الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التوازن الفكري بين الانتماء والعمالة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن التصور لأي واقع يعد فكرًا، كما يختلف الناس في تصوراتهم حسب درجاتهم العلمية أو المعلوماتية واختلاف بصيرتهم وفروقهم الفردية.. وقد تكون النخبة في أي مجتمع أقل صدقا من فكر الرأي العام حيث يعود هذا الفرق إلى انتماء النخب إلى مدارس وانتماءات فكرية مختلفة عن غيرهم، مما يجعلهم أقل صدقا أو أقل اتزانا من الأفراد المنتمين لواقع المجتمع الذي يعيشونه. فالاتزان لا يعني صواب الفكرة بل قد يعني صواب طريقة التفكير.
إن المجتمعات العربية حبيسة مثلث الجهل والفقر والتفرقة، وهنا أتكلم عن التربية والتعليم والقصور في بناء الإنسان العنصر الأساسي لبناء اي حضارة منذ الخليقة. فالرؤية الواضحة بين العلم والأيمان هو المفتاح الحقيقي لتحقيق الإنسانية ولا أتكلم هنا عن ديانة محددة فكل منا له ديانته ومعتقداته، المهم أن يجمع بين حقيقة ما ينتمي إليه والواقع المتواجد على الأرض فإذا لم نعترف بأخطائنا فلا أمل في تواجدنا بين صفوف الدول المتحضرة ..
فلماذا لا يكون الاتجاه الرئيسي للتنمية هو بناء المواطن الإنسان قبل أي شيء؟
تتعاظم الأمور تعقيدا أمام العالم أجمع بانتشار العملاء والخونة في مصر بالذات بين فئة الشباب، بدلا من البحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التعاظم الخطير الذي يعاني منه كل شاب لديه الطموحات الفطرية بحياة كريمة تحقق له إنسانيته وبالتالي يحقق الحضارة والرقي لوطن ينتمي إليه، فشباب الوطن العربي وبالتحديد الشباب المصري يحتاج بصدق الى إعادة تأهيل وطنية وتربوية في نفس الوقت، ولا يترك هكذا جزافا للأحداث أو الظروف تتلاعب به يمينا ويسارا لتحقيق آماله وأحلامه مستشهدة بمقوله لآينشتاين "العلم من غير دين أعرج والدين من غير علم أعمى"، وقد لا يؤدي سلوك طريق واحد الي نتيجة واحدة نظرا لاختلاف الآراء في القضية الواحدة فلكل مجتهد نصيب والأفكار الكلية او الجزئية هي مجموعة من التصديقات يجري بها العقل بينها لتكون فكرة وكلما كانت التصورات ناشئة من مصادر صحيحة كانت أكثر مناعة عند نقدها.
إن نقطة البداية لبناء مجتمع أو سقوطه هي الشباب وصياغة الرؤية الشمولية الإصلاحية التي تجمع بين العلم والتربية الروحية وسمو الهمة. لأن الصياغة الربانية تهز كل وتر في الإنسان لينخرط بكل كيانه وطاقاته في رفع البناء والانتماء، ولعل هذا ما تم إنكاره مسبقا عن سر التطور الضخم لدولة ماليزيا الإسلامية بسبب اهتمامها الرئيسي بالمواطن الماليزي الإنسان قلبا وقالبا لأنه هو الباني أو المدمر .
تحتاج مصر الي الاقتداء بتلك الدولة التي تعاظمت في وقت لا يعد طويلا في بناء المجتمعات بل هو في عداد التوقيت النموذجي لتحقيق التنمية السريعة بدقة في الأداء والتنفيذ وقد تكون المحفظة الاستثمارية أحد الطرق السريعة والمتنوعة لتحقيق التطور لأنها تعتمد على مجموع استثمارات شركات او أفراد، الهدف منها زيادة رأس المال وتنويع فرص الإنتاج او إنشاء شركتين مرتبط عملهما ببعضهما دون التعرض للمراهنة أو الخسارة المتوقعة كما في أسهم الأوراق المالية بل إنها تخضع لاستراتيجية إدارة المحفظة التي تعطي الحق للمستثمر بالمطالبة بالتعويض في حالة سوء إدارتها.. إن العمل الجماعي في هذا التوقيت الحرج الذي نعانيه من طبيعة الانهيار الاقتصادي العام هو المخرج الرئيسي من تلك الأزمة، ولا مفر من التوازن الفكري والواقعي لتحقيق العدالة الاجتماعية بأقل الخسائر وتحقيق أعلى معدل للنمو.