانية ليلا، وهذا ما كان

* ماذا عن الشباك والعبوات الناسفة الملقاه كل دقيقتين ؟
- الشباك بكل بساطة تم قصها أما بالنسبة للعبوات الناسفة فما كان امامنا شيئ لنواجهها كل ما كان نستطيعه أن نتفادها قدر المستطاع وان لم نستطع ذلك كليا مما اصاب موقتات الالغام التي كنا نحملها ببعض الاعطاب حيث جعلتنا نتقلب في المياه كثيرا ونصعد إلى السطح ونهبط إلى الاسفل مما اثر على الالغام التي نحملها وافسدت جزءا مخروطيا في مقدمة لغم من الالغام هذا الجزء هو المسئول عن غطس اللغم وبفساده يطفو اللغم على السطح فاضطررنا إلى أن نحتضن اللغم كي لا يطفو إضافة أن كل واحد منا كان يلبس حزاما من الرصاص ليساعدنا على الغطس خلعنا احزمتنا وحزمنا بها اللغم إلى أن ثبتنا الالغام في أماكنها.
كما أحدثت العبوة الناسفة هو افساد التايمر فبعد أن كان مقررا أن ينفجر اللغم في الثانية ظهرا انفجر في السابعة صباحا محدثا قوة تدميرية كبيرة جدا دمرت الرصيف الحربي وبعد ساعتين نزلت الضفادع الإسرائيلية لعمل معاينة عن أسباب التدمير واذا باللغم الثاني ينفجر في التاسعة صباحا ومات اثر انفجاره 14 فردا منهم لذلك سميت بعملية تدمير الرصيف الحربي رغم أنه لم يكن هو المقصود ولكن المهم هو النتائج والخسائر التي يتكبدها العدو.

*ماذا حدث بعد عودتكم إلى الاردن كسابق المرات ؟
- ماحدث أن قصتنا بشان الهيليكوبتر فقدت مصداقيتها عند الجانب الاردني برغم فرحتهم كعرب مما كبدناه للعدو من خسائر إلا إنهم احتجزونا قليلا للاستجواب واشياء من هذا القبيل
و وصل أمر احتجازنا للرئيس السادات وكان حينها الملك حسين في القاهرة قال له الرئيس أن رجالي هناك عندك في الاردن وانت هنا ضيفي إلى أن يعودوا سالمين ونستقبلهم هنا سويا.
وطبعا بمجرد وصول هذه الرسالة إلى السلطات الاردنية اطلق سراحنا جميعا لنعود إلى لواء الوحدات الخاصة وهناك استقبلونا استقبال الفاتحين وكرمونا بالميداليات والنياشين إلى أن تم توقيع مبادرة روجرز سنة 70 فتوقفت حرب الاستنزاف بيننا وبين إسرائيل حتى حرب 73 

*كيف ترى عملية ايلات دراميا وهل منحتها حقها الكافي ؟

انا سعيد جدا بفيلم الطريق إلى ايلات لأن لولاه لما عرف أحد عنا وعن العملية شيئا فقد كان سببا في معرفه الناس باحد أبطال مصر وهو الشهيد محمد فوزى البرقوقي والذي قام بدورة عبدالله محمود، إلا إنه ورغم سعادتى بالعمل إلا إن الدراما تدخلت وكان لها لمستها في العمل فلم يكن هناك أي عنصر نسائي في العملية ولم يتمكن الخوف من احدنا قبل العملية بدقائق كما حدث في الفيلم، كما أن الفيلم دمج العمليات الثلاثه في عملية واحده في يوم واحد

*قيل أن أبطال عملية ايلات جميعهم استقالوا من الخدمه اعتراضا على معاهده كامب ديفيد، ما صحه ذلك ؟

ابدا لم يكن لاستقالتنا علاقه بكامب ديفيد فقد كنا قد حققنا نصر أكتوبر وشاركنا في عمليات حربيه مهمه جدا في مقتبل عمرنا، ووجدنا اننا قد انتهى دورنا وليس هناك المزيد لنقدمه.

* ماتقييمك لرؤساء مابعد 25 يناير؟
_لا اريد الحديث كثيرا عن المعزول محمد مرسي لأنه لم يأت الا لتحقيق أهداف معينه للجماعه بغض النظر عن صالح الوطن ،فقد اغضبني جدا احتفاليه أكتوبر 2013 حيث احتفل به قتله صانع النصر ولم يحضره جندي واحد من اصحاب النصر الحقيقيين
كما أن خطاب مرسي الأخير وذكره للشرعية 42 مرة كان يوحى بأنها " النهاية" في حكم الجماعة، وهناك فرق كبير بين حكومة الإخوان والحكومة الحالية.
اما الرئيس السيسي فقد اشعرني بروح الجيش المصرى الذي يقابل الصعوبات والمعوقات دون خوف ويضحى بحياته من أجل وطنه في خطابه يوم 30 يونيو، واتمنى له التوفيق في المهمه الجسيمه التي يحملها على عاتقه، أضافه إلى أن الجيش هو سبب نجاح ثورتي 25 يناير و30 يونيو ووقف خلف الشعب بجميع طوائفه مسيحيين ومسلمين، وجعلهم يتحدثون أمام العالم.