الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عيد الغلابة تعب وشقاء.. "خبازة رقاق" حكيمة: اللي يعيش لوحده يموت.. فرحتي بتكمل لما يطلع "الخبيز" مفتح للشمس.. اعفوني من العوائد وخففوا تعريفة الكهرباء

خبازة رقاق
"خبازة رقاق"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في ظل تناقضات الحياة، وفى الوقت الذي يتخذ فيه البعض من أيام العيد أياما للمرح واللعب، بدعوى أنها عطلات رسمية، تجد البعض يعلن حالة الطوارئ والتأهب القصوى للعمل بكامل طاقته على مدى الأربع والعشرين ساعة، دون كلل أو ملل، هكذا يكون عيد الفقراء من أصحاب الأيدي العاملة، موسم للرزق، وكما قالتها العجوز الحكيم الحاجة "زينب"، "تموت الحرة ولا تأكل بثدييها"، فهذه قناعتها وثقافتها في الحياة، رغم أميتها وحاجتها وضيق الحال، فهي لا ترتضى بغير أن تأكل من عمل يدها، ورغم كبر سنها إلا إن علامات الرضا والابتسام لا تفارق وجهها، مما جعلها أكثر إشراقا من شباب يائس، ضحكة عريضة تحدت كل التجاعيد والظروف لامرأة مصرية مسنة، أصرت أن يخرج من تحت جناحيها شباب جامعي تربى على مهنة الخبز في مواسم الأعياد التي هي مصدر العيش، حيث إنها تقضى شهر كامل قبل قدوم العيد تسهر فيه ليل نهار أمام فرنها الرابح، الذي أقسم أن يحقق لها ما يكفيها سؤال الناس.
بدأت الحاجة زينب حديثها بضحكة عريضة عندما سألناها عن طبيعة عملها، وقالت "خبازة أد الدنيا"، وأشطر عجوزة في عمل الرقاق والكعك والبسكوت، مضيفة أن رمضان والعيد الصغير والعيد الكبير، مواسم الرزق بالنسبة لها، تصنع فيهم الكعك والبسكويت والرقاق والفطير المشلتت، وأنها استطاعت أن تجذب زبائن دائمين إليها من المناطق المجاورة، إضافة للجيران، موضحة أن ما تتحصل عليه في هذه المواسم يكفيها ويسد حاجتها لشهور.
وبخصوص أسرتها، فهى ام لثلاثة أبناء جميعهم تخرجوا من الجامعة، وجدة لـ 9 أحفاد، جميعهم تربوا من خير الفرن- كما ذكرت.
وعن رأس مالها لمشروعها، أوضحت الحاجة زينب أنه 1000 جنيه تقريبا، تمثل ثمن الفرن والأنبوبة، أما عن رحلتها اليومية مع العمل والإنجاز فهي تستيقظ مبكرا مع آذان الفجر لتؤدي الفريضة، ثم تتناول وجبتها المفضلة من جبن قريش وجرجير مع كوب من الشاي، ثم تسمى الله وتبدأ في عجن الدقيق حتى يختمر، ثم تبدأ في مرحلة الخبز التي تنتهى بسعادة عارمة مع أول رغيف رقاق "مفتح للشمس" على حد تعبيرها.
وعن الدخل الذي تتحصل عليه يوميا تقول "تقريبا بعمل 300 جنيه كل يوم، وليا على كل كيلو رقاقتين، بجمعهم كل أسبوع واهادى بيهم حبايبي وجيراني، ماهو اللي ياكل لوحده يزور، واللي يعيش لوحده يموت".
وبسؤالنا هل صناعة الرقاق، وهل هي مصدر الدخل الوحيد أجابت: انا باخد معاش 400 جنيه بدفع منهم وصل الكهرباء 85 جنيه، ووصل ميه زيهم تقريبا، وبصرف 100 جنيه على العلاج، ويفضل الباقي مصروف لأحفادي لما يحتاجوا حاجه حلوة.
ولهذا اشتكت الأم العجوز من ارتفاع فواتير المياه والكهرباء رغم أنها لا تستهلك غير ثلاث لمبات في بيتها البسيط المكون من غرفة واحدة وحمام ومطبخ، منوهة أنها لا تستخدم أجهزة كهربائية، كما أنها تدفع "عوائد" سنوية تقدر بـ 500 جنيه، مطالبة بإعفائها من هذه المصروفات التي تثقل كاهلها.
وعن استعدادها لأول أيام العيد، تقول: طبعا لازم أجهز الفتة واللحمة لولادي وأبسطهم، وبعدين أسيبهم يفرحوا مع بعض وبخرج أنا للفرن أكمل شغلي، وبالليل ممكن نعمل صنية رز معمر كبيرة ونتجمع مع الجيران ولقمة هنية تكفى ميه.
وعن شهادة الجيران، فقد أشادت الجارة أم أحمد برقاق الحاجة زينب، مؤكدة أنها تأتى من آخر الدنيا لتشتري منها رقاق العيد، لأن جودته عالية، فضلا عن أن وجه الحاجه بشوش ومعاملتها كلها أخلاق، أما الجارة أم عطا فشهدت للحاجة زينب بأنها صاحبة صاحبتها وجدعة ولا تتأخر عن أحد في أي طلب، وأنها عفيفة النفس لا تقبل صدقات من أحد، ورغم فقرها لا تترك محتاج في الحارة.